أدار الاميركي تشاك بليزر ظهره إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، بعدما كان أحد أركانه، وتحول إلى مخبر أساسي في حملة تطهيرية واسعة، تسعى لتركيع مسؤولي الكرة المستديرة. لم يعد بليزر (70 عاما)، الذي يعانى من سرطان القولون، الرجل المهيب في عالم كرة القدم منذ اعترافه بالذنب في نونبر 2013، إثر سلسلة طويلة من اتهامات السلطات الأميركية: احتيال، تحويلات مزورة، تبييض أموال، تهرب ضريبي وفشل في تسوية حساباته في الخارج. ويواجه الأمين العام السابق لاتحاد كونكاكاف (اميركا الشمالية والوسطى والكاريبي) والعضو السابق في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي، وهما منظمتان تحت المجهر الدولي راهنا بعد اتهام 14 مسؤولا كبيرا بتهم فساد يوم الأربعاء، خطر السجن لعشر سنوات بسبب اتهامات مصرفية وخمس سنوات لتهربه من الضرائب بحسب العدالة الاميركية. واستفادت السلطات الأميركية من مشكلاته القضائية، وخصوصا من تهربه بدفع ضريبة الدخل على ملايين الدولارات تقاضاها عندما كان يتبختر بجانب نجوم اللعبة، حيث أقنعته بالتعاون معها في تحقيقات الفساد. وبحسب صحيفة «نيويورك دايلي نيوز»، أصبح بليزر، الشخصية الرياضية الرقم واحد في الولاياتالمتحدة خلال فترة سيطرته على كرة القدم الأميركية لمدة 20 عاما، عميلا لمكتب التحقيقات الفدرالي «أف بي آي» ولسلطات الضرائب الأميركية «أي آر أس»، للإيقاع بزملائه من المسؤولين الرياضيين الفاسدين في كرة القدم العالمية. ومكن ميكروفون صغير زرعته السلطات في علاقة مفاتيحه من تسجيل سلسلة من فضائح كبار مسؤولي اللعبة خلال ألعاب لندن 2012 الأولمبية، قبل توجه بلايزر إلى لندن تحت مظلة المحققين الجنائيين، وأجرى اتصالات بمسؤولين رياضيين من روسيا والمجر وأستراليا والولاياتالمتحدة للاجتماع بهم وتسجيل محتوياتها، وفق ما أراد المحققون. ومن بين الذين دعاهم بلايزر للقاء معه مسؤولون عن ملف روسيا لاستضافة مونديال 2018 وأستراليا لمونديال 2022، على غرار أليكسي سوروكين، رئيس الملف الروسي، فرانك لوي، رئيس الملف الأوسترالي، أنطون بارانوف سكرتير فيتالي موتكو رئيس اللجنة الروسية المنظمة لمونديال 2018 ورئيس اتحاد المبارزة فيتالي لوغفين، بالإضافة إلى المجري بيتر هارغيتاي، مستشار السويسري، جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي، لكن لم يقبل معظمهم دعوته على غرار مواطنه ألن روثنبورغ، الشخصية القوية في استضافة الولاياتالمتحدة لمونديال 1994. و»فتح تعاون بليزر مع المحققين الأميركيين نافذة نادرة على كواليس التمويل الدولي للعبة، وهو عالم معروف بانغماسه بالفساد» بحسب ما رأت الصحيفة. فالرجل البدين صاحب اللحية الطويلة والشعر الأبيض الكثيف كان له الفضل بحسب البعض بتعزيز اللعبة ما وراء الأطلسي، برغم أنه لم يداعب الكرة بحياته، وساهم بوصول اللعبة التي يطلق عليها اسم «سوكر» في الولاياتالمتحدة إلى ما هي عليه اليوم. لكن بعد نزوله إلى الجحيم في 2013، كان قد بنى سمعة سيئة بإساءة استعماله السلطة: طائرات خاصة، فنادق خمس نجوم وعطل سخية. وعرف بلقب «السيد 10 في المائة» في إشارة إلى الرشاوى العديدة التي كان يطلبها، لكن بعد إقراره بالذنب تمت مصادرة 1،9 مليون دولار من حساباته، ويجب أن يدفع مبلغا ثانيا بعد الحكم عليه، علما بأن لجنة الأخلاقيات زجت باسمه من بين الموقوفين فجر الأربعاء عن ممارسة أي نشاط كروي. وابتلع بليزر، عضو مكتب فيفا التنفيذي بين 1996 و2013، أكثر من 21 مليون دولار بفضل عالم الكرة، تم دفع معظمها بحسابات خارجية بحسب موقع «باز فيد» العام الماضي. واستفاد من هذه الثروة لشراء أملاك مترفة في نيويورك وميامي والباهاماس، وبحسب بعض المصادر، شقة باهظة الثمن من أجل قططه. وتم إيقاف بلايزر من طرف الاتحاد الدولي في ماي 2013 لمدة ثلاثة أشهر لاتهامه بمخالفات مالية، حين كان يشغل منصب أمين عام اتحاد الكونكاكاف، ثم استقال في صيف 2013 من منصبه مختفيا عن الساحة الكروية، وذلك بعد أن فتحت غرفة التحقيقات التابعة للجنة الأخلاقيات تحقيقا ضده فيما يتعلق بالتقرير النهائي للجنة النزاهة في اتحاد الكونكاكاف، والذي أظهر أن بليزر والترينيدادي جاك وارنر ، الرئيس السابق للكونكاكاف، «ارتكبا مخالفات فساد خلال إدارتهما للاتحاد».