البطولة: الجيش الملكي يرتقي إلى الوصافة عقب انتصاره على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    مقتل تسعة أشخاص في حادث تحطّم طائرة جنوب البرازيل    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    جثمان محمد الخلفي يوارى الثرى بالبيضاء    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    ملتقى النحت والخزف في نسخة أولى بالدار البيضاء    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في السياق المغربي وشروط النجاح»

استرشادا بالمبادئ التوجيهية التي اعتمدتها اللجنة الفرعية لمنع التعذيب بشأن الآليات الوقائية الوطنية، ولاسيما المبادئ المتعلقة بضرورة تحديد الآلية الوقائية الوطنية عن طريق "عملية مفتوحة وشفافة وشاملة تشارك فيها مجموعة واسعة من الجهات المعنية، بما فيها المجتمع المدني"، اختار المغرب إطلاق مسلسل التفكير في الآلية الوطنية قبل الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب في 24 نونبر 2014.
وتأتي هذه الندوة الدولية تتويجا لهذا المسار التحضيري الذي تميز بتنظيم خمس تظاهرات منذ مطلع سنة 2009، حيث نظمت المؤسسة الوطنية في فبراير 2009 ندوة حول "إعمال البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب" بشراكة مع جمعية الوقاية من التعذيب. وفي شتنبر 2011 نظم المجلس الوطني بشراكة مع المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان وجمعية الوقاية من التعذيب الندوة رفيعة المستوى حول "دور المؤسسات الوطنية الإفريقية لحقوق الإنسان في مجال الوقاية من التعذيب" والتي اختتمت أشغالها باعتماد إعلان الرباط تحت عنوان "قارة موحدة ضد التعذيب". وفي يونيو 2012 شارك المجلس الوطني في ورشة عمل جهوية حول "الوقاية من التعذيب في سياق التحولات الديمقراطية"، نظمتها المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان وجمعية الوقاية من التعذيب. كما نظم المجلس الوطني دورتين تكوينيتين حول الوقاية من التعذيب بمساهمة مجلس أوروبا (شتنبر وأكتوبر 2014).
ولتحضير الأرضية الملائمة لإعمال فعلي لمقتضيات البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب بادر المجلس الوطني في أواخر غشت 2013 إلى إنجاز دراسة مقارنة بشأن إحداث الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب، مكنت من تسليط الضوء على الممارسات الفضلى المعتمدة من لدن بعض الآليات الوقائية وكذا على المزالق الواجب تجنبها من طرف الدول التي تخوض غمار تجربة تعيين آلية وطنية للوقاية من التعذيب.
ومساهمة منها في إثراء الفكر والحوار بخصوص الآلية الوقائية الوطنية تناولت الدراسة المبادئ التوجيهية العامة بشأن الآليات الوقائية، والشروط المتعلقة بهيكلة الآليات الوقائية ومقارنة بين عمليات تعيين هذه الآليات وهيكلتها في الدول التي قامت بإنشاء آلياتها الوقائية الوطنية ، قبل أن تختتم بخلاصات حول أفق تعيين الآلية الوقائية الوطنية في السياق المغربي.
وقد أبرزت الدراسة المقارنة أن ثلثي الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري التي تتوفر على آلية وطنية اختارت إسناد هذه المهمة لآلية قائمة (65%) في حين أن 25% من الدول الأخرى اختارت إنشاء آلية جديدة، بينما اختارت الفئة الباقية (10%) آلية متعددة.
واعتبارا للسياق المغربي، توصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن المجلس الوطني يتوفر على العديد من نقط القوى التي تجعله مؤهلا، بعد إدخال بعض التعديلات، لأداء مهام الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.
أولا : أبرز نقط القوة التي تؤهل المجلس الوطني لحقوق الإنسان للقيام بدور الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب :
1- إذا كان البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب يوصي الدول الأطراف بأخذ مبادئ باريس بعين الاعتبار بمناسبة إنشاء الآليات الوقائية الوطنية، فإن المجلس الوطني يستوفي هذا الشرط بالنظر إلى اعتماده من قبل لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان كمؤسسة موافقة لمبادئ باريس الناظمة للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، اعتبارا لولايته الواسعة في مجال حقوق الإنسان، ولتعددية تشكيلته واستقلاله وأساسه الدستوري؛ وهو ما مكنه من تجديد اعتماده من درجة "أ" منذ 2011.
