دخلت هيومن رايتس ووتش على خط المواجهة بين الحكومة والجمعية المغربية لحقوق الانسان، إذ ذكر تقرير أصدرته المنظمة الدولية، يوم أمس الأربعاء، أن «السلطات المغربية مستمرة في حملتها لتقويض جمعية حقوقية مستقلة ورائدة رغم حكمين قضائيين بأن السلطات حظرت تجمعاتها ظلما». وجاء في التقرير أن مسؤولين محليين من وزارة الداخلية منعوا «عدة فروع محلية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من التسجيل القانوني لمكاتبها التنفيذية المنتخبة حديثا. وحذرت السلطات أيضا الجمعية بأنها قد تسحب عنها صفة «جمعية ذات منفعة عامة» على أساس أن مواقفها وأنشطتها «تعبر في مضمونها عن توجه سياسي» ،وتهدف إلى المس ب «مصالح مؤسسات الدولة». وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إن ادعاء الحكومة المغربية بأنها تطلب من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فقط الالتزام بالقانون والإجراءات المعمول بها، قد فشل في اختبار مباشر منذ وقت طويل. وتبدو من مناورات المغرب الإدارية، والتحذيرات، والمنع في حق الجمعية المغربية لحقوق اٌلإنسان، أنها مصممة لعرقلة وتقويض الجمعية». وذكر تقرير هيومن رايش ووتش بحكم المحكمة الإدارية في الرباط في 21 نونبر 2014، الذي قضى بأن حظرا على عقد اجتماع برعاية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والذي كان مزمعا عقده في مكان عام، قد انتهك القانون المحلي. وأيضا بحكم ثان مماثل صدر عن نفس المحكمة في 16 يناير 2015. وأوضح التقرير أن السلطات حظرت عشرات الاجتماعات التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وغيرها من جمعيات حقوق الإنسان منذ يوليوز 2014، عندما ندد وزير الداخلية محمد حصاد بمنظمات حقوق الإنسان لم يسمها، متهما إياها بكونها تقدم مزاعم «لا أساس لها» عن انتهاكات قوات الأمن بشكل يمكن أن يضر بصورة المغرب وأمنه. وأفاد التقرير، نقلا عن أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن السلطات منعت أكثر من 60 اجتماعا في جميع أنحاء البلاد منذ يوليوز الماضي، بدعوى أن المكان غير متوفر عندما تسعى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى استعماله. وفي المناسبات النادرة التي تقدم فيها السلطات تبريرا كتابيا، فإنها تقول إن الجمعية فشلت في الالتزام بإجراءات التصريح التي يتطلبها القانون. وأكدت المنظمة الحقوقية الدولية أن السلطات لا تضايق فقط الجمعية المغربية وتعرقل أنشطتها، بل استهدفت أيضا بعض التجمعات التي نظمتها جمعيات أخرى لحقوق الإنسان وجمعيات حرية الإعلام، مثل العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وجمعية الحرية الآن، وجمعية عدالة، وكذلك ندوة حول حرية الإعلام برعاية مؤسسة فريدريش نيومن. ونقل التقرير أن عبد الخالق بن زكري، مسؤول العلاقات الدولية في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قال إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعتبر أنها جمعية معفية من شرط الفصل 3 من القانون الذي يشترط على أنواع معينة من الجمعيات، إخطار السلطات مسبقا بشأن الاجتماعات العمومية، وهو التفسير الذي أيدته المحكمة الإدارية في الرباط، مؤكدا أنه في حالات نادرة يقوم فرع محلي بتصريح مسبقا لدى السلطات بشأن اجتماع معين، وفي معظم الحالات تتفق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببساطة على استخدام الفضاءات مع مديري الأماكن. وقال بن زكري إن هذا الترتيب نجح عموما دون مشاكل حتى يوليوز الماضي عندما بدأت السلطات بالتدخل لمنع معظم الأنشطة التي تنظمها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المقررة في أماكن خارج مكاتبها. وأورد التقرير ردود الحكومة المغربية، حيث أوضح المحجوب الهيبة، مندوب المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، أن السلطات تعمل «في احترام تام لمقتضيات القانون الجاري به العمل، ويمكنها أن تمنع اجتماعات أو تجمعات في حالات استثنائية جدا عندما يكون هناك عدم احترام لشكليات التصريح المنصوص عليها في القانون». أما مجدولين حليمي، عن مكتب الحريات العامة التابع لوزارة الداخلية، فقد أكدت ل هيومن رايتس ووتش في اجتماع عقد في الرباط في 30 يناير 2015 ، أن «المغرب يتوفر على 118000 جمعية، 5150 منها تعمل في مجال حقوق الإنسان». وخلال عام 2014، نظمت هذه الجمعيات 1391448 نشاطا دون أية عقبات، مضيفة أنه «فقط 60 نشاطا منع، 52 منها بسبب عدم توفر القاعة، لأنها تحت التجديد، أو شيء من هذا القبيل، و 8 لأنها لم تتبع الإجراءات». وقالت سارة ليا ويتسن: «إن التباهي بآلاف الأنشطة التي استطاعت جمعيات مغربية تنظيمها، لا يمكن أن يحجب جهود الحكومة المتضافرة لعرقلة واحدة من الجمعيات الأكثر انتقادا والأكثر انتشارا في المغرب، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان».