بعيدا عن المسار النقدي لأوجه الاختلالات التي اعترت نظام المساعدة الطبية "الراميد"، يرى معنيون بهذا الملف ، أن هذا النظام شكّل خطوة حاسمة في اتجاه بلوغ التغطية الشاملة باعتباره مكّن، بعد ثلاث سنوات من تعميمه من تغطية أزيد من 8 ملايين شخص (أكثر من 3.5 مليون أسرة )، محققا بذلك معدلا للتغطية الصحية بنسبة فاقت المئة في المئة من مجموع الساكنة المستهدفة والتي تقدر ب 8.1 مليون مستفيد محتمل، الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدل التغطية الصحية للساكنة المغربية الذي انتقل من 25 في المئة خلال سنة 2005 إلى 54 في المئة في الوقت الراهن. وأبرز المعنيون على أن حصيلة الثلاث سنوات الماضية ، تعتبر إيجابية إذ تم خلالها تحقيق مجموعة من الإيجابيات تتمثل أساسا في تمكين المستفيدين من نظام المساعدة الطبية من سلة علاجات موسعة مقارنة بما كانت عليه في إطار شهادة الاحتياج ، كما هو الشأن بالنسبة لتسجيل 500 ألف حالة استشفاء، 3.8 مليون كشف خارجي، مليون استشارة خارجية متخصصة، 880 ألف خدمة صحية للتكفل بالأمراض المزمنة والمكلفة، هذا بالإضافة إلى التكفل ب7641 مريضا مصابا بالقصور الكلوي والذين استفادوا من حوالي 840 ألف حصة لتصفية الدم، وب 60 في المئة من مرضى داء السكري، وزرع الأعضاء كالقرنية والكلي والكبد والنخاع العظمي، وكذا بالعمليات الجراحية الكبرى، كما أن تفعيل نظام المساعدة الطبية مكن الطبقة الاجتماعية ذات الدخل المحدود من الاستفادة من الأدوية الأساسية والمستلزمات الطبية. إيجابيات لم تحل دون الوقوف على ما تم وصفه بالاكراهات التي يجب تجاوزها لتمكين النظام من تحقيق أهدافه والتي تتمثل أساسا في عدم تفعيل القانون في مجمله، خاصة في شقه المتعلق بالتمويل والتدبير (المواد 60 و61 و127 من القانون رقم 00-65بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية(، وكذا في عدم ملاءمة بعض مواد المرسوم رقم 177-08-2 مع القانون رقم 65-00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية الأمر الذي يشكل عائقا أمام التدبير المالي للنظام، حيث أن هذا الأخير أسند مهمة تدبير الموارد المرصودة لنظام المساعدة الطبية للوكالة الوطنية للتأمين الصحي، في حين أن المرسوم لايتيح هذه الإمكانية بحكم أن مساهمات الجماعات الترابية ومساهمات الأشخاص الموجودين في حالة الهشاشة تحول إلى الحساب الخصوصي للصيدلية المركزية كما جاء في المادتين 25 و26 من المرسوم السالف الذكر. وبخصوص التمويل، وجب كذلك التذكير بوجود صعوبة في تحديد الاعتمادات المخصصة للنظام مع عدم وجود مقاييس للتوزيع، وكذا غياب ميكانيزمات لتتبع دفعات مساهمات الجماعات الترابية بالحساب الخاص المتعلق بالصيدلية المركزية المسيرة من طرف وزارة الصحة، بالإضافة إلى ضعف في نسبة سحب البطائق بالنسبة للمستفيدين في وضعية الهشاشة. نقطة أخرى تتعلق بالإكراهات التي تحد من الولوج إلى الخدمات الصحية ذات جودة وموزعة بإنصاف على كافة جهات المملكة، ويتعلق الأمر بتضاعف أنشطة المستشفيات وتفاقم العجز في التمويل بحكم تعميم النظام، هذابالإضافة إلى وجود نقص في التجهيزات و كذا الموارد البشرية بالمراكز الصحية المعتمدة كنقط ارتباط وبالمستشفيات. ومن بين النواقص التي يعرفها النظام كذاك نجد إشكالية التواصل والتحسيس لفائدة المستهدفين منه، مما يؤدي إلى مجموعة من السلوكيات كعدم احترام مسار العلاجات من طرف المستفيدين، و هذا من شأنه أن ينعكس سلبا على جودة الخدمات المقدمة ويشكل خطرا على مديونية المستشفيات العمومية. من جهتها الوكالة الوطنية للتأمين الصحي ومن أجل محاولة العمل على تجاوز كل هذه الإشكالات المطروحة وتمكين نظام المساعدة الطبية من تحقيق أهدافه، فقد اعتمدت على اختيار يتمثل في الاعتماد على مبادئ وقواعد ومعايير الحكامة الجيدة لأنظمة التأمين الاجتماعية والذي يقتضي الفصل بين مقدم العلاجات والهيئة المدبرة وإحداث تدبير يقوم على التعاقد بينهما.من هنا جاء قرار مجلسها الإداري الخاص بنظام المساعدة الطبية خلال دورته الثالثة المنعقدة بتاريخ 22 يناير 2014، والقاضي برفع توصية للحكومة تتضمن ضرورة تخويل الوكالة ممارسة سلطاتها في مجال تدبير الموارد المرصودة، و ذلك من اجل ضمان ديمومة النظام بالاعتماد على ترشيد النفقات المتعلقة بالعلاجات الصحية حسب مبادئ الحكامة الجيدة وذلك لمدة لا تزيد عن سنتين، على أن يتم لاحقا إحداث هيئة مدبرة مستقلة عن الوكالة التي ستتكفل بضبط منظومة التغطية الصحية بأكملها. وارتكز النموذج المقترح من طرف الوكالة الوطنية للتأمين الصحي من أجل حكامة وتدبير لنظام المساعدة الطبية على تشديد المراقبة لتفادي الغش في التصاريح والانخراط المزدوج بالاحتفاظ بالمسلسل الحالي للتأهيل، مع وضع النسخة الثانية لنظام المعلومات وتدبير التصريحات من طرف وزارة الداخلية لتمكين اللجان المحلية والإقليمية الدائمة من مراقبة قبلية لتصريحات المترشحين للنظام، بالإضافة إلى إبرام اتفاقية بين الوكالة الوطنية للتأمين الصحي ووزارة الداخلية بخصوص مسلسل تحديد المستفيدين (تبادل المعطيات ،التتبع، المراقبة والتقييم)،وكذا اعتماد بطائق جديدة ذكية للنظام لفائدة المستفيدين للمزيد من تتبع المعطيات الطبية، إلى جانب إفراد وتأمين تمويل النظام بتجميع كل الموارد من الجهات الثلاث الممولة للنظام عملا بالتشريع الحالي )مساهمة الدولة المدرجة في صندوق دعم التماسك الاجتماعي والتي يجب إفرادها؛مساهمة الأشخاص الموجودين في وضعية هشاشة؛مساهمة الجماعات الترابية(. والعمل على اعتماد الفوترة الجزافية من طرف المستشفيات العمومية للحصول على التكلفة الحقيقية للنظام عن طريق إبرام اتفاقية مع وزارة الصحة والمراكز الاستشفائية الجامعية تمكن من تحديد تدابير الفوترة وأداء الخدمات المقدمة من طرف المستشفيات مع إلزامية فوترة الخدمات المقدمة لكل مستفيد، تدابير تبادل الوثائق الإحصائية والمعلومات المتعلقة بالاستهلاك الطبي (طبيعتها ودوريتها)، وآليات ضبط التكاليف التي تهمّ تتبع الاستهلاك الطبي، الوقاية، تحسيس المستفيدين، احترام مسار العلاج. ومن بين المرتكزات الأخرى التي تم اقتراحها، خلق الانسجام بين جميع المتدخلين مع إعطاء الأهمية للتواصل مع المستفيدين، وفي هذا الصدد تم توقيع اتفاقية إطار بين وزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي خلال شتنبر 2014 من أجل وضع نظام مندمج للتدبير والمعلومات، التكوين المستمر لمهنيي الصحة في مجال تدبير نظام المساعدة الطبية؛ التواصل والتحسيس حول الحقوق والواجبات لفائدة المستفيدين ومهنيي الصحة في مجال تدبير نظام المساعدة الطبية خصوصا في ما يتعلق باحترام المسار العلاجي؛ وكذا الانفتاح على المستفيدين والإنصات لهم، إلى جانب إخضاع النظام لمراقبة الدولة وذلك بإخضاع الحسابات والعمليات سنويا، للتدقيق المحاسباتي الخارجي وفق المادة 52 من القانون وعمليات الأداء وتوزيع الموارد للمراقبة المالية البعدية للدولة وفق المادة53 من القانون 65-00؛ وكذا إخضاع الوكالة للمراقبة التقنية للدولة. ومن أجل مواكبة هذا الإصلاح المقترح،الذي يهدف إلى توفير خدمات ذات جودة عالية لكافة المستفيدين، وتأسيس حكامة جيدة لهذا النظام وضمان استدامة تمويله، اتخذت الوكالة مجموعة من التدابير والتي هي في طور الإنجاز حاليا والمتمثلة في إطلاق دراسة تتعلق بخلق هيأة مدبرة لنظام المساعدة الطبية من طرف الوكالة بمعية باقي المتدخلين وستكون نتائجها جاهزة عند نهاية السنة، وكذا تطوير النظام المعلوماتي للوكالة الخاص بنظام المساعدة الطبية، والشروع في إنجاز دراسة تتعلق بخلق نظام وطني مندمج للتدبير والمعلومات في شقه المتعلق بنظام المساعدة الطبية، بالإضافة إلى خلق مديرية العمليات و تدبير النظام بالهيكل التنظيمي للوكالة مع تعزيز الموارد البشرية. كما تعتزم الوكالة القيام بتعديل كل من المرسوم التطبيقي من أجل تصحيح الملاءمة مع القانون رقم 00-65. وتعديل القانون 00-65 لخلق الهيأة المدبرة وضبط و تقنين النظام من طرف الوكالة.