2- اكتسبت هذه المؤسسة شرعية دستورية بعد تكريسها من قبل القانون الأسمى للمملكة منذ الفاتح من يوليوز 2011. ويشكل هذا الأساس الدستوري ضمانة لاستدامة واستقلالية المؤسسة وشمولية ولايتها وتعددية تكوينها، وهي الشروط التي تستجيب لمتطلبات البروتوكول الاختياري وتعتبر ضرورية لوظائف الآلية الوقائية الوطنية. (الفصلان 159 و161 من الدستور)؛
3- إن الأساس الدستوري للمؤسسة الوطنية على وشك أن يعزز بأساس تشريعي بعد اعتماد مشروع تعديل القانون المتعلق بالمجلس الوطني من طرف البرلمان وفق ما ينص عليه الفصل 171 من الدستور، وهو ما يستجيب بصفة كاملة لمبادئ باريس ويعزز وضع المجلس وشرعية استضافته للآلية الوقائية الوطنية؛
4- توفر المجلس الوطني على آليات جهوية قمينة بتحقيق حماية القرب : اعتماد المجلس الوطني في تركيبته على 13 لجنة جهوية لحقوق الإنسان تضمن له تواجدا في جميع أنحاء التراب الوطني وتتبعا منتظما على أساس مقاربة محلية؛
5- إن التركيبة التعددية والتشكيلة المتعددة الاختصاصات التي تميز المجلس الوطني تشكل كذلك نقطة قوة إضافية. تتشكل تركيبة المجلس أساسا من المجتمع المدني (90%) ولاسيما من جمعيات حماية حقوق الإنسان والنهوض بها وتعتبر هذه التركيبة المتنوعة للمجلس من حيث مصدر الأعضاء وتخصصاتهم ومقاربة النوع الاجتماعي المعتمدة، معطيات ملائمة لمقتضيات البروتوكول؛
6- بالإضافة إلى تركيبته الداخلية، يتميز المجلس الوطني بعلاقاته الوطيدة مع العديد من منظمات المجتمع المدني التي تربطها به العديد من اتفاقيات الشراكة والتظاهرات المشتركة. إن قدرة المجلس الوطني على التعبئة وإشراك المنتظم الوطني لحقوق الإنسان إضافة إلى تعدد اختصاص أعضائه، تتناغم مع مقتضيات البروتوكول الاختياري الذي ينص على إشراك المجتمع المدني في تشكيل وعمل الآليات الوقائية الوطنية وضرورة التوفر على فرق متعددة الاختصاصات وذات كفاءة؛
7- تعتبر تجربة المجلس الوطني في مجال زيارة أماكن الحرمان من الحرية، وإنجاز التقارير والوساطة راسخة بالنظر لعدد الشكايات التي يعلجها مركزيا وجهويا وعدد الزيارات المنجزة والتقارير المنشورة. فالمجلس راكم خبرة طويلة خلال السنوات 25 التي قضاها في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. كما أن تجربته المكتسبة من خلال زيارة أماكن الحرمان من الحرية وإعداد التقارير الموضوعاتية الخاصة بها، عززت معرفته بخصوصيات نظام السجون وبالوساطة والتفاوض مع السلطات المعنية، وأكسبته مصداقية لدى السلطات العمومية والمجتمع المغربي؛
8- إن مصداقية المجلس الوطني جعلته يكتسب اعتراف العديد من الأطراف الموثوقة، من قبيل المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، خوان منذيز، الذي نوه بتجربة المجلس الوطني في مجال زيارة أماكن الحرمان من الحرية واستقلاليته ومصداقيته (واعتبر على وجه الخصوص أن المجلس الوطني هيئة مستقلة وذات مصداقية عالية ولتقاريرها وزن معنوي كبير).
ونفس الاعتراف بدور المجلس الوطني جاء على لسان الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي ومقررة لجنة الشؤون السياسية والديمقراطية بالجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
نفس الموقف سجل كذلك من خلال الملاحظات الكتابية للمغرب بخصوص تقرير المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب (4 مارس 2013) حيث صرح التقرير الحكومي على وجه الخصوص في الفقرة 28 بما يلي: " في الوقت الراهن، يقوم المجلس الوطني، بحكم الواقع وبحكم القانون، بوظيفة الآلية الوقائية الوطنية في إطار السلطات المخولة له بمقتضى المادتين 10 و11 من الظهير المؤسس له".
ويشكل هذا الاعتراف ضمان للتعاون المثمر من أجل إعمال توصيات الآلية الوقائية الوطنية، هذه التوصيات التي أصبح لها وزن أكبر لإمكانية تقديمها أمام مجلسي البرلمان. نفس الفرصة يمكن أن تتاح للتوصيات والتقارير الصادرة عن الآلية الوطنية للوقائية من التعذيب.
وعلاوة على ذلك، فإن الامتيازات المتاحة للمؤسسات الوطنية المعتمدة من درجة "أ" كما هو الحال بالنسبة للمجلس الوطني، بمناسبة تفاعلها مع المنظومة الأممية لحقوق الإنسان، يمكن أن تستفيد منها بالتبعية الآلية الوقائية الوطنية؛
9- كما يستند المجلس الوطني على مقتضيات واضحة من شأنها تيسير دوره كآلية وقائية وطنية : وفقا للمادة 10 من الظهير المؤسس للمجلس فإن هذا الأخير يساهم في تفعيل الآليات المنصوص عليها في المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والبروتوكولات الاختيارية التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها. وتخول المادة 11 للمجلس زيارة أماكن الحرمان من الحرية، وإعداد تقارير حول هذه الزيارات يرفعها إلى السلطات المختصة. كما تنص المادة 12 على إلزام السلطات العمومية المعنية بتقديم جميع التسهيلات اللازمة التي من شأنها أن تمكن المجلس من القيام بمهامه في أحسن الظروف. وتعتبر هذه المهام الأولية موافقة لمقتضيات البروتوكول الاختياري؛
10- يلعب المجلس كذلك دور الوساطة بين المواطنين والسلطات المختصة (سلطة التدخل الإستباقي الذي تكرسه المادة 9 من الظهير المؤسس للمجلس)، ومن شان ذلك تيسير الحوار الضروري لمزاولة مهام الآلية الوقائية الوطنية (وقد أجرى المجلس الوطني، على سبيل المثال، 15 مهمة في مجال التحريات والوساطة في حالات التوتر التي من شانها أن تؤدي إلى انتهاكات حقوق الإنسان)؛
11- أعرب المجلس الوطني في عدة مناسبات عن إرادته واستعداده للقيام بمهمة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بالتعاون مع جمعيات المجتمع المدني، والسلطات العمومية وكل الأطراف المعنية؛
12- إن من شأن إنشاء آلية وطنية وقاية بالمغرب، قوية، مستقلة، مهنية، ذات مصداقية ومزودة بإمكانيات بشرية ومادية ولوجستية ومالية كافية للقيام بمهامها أن تشكل ضمانة ضد محاولات تسييس حقوق الإنسان؛
13- تفيد التجارب الدولية المقارنة تفضيل الدول الأطراف في البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب الاختيار القائم على إسناد مهمة الآلية الوقائية الوطنية إلى المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، فمن بين الدول الأطراف التي تتوفر على آلية وقائية وطنية، هناك 40 دولة (الثلثين) أسندت مهمة الآلية الوقائية إلى مؤسسة وطنية قائمة، بينما أسندت 14 دولة مهمة الآلية الوقائية لمؤسسة جديدة (الربع) في الوقت الذي اختارت فيه سبع دول آليات متعددة. ويلاحظ أن الدول الإفريقية الثلاث التي اختارت إسناد مهمة الآلية الوقائية لمؤسسة جديدة ( نيجيريا السنغال وتونس) لم تكن تتوفر مؤسساتها الوطنية على الاعتماد من درجة " أ"، حيث إنها لم تكن موافقة لمبادئ باريس. ونفس الملاحظة تنطبق على بعض الدول الأمريكية والأوروبية، التي اختارت مؤسسة جديدة لعدم توفرها على مؤسسة وطنية موافقة لمبادئ باريس (البرازيل، الهندوراس، قيرغيزستان، ليختنشتاين، باراغواي، هولندا، السويد وسويسرا)؛
14- أثبتت التجربة أن الشراكة بين المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني تساعد في التغلب على التحديات المتعلقة بالخبرات والموارد التي غالبا ما تواجه المنظمات غير الحكومية، بحيث يمكن تعزيز التكوين التعددي للمجلس الوطني، الذي يتشكل في غالبية العظمى من المجتمع المدني، بممثلين جدد للمجتمع المدني المتخصص في مراقبة المؤسسات السجنية ومؤسسات إعادة الإدماج والحماية؛
15- تموقع المجلس الوطني كقوة اقتراحية في مختلف الأوراش المتعلقة بتنزيل مقتضيات الدستور والالتزامات التعاهدية للمغرب، وتوفره على رأس مال علائقي قوي يمكن تعبئته من أجل النهوض بجميع الأنشطة المتعلقة بالوقاية من التعذيب؛
16- مكنت تجربة المجلس الوطني من تطوير وظائف وقائية متنوعة من خلال الزيارات المنتظمة لأماكن الحرمان من الحرية، والخبرة المكتسبة في مجال الملاءمة القبلية والبعدية للنصوص القانونية الجاري بها العمل ومشاريعها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي يعتبر المغرب طرفا فيها، وكذلك من خلال تنظيم عدة دورات تدريبية ونشر أزيد من 136 مؤلفا ومذكرات وآراء استشارية وتقارير، ساهمت بشكل استباقي في نشر ثقافة حقوق الإنسان والوقاية من انتهاكها؛
17- الحرص على ضمان تناسق وانسجام المشهد المؤسساتي لحماية حقوق الإنسان بالمغرب وتجنب تفتيت النظام الوطني لحماية حقوق الإنسان من خلال إنشاء عدد كبير من المؤسسات التي ليست بالضرورة في صالح المواطن، تفسر الدعوة إلى اسناد الاختصاصات المتعلقة بآلياة الوقاية من التعذيب، وآلية حماية حقوق الطفل وآلية الوقاية من التمييز وآلية حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، إلى المجلس الوطني. وسيكون من شأن ذلك:
* تعزيز البعد الوقائي في مجال حماية حقوق الإنسان؛
* ترشيد أفضل للتكاليف والوسائل والموارد المخصصة لحماية حقوق الإنسان؛
* تكامل أفضل مع نظام الحماية القضائية لحقوق الإنسان.
18- إن إسناد مهمة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب إلى المجلس الوطني سيمكن كذلك من توسيع مراقبة عمل الآلية الوقائية من طرف لجنة التنسيق الدولية التي ستقيم احترام المؤسسة الوطنية لالتزاماتها بموجب البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب وتستند على ذلك في تقييم اعتماد المؤسسة الوطنية؛
19- إن إسناد مهمة الآلية الوقائية الوطنية للمجلس الوطني سيعزز استقلال أعضاء الآلية الوقائية الذين سيستفيدون بالتبعية من الضمانات المتعلقة بحصانتهم بمناسبة ممارستهم لمهامهم.
ثانيا: التعديلات الهيكلية التي يتطلبها إسناد مهمة الآلية الوقائية الوطنية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
ينكب المجلس الوطني على تدارس بعض القضايا ذات الطابع المؤسساتي التي تروم الامتثال أكثر لمقتضيات البروتوكول الاختياري. ويمكن إجمال هذه القضايا في النقط التالية:
- ضرورة إحداث بنية منفصلة داخل المجلس الوطني تقوم بمهام الآلية الوقائية بشكل متميز عن الدور الحمائي الذي تلعبه المؤسسة الوطنية.
- ضرورة امتثال هيكلة وتركيبة الآلية الوقائية الوطنية لمقتضيات البروتوكول الاختياري، ولاسيما من حيث الكفاءة وتعدد الاختصاصات وتنوع تكوين أعضائها واحترام مقاربة النوع؛
إن اسناد مهمة الآلية الوقائية الوطنية للمجلس الوطني ينبغي أن يرتكز على أساس تشريعي (مشروع القانون المتعلق بالمجلس الوطني)؛
- ضرورة اعتماد مسلسل تعيين الآلية الوقائية الوطنية لمقاربة تشاركية، شفافة وإدماجية من خلال إشراك جميع الأطراف المعنية وتنظيم حلقات تشاورية بمساعدة وخبرة اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب؛
- ضرورة إمداد المجلس الوطني بموارد مالية إضافية وكافية خاصة بالآلية الوقائية الوطنية التي تتولى إدارتها بصفة مستقلة. كما أن تقييم الموارد المالية الكافية المخصصة للآلية الوقائية الوطنية، ينبغي أن يستند على تحديد دقيق لجميع مراكز الحرمان من الحرية (المؤسسات السجنية، مراكز الاحتجاز التابعة للشرطة والدرك الملكي، ومراكز الاحتفاظ بالأجانب في وضعية غير قانونية ومراكز حماية الاطفال وغيرها). وأهميتها، والفرق اللازمة لزيارتها، ورواتب الموظفين، والحاجيات اللوجستية وعدد الزيارات المبرمجة والفجائية ومدتها، إلخ؛
- ضرورة إنشاء علاقة تبادل وتعاون وتقييم مع اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب؛
- ضرورة مراعاة المقتضيات المتعلقة بالآلية الوقائية الوطنية لجميع مقتضيات البروتوكول الاختياري؛
- ضرورة مراعاة تركيبة الآلية الوقائية الوطنية للتوازن بين مختلف الاختصاصات الطب العام والشرعي والنفسي، وعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا، إلخ)؛
- لضمان حسن سير الآلية الوقائية الوطنية يستحسن تعيين أعضائها بشكل دائم (à plein temps) وبالتالي يستحسن اعتماد عنصر التفرغ كأحد معايير اختيار أعضاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب؛
- كما ينبغي إيلاء اهتمام خاص لحماية المعطيات الشخصية للسجناء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.