أبرز الناقد السينمائي محمد شويكة دور جماليات الفن التشكيلي كملهمة لصناع السينما، وركن أساسي في صناعة صورة سينمائية إبداعية، تجمع بين الفتنة البصرية وإنتاج المعنى. وعرض محمد شويكة في محاضرة ألقاها الأسبوع الماضي، بقاعة محمد الفاسي بالرباط، في إطار منتدى جمعية الفكر التشكيلي، لمجموعة من المماثلات بين كيفية تشكيل الإطار في الشاشة السينمائية وتأثيث اللوحة لدى الفنان التشكيلي، مسجلا تقاطع المجالين على مستوى توزيع الألوان وحرارتها ومستويات الضوء والعتمة، وكيفية صناعة واجهة الصورة وعمقها وخلفيتها. ولاحظ شويكة أن هذه التقاليد المستقرة في تيارات الفن التشكيلي السابقة على صناعة الفن السابع، تسللت بقوة الى فضاءات التصوير، ووجدت لها مستقرا في كبريات مدارس التكوين السينمائي التي باتت تولي أهمية كبرى لمهن سينمائية مثل الديكور وإدارة التصوير التي تنهل أساسا من القيم الجمالية والقواعد البصرية لفنون التشكيل. "كيف تتبادل السينما والتشكيل الجماليات المشتركة بينهما؟ كيف يغني بعضهما الآخر؟ هل استطاعت السينما اختزال الجماليات السابقة عنها؟ ما دور التكنولوجيا في تطوير الجماليات البصرية السينمائية؟ بأي معنى يتم الحديث عن إستيتيقا اللوحة والشاشة؟ ما الوسائل التي تتيح للسينما ممارسة التشكيل على الشاشة؟"، تلك جملة من الأسئلة التي تناولتها المحاضرة بحضور عدد من الفنانين والنقاد. وانطلقت مداخلة الناقد المغربي من أن الفنون البصرية تتيح "نوعا من السياحة البصرية أو الهجرة المضادة من مجال إلى مجال، سيما وأن حقولها منفتحة على بعضها البعض، فهي متعددة الانتشار، ومتناغمة التأثير.. تقدم نفسها كبنية من العلامات والرموز القابلة للبناء والتفكيك، الحاملة للخطابات الظاهرة والمضمرة التي يتطلب فهمها انتهاج نوع من المقاربات المنهجية المتداخلة التي لا تخلو من مغامرة لكشف انفتاحات أكبر وأعمق على تقنياتها وتاريخها الذي هو تاريخ للضوء والحلم والجمال". وأوضح محمد شويكة أن السينما تستدمج تقنيات التشكيل، وتطرح الإشكالات المرتبطة به كما تناقش القضايا الجمالية المتعلقة بكافة الممارسات الفنية ذات الصلة بالفنون البصرية كالغرافيزم والديكور والنحت والفن الرقمي والفيديو وفن الانشاءات وغيرها. ورصد شويكة جانبا من الجماليات المشتركة التي تساهم في تقليص الهوة بين أنماط الوسائط التكنولوجية والاجتماعية والفنية. فبين السينما والتشكيل، يبدو هذا التقاطع جليا في جملة من العناصر من قبيل "الإطار والتأطير"، "داخل الإطار/خارج الإطار : من المرئي إلى اللامرئي"، "عمق المجال: من التسطيح إلى التعميق"، "التركيب: فن البساطة والتعقيد"، "لعبة الأبيض والأسود.. فالألوان"، "الضوء بين اليد والعين"، "المونتاج: الكولاج والترتيب الفكري والفني".