أكدت تقارير إخبارية أن العديد من الصفحات الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي، الموالية للتنظيمات الجهادية المتشددة، نشرت منذ حوالي أسبوع معلومة عن عزم بعض المسلحين القيام بعملية نوعية في تونس، وهو ما حصل دون التفطن مسبقا لمثل هذه الأخبار والتغريدات التي عادة ما ينشرها القائمون على المواقع الجهادية قبل حدوث أي هجوم إرهابي. وسبق أن دعت المصالح الأمنية الجزائرية السلطات التونسية إلى الرفع من درجة المراقبة والمتابعة للمواقع التي لها صلات بالكتائب المتشددة وبتنظيمي القاعدة وداعش، وأصدرت الحكومة السابقة قرارا بحجب جميع الصفحات التابعة لكتيبة «عقبة بن نافع»، إلا أن العديد من الصفحات والحسابات الأخرى مازالت تبثّ إلى اليوم خطابات تحريضية وتكفيرية ولم يتمّ تتبّع ولا محاسبة أصحابها. ويبدو من خلال الهجوم على متحف باردو أمس الأول، الذي أسفر عن مقتل 23 شخصا، بينهم 20 سائحا من جنسيات أجنبية مختلفة، وإصابة 44 آخرين، أن المجموعات المتطرفة في تونس تبّنت استراتيجية جديدة لفرض الطاعة وترهيب المواطنين قوامها ضرب الاقتصاد الوطني وإضعافه وإرباك قوات الأمن والجيش المرابطة دفاعا عن الأمن القومي. واعتبر راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية أن عملية باردو تستهدف الديمقراطية الناشئة في تونس وتستهدف أيضا أهداف الثورة ومسارها الانتقالي، في حين أن هذه العملية تستهدف بكل بساطة وذكاء الاقتصاد التونسي. إذ يسعى المتشددون إلى بثّ الفوضى التي ستمنع رجال الأعمال وأصحاب الشركات الكبرى ومتعددة الجنسيات من الاستثمار وفتح فروع لها خوفا من الإرهاب، فعندما تكثر الجريمة يهرب أصحاب رؤوس المال (نظرية في علم الجريمة)، لذلك قيل إن «رأس المال جبان» لأنه يبحث عن الاستقرار وبأقل الخسائر الممكنة. وتعيش تونس منذ أربع سنوات أزمة اقتصادية متصاعدة، وقد تزيد هذه العملية الإرهابية من تدهور الأوضاع من خلال ضرب القطاع السياحي الذي يعدّ أحد القطاعات الأساسية الواعدة. وفي هذا السياق أكد لزهر العكرمي، وزير الدولة التونسية لشؤون مجلس النواب، أن المتشددين يهدفون إلى ضرب السياحة، باعتبار أن العملية مدروسة بدقة ومتلازمة مع اليوم الذي يشهد وجود وفود سياحية من جنسيات مختلفة. هذا التغيير في الخطط الإرهابية بالنسبة إلى الشق الجهادي في تونس لم يُحسب له حساب وذلك بعدم تأمين المواقع الأثرية والمتاحف والمناطق السياحية والمنشآت الاقتصادية، حيث تمّ التركيز في الآونة الأخيرة على المباني السيادية مثل الوزارات والمجالس الحكومية والبرلمان. وتفاعلا مع ما حدث، أكد وزراء في الحكومة التونسية، أن هناك إجراءات جديدة ومتشددة ستؤخذ من خلال تشريعات أو قرارات حكومية ورئاسية في إطار مكافحة الإرهاب، مشددين على وجود تخطيط خارجي ودعم من بعض الفرق المتطرفة في الداخل، وراء العملية الإرهابية الأخيرة. من جانبه، شدد رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) محمد الناصر، على ضرورة الإسراع في المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب، فضلا عن النظر في إنشاء صندوق وطني لمكافحة الإرهاب، يقع تمويله من المواطنين والدولة. ويعتبر قانون مكافحة الإرهاب من أهم القوانين المطروحة والمثيرة للجدل وسط تصاعد ملحوظ لأعمال العنف والهجمات الإرهابية ضدّ وحدات الأمن والجيش، وتطالب نقابات الأمن وجميع الفاعلين من قضاة وحقوقيين وسياسيين بضرورة المصادقة على القانون وتعديل بعض فصوله حتى يحمي الحقوق والحريات ويحترم أحكام الدستور من جهة ويكون ناجعا في التصدي للإرهاب من جهة أخرى. ومطروحة اليوم وتحتاج إلى إجابات عاجلة، على وقع الإرهاب الذي بات يضرب في عمق تونس ويهدّد حدودها. ويصف خبراء الهجوم الإرهابي الذي وقع، الأربعاء الماضي، في ضاحية «باردو» بالعاصمة تونس بأنه «نقلة نوعية» في العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد. فطيلة الفترة التي تلت ثورة 2011، لم تسجل عمليات إرهابية داخل المدن وإنما تركزت في المناطق النائية وبشكل أساسي في جبل الشعانبي على الحدود التونسيةالجزائرية. وعادة ما كانت تستهدف الهجمات قوات الأمن والجيش، ولكن هذه المرة ضرب الإرهاب في قلب العاصمة التونسية في متحف باردو الملاصق لمجلس النواب. ويرى عدد من المراقبين أن هذه العملية هي شكل من أشكال ضرب الاستقرار الذي حققته الحكومة الوطنية، وأن هذا الهجوم قد يقوي خجة الرافضين لمشاركة الإسلاميين في الحكومة والمطالبة بإخراجهم منها، خاصة وأنهم مورّطون في فتح الباب أمام دخول هذه التنظيمات، عندما كانت حركة النهضة على رأس الترويكا الحاكمة. تعتبر بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للاستراتيجيات الأمنية والعسكرية، أن «الضربة الموجعة» التي تلقتها تونس كانت منتظرة نوعا ما، بعد إحباط عملية كبرى الشهر الماضي كانت تستهدف شارع الحبيب بورقيبة وخصوصا وزارة الداخلية، غير أنه لم يكن من المتوقع أن تكون الهجمة على مقر مثل متحف باردو الذي يجمع بين رمزيته التاريخية باعتباره متحفا ورمزيته السياسية باعتباره يتشارك تقريبا في نفس المبنى مع مجلس نواب الشعب. وفي تحليلها لمراحل العمليات الإرهابية تقول رئيسة المركز الدولي للاستراتيجيات الأمنية والعسكرية، إن تونس تشهد المرحلة الأخيرة التي خططت لها هذه الجماعات، وهي مرحلة استهداف مقارات السيادة السياسية بعد أن استهدفوا القيادات السياسية ثم الشرطة والجيش في المرحلة التي تلتها، وهاهم ينتقلون إلى التوحش وضرب مواقع السيادة. بيئة خصبة للتطرف يقول خبراء إن تولّي حركة النهضة الإسلامية الحكم، في السنوات الأولى من الثورة التونسية، وما أعقبها من فوضى وتغييب لكل مقوّمات الدولة التونسية، التي تحتفل اليوم بالذكرى 59 لاستقلالها، سهّل عودة الجهاديين الذين سافروا إلى خارج البلاد، وفتح لهم المجال لينشطوا في المساجد والشوارع بل وحتى في رياض الأطفال. لكن، لا ينكر الخبراء، في سباق تحليلهم لظاهرة انتشار التشدّد في المجتمع التونسي، أن من بين الأسباب، سياسة النظام السابق واهمال التعليم الزيتوني، المعروف بنهجمه المالكي السني المعتدل. ويشير عبداللطيف حنَّاشي، الباحث الاجتماعي المتخصّص في الحركات الإسلامية، إلى أنّ محاولة النظام السابق «مصادرة الفضاء العام دفع بالشباب إلى الانزواء في فضائهم الخاص، الذي يشكّل البيت جزءا مهما منه». وفي فترة ثورة الفضائيات الدينية، في السنوات القليلة التي سبقت اندلاع ثورات «الربيع العربي»، كان المشاهد التونسي يتصدّر نسب المشاهدين، وقد تم رصد حالات تأثر كبيرة بما يعرضه شيوخ الفضائيات، الذين يعارضون نمط العيش في تونس، واستطاعوا أن يدخلوا في قلوب البعض، خاصة من التونسيين متوسّطي التعليم، والنساء غير المتعلّمات، الشكّ في «إسلامهم». وحلّ بعض هؤلاء الدعاة ضيوفا على تونس في فترة حكم الترويكا للبلاد، بقيادة النهضة، التي لم ينس التونسيون تورّطها في أحداث ضاحية باب سويقة في التسعينات، والتي تورّط فيها شبابها، وقاموا ببث الرعب في المنطقة الشعبية لتونس العاصمة من خلال استهداف المواطنيين بماء النار. وتشير بعض الدراسات الاجتماعية ودراسات في الحركات الإسلامية، أن القاعدة الاجتماعية التي تستند إليها السلفية الجهادية غالبا ما تكون من الفئات الاجتماعية الفقيرة. لكن، أيضا يلاحظ في تونس، المنقسمة مناطقيا وجهويا، أن كثير من الجهادين، إناثا وذكورا، طلبة جامعيون يدرسون اختصاصات تتطلّب معدلات عالية، كالطب والهندسة، والتالي لا يعدّ الفقر وحده هو السبب وراء تنامي قاعدة التنظيمات المتطرّفة في تونس، فالإحباط وحالة عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي التي أفرزتها فترة ما بعد الثورة من بين الأسباب التي سعى لاستغلالها قادة التنظيمات المتشدّدة. وتستغلّ هذه التنظيمات المال لتتسلّل بين ثنايا المجتمع التونسي من خلال الأعمال الخيرية، وعروض الزاوج، والمبالغ المالية الضخمة التي تدفع للمتدرّبين في ليبيا وللمقاتلين في سوريا. ويحمّل حقوقيون السلطات التونسية مسوؤلية تمادي شبكات تجنيد الجهاديين نظرا لتأخر تفعيل قانون الإرهاب، وعدم محاكمة متهمين موقوفين وبان تورّطهم في أعمال إرهابية. حيث يدفع غياب الردع إلى التمادي ويمنح الشباب «المتمرد» ثقة في أنه لن يعاقب فيواصل عمله. طرائق المعالجة أكد حاتم اليحياوي، رئيس المرصد الوطني لمقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة، أن عملية باردو تعتبر استغلالا واضحا «لثقب أسود في الجاهزية الأمنية التونسية خصوصا غياب العمليات التحضيرية للمنشئات الرسمية». وشدد على أن التحول الذي حصل في تكتيك هذه الجماعات كان متوقعا خصوصا بعد كشف مخازن السلاح الكبيرة في الأيام الماضية. ويأتي هذا الهجوم، حسب اليحياوي، في إطار ما يعرف بتحرير المبادرة، حيث تمت مفاجأة أعوان الأمن والحراسة في المتحف بعد رصد للمكان وغياب الحماية الأمنية اللازمة للسياح. وأضاف أن ما يحدث له ارتباط وثيق بما يحدث في سوريا وليبيا خصوصا وأن كل السلاح الذي دخل تونس هو قادم من ليبيا أساسا. وحول ضرورة محاصرة هذه