اجتماع المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي نهاية هذا الاسبوع لاستكمال أشغاله التي انطلقت في الخامس والعشرين من الشهر المنصرم للسنة المنصرمة ، يفرض وقفة تقييمية للجولة الاولى من مناقشاته لاستخلاص ما ينبغي استخلاصه من نتائج وقرارات، تجيب عن القضايا والمشكلات السياسية والتنظيمية التي تناولها أزيد من أربعين تدخلا. ولعل أول ما يجدر تسجيله في هذا السياق هو أن كل القضايا ، السياسية منها والايديولوجية والتنظيمية ، قد تم تناولها بالنقد والتحليل والمحاسبة للذات في مشهد هو أقرب الى مؤتمر منه الى اجتماع عادي لدورة عادية للمجلس ،فما دلالة ذلك ؟ هل هو مؤشر أزمة شاملة ؟ أم دليل ديمقراطية داخلية نموذجية في إدارة النقاش وصنع القرارات ؟ أظن أن الامر يتعلق فعلا بخط سياسي يحتاج الى رؤية أكثر وضوحا للمرحلة السياسية الراهنة ورهاناتها ، والى فعل تنظيمي مطابق لمقتضيات تفعيل الاداة الحزبية. كما بلورتها مقررات الندوة الوطنية حول التنظيم، كما أن الامر يدل كذلك لمن يحتاج الى دليل على المناخ الديمقراطي داخل كل مؤسسات الحزب . إن الروح الديمقراطية هي السمة أو الفضيلة التي ميزت اجتماع المجلس الوطني في جولته الاولى، فجل ممثلي مؤسسات الحزب وقطاعاته بمن فيهم أعضاء من المكتب السياسي تدخلوا يكل حرية ومسؤولية وإرادة في التصحيح . وعلى اختلاف المقاربات وزوايا النظر لمختلف القضايا التي تناولها المتدخلون، فإنه يمكن الوقوف عند أبرز خلاصاتها، وهي كالتالي : - الدفاع عن الهوية اليسارية الاشتراكية الديمقراطية للحزب، باعتبارها المرجعية المحددة لاختياراته السياسية ولبرامجه الاقتصادية والاجتماعية ولعلاقاته مع مختلف مكونات الحقل السياسي والحزبي الوطني . -التأكيد على حماية استقلالية القرار الحزبي بما تعنيه الاستقلالية من عدم الارتهان لغير ارادة مناضلي ومناضلات الحزب، والالتزام بخطه السياسي المنبثق من اختياراته الاستراتيجية ومن مقررات هيئاته العليا. -المطالبة بمواقف مبدئية واضحة من عناصر وقوى الافساد الانتخابي والتمييع للعمل السياسي وللانتماء الحزبي الذي تحول لدى البعض الى أداة إغراء وإغواء لإحراز مواقع في المؤسسات المنتخبة وصنع أغلبيات هجينة. -الاصرار على تحيين وتفعيل مقررات المؤتمر الوطني الثامن بخصوص الاصلاحات الدستورية والسياسية والمؤسساتية، باعتبارها تمثل الافق الموضوعي والممكن لإخراج الانتقال الديمقراطي من حالة العطالة ، وبناء شروط تناوب ديمقراطي حقيقي ومكتمل - تفعيل تحالفات الحزب في اطار الكتلة الديمقراطية ودائرة اليسار، وذلك باتخاذ مبادرات عملية وابداع الصيغ الممكنة والواقعية لاستعادة الروح للعمل الوحدوي المنتج بين القوى ا لديمقراطية الاصيلة . _ - وضع برنامج عمل مجتمعي يستهدف التواجد في صلب حركية المجتمع بمختلف تعبيراتها ومكوناتها . _عقد الؤتمر الوطني التاسع في غضون السنة الجارية كما طالبت بذلك بعض التدخلات. هذه أهم الآراء والمقترحات التي تبرز غنى وعمق مناقشات المجلس الو طني المفتوح ، والتي سيستمر النقاش حولها في الجولة الثانية للمجلس . ولاشك في أن أخذها بعين الاعتبار والتجاوب معها في صياغة قرارات هذه الدورة سيشكل مدخلا لدينامية حزبية جديدة ، ترد على وضعية التردي والتمييع والافساد الذي تشهده الساحة السياسية والمشهد الحزبي باسم الخلخلة واعادة الهيكلة ؟ وتلك هي الارادة الاتحادية التي كانت في كل المحطات الصعبة والتحديات الكبرى في مستوى الانتظارات .