تسارعت الأحداث بشكل غير مسبوق داخل الفيفا، بعد أن تدخل الأمن السويسري واعتقل مجموعة من كبار هذه المنظمة التي لا تغيب عنها الشمس. الاعتقالات تمت على خلفية لائحة اتهام طويلة على رأسها الارتشاء وتبييض الأموال والتزوير. الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل كانت له تداعيات وصلت الى حدود المغرب الذي وضعته بعض التقارير الصحفية، أنه معني بهذا الملف الحارق، آخرها التسجيلات الصوتية التي أظهرت أن جوزيف بلاتر »تلاعب بنتائج التصويت لصالح جنوب أفريقيا في الصراع على تنظيم كأس العالم 2010 طبعا، لا يهمنا في هذا الملف تقاطعات هذه الفضيحة، بقدر ما يهمنا كيف يتعامل المغرب مع الأجهزة الرياضية الدولية (الفيفا - الكاف) وماهي الآفاق التي تحكمنا، وكيف نشتغل على ملفات ذات حساسية خاصة تجاه هذه المنظمات القارية أو الدولية؟ ما دفعنا لتناول هذه العلاقة المرتبكة بين مسؤولينا الرياضيين وبين هاته المنظمات، هو كثرة الخطوات المتعثرة وغير المحسوبة.. الأمر الذي كانت له تداعيات أثرت بشكل واضح على مسيرتنا الرياضية وعلى سمعة بلادنا. فعلى امتداد سنتين فقط، وجدت الرياضة المغربية عامة، وكرة القدم تحديدا، نفسها في مأزق ومواقف محرجة، كان منطلقها ومنتهاها غياب الكفاءات وعدم القدرة على إدارة الصراع بما يكفي من الديبلوماسية والحنكة، ناهيك عن غياب العلاقات المستقيمة والوازنة مع المنظمات الرياضية الدولية. في أولى الخرجات، إن لم نقل المضحكات، الجمع العام لجامعة الكرة، حيث قدم علي الفاسي استقالته، إذ دخلت الوزارة بشكل فاضح في تفاصيل وصياغة العناوين والأسماء، مما تطلب تدخلا حاسما من الفيفا، يعيد للجامعة استقلاليتها، وألغت الجمع العام مطالبة الجميع باحترام القوانين التي ترسم الحدود بين الدوائر الحكومية والمؤسسة الجامعة. هذا الخروج الخاطئ، اضطر معه الجميع إلى توقيف الآليات في وقت كنا وقتها على أبواب تنظيم كأس العالم للاندية الذي عرف هو الآخر فضيحة من العيار الثقيل، شوه صورة البلد. الأخطاء لم تقف عند هذا الحد، بل طالت أيضا الجمع العام الثاني للجامعة، إذ كثرت التجاوزات وأضحى التحكم من بعد لغة أخرى تحكم الميدان والأشخاص والتقارير. بعد الفضيحة الأولى، جاءت قضية سحب الكاف حق تنظيم كأس الأمم من المغرب بداعي أن بلادنا متخوفة من وباء إيبولا، وعوض أن يكون الملف مفتوحا بيننا و بين الكاف عبر الوسائل والطرق المتاحة، اخترنا طريق إغلاق الباب وركوب صهوة جواد آخر غير جواد المحادثات الموازية والمتوازنة. بعد سحب الثقة وبين العقوبات التي أصدرتها الكاف، دخلنا في منعرجات كثيرة لا تنتهي، إذ أصبحنا مطالبين برفع دعوى أمام هيأة التحكيم الدولية. التي - على كل حال - أنصفت البلد وغيرت من مجرى الأمور. هذه هي أبرز عناوين أزمة التسيير وأزمة التدبير في ملفات كبرى نطل عليها من خلال هذا الملف الذي نعد فيه قضايا أربكت حساباتنا. تأسيس العصبة الإحترافية ...الامتحان الذي رسبت فيه جامعة لقجع أمام الفيفا شكلت العصبة الاحترافية التي تم تأسيسها مؤخرا إحدى أبرز المواجهات بين جامعة لقجع والجامعة الدولية قبل أن يصبح رئيس الوداد البيضاوي أول رئيس للعصبة الاحترافية المغربية لكرة القدم. تلك الهيأة التي ستشرف على تنظيم دوري المحترفين في قسميه الأول والثاني . قبل ذلك لم يكن المسار سهلا . فقد نزلت الجامعة الدولية لكرة القدم بكل ثقلها لتقويم الاعوجاجات والأخطاء التي ارتكبها صناع مشروع العصبة خاصة فيما يتعلق بالقوانين المنظمة من جهة ولرفض الأندية المغربية المعنية بالعصبة برزنامة من الصلاحيات التي ظلت في محفظة الجامعة التي يرأسها فوزي لقجع. الجامعة الدولية التي وضعت قانونا نموذجيا لنظام العصبة الاحترافية وجدت العديد من الثقب داخل الصيغة النهائية لقانون العصبة الاحترافية، الذي وفي مقدمتها عدم قبولها لهيمنة الجامعة المغربية على العصبة الاحترافية وخاصة الفصل 23، والذي ينص على أن المكتب المديري للعصبة الاحترافية يتكون من أعضاء منتخبين في الجمع العام والذين يشكلون الثلثين، وأعضاء معينين من طرف رئيس الجامعة، كما رفضت الفيفا الفصل 34 والذي ينص على أنه لا يمكن سحب الأموال إلا بتوقيعين مقترنين، لرئيس العصبة والكاتب العام للهيأة ذاتها والمعين من طرف رئيس الجامعة، وفي حالة غياب الأخير أو تعذر عليه ذلك لسبب من الأسباب فإنه ينوب عنه المدير المالي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. استقلالية القرار داخل العصبة الاحترافية يعتبر أحد أهم المبادئ التي يدافع عنها المنتظم الدولي. الأمر الذي ظل غائبا عن الجامعة التي ركبت صهوة التحكم من بعد وأصرت على أن تظل العصبة الاحترافية منضبطة داخل قسم يشرف عليه كبار الجامعة. وغاب عن أصحاب القرار الجامعي الذين ربما لم يضطلعوا على القانون النموذجي الذي صاغه فقهاء الفيفا على أن الأمور ليست فقط نوايا ومتمنيات بل هي بالأساس مسلكيات وطرق سيلر من القوانين ومن المبادئ التي يجب أن تتحكم في تأسيس العصبة الاحترافية. لذلك كان لابد وانسجاما مع الترسانة القانونية التي ترسم الطريق أن يتم تأجيل طرح مشروع قانون العصبة الاحترافية، للمصادقة عليه، في اللجنة المُكلفة بدراسة المشاريع الفيفا . ولم تجد جامعة لقجع من بدا سوى أنها قامت بمراسلة الفيفا لطلب مهلة ثلاثة أشهر من أجل استكمال تشكيل المكتب المديري للعصبة الاحترافية التي تم تشكيلها رسميا بالصخيرات مؤخرا. ولم يكن ممكنا إطلاقا تأسيس العصبة الاحترافية لو لم توافق الفيفا على مشروع العصبة . وبالفعل حضر ممثلون عنها إلى المغرب قبل أن يسلم للجامعة مفتاح التأسيس بعد إدخال مجموعة من التعديلات على المشروع كي يكون متناغما مع مقتضيات قانون الكرة الذي يعمل به الإتحاد الدولي . وطالب الفيفا بشكل صريح وواضح بعدم التدخل في اختصاصات العصبة التي هي مخولة لوحدها الإشراف الفعلي على تنظيم وتدبير البطولة الأولى والثانية. بما فيها الجانب المالي. ويذكر أن ملف تأسيس العصبة الاحترافية كان من الامتحانات التي رسب فيها القادة الجدد داخل الجامعة ولم يستحضروا تلك الدروس التي تلقنوها حين رفضت ذات الهياة الدولية القبول بنتائج الجمع العام الأول للجامعة الذي عرف صعود فوزي لقجع خلفا للفاسي الفهري الذي استقال من مهامه لأسباب مازالت مجهولة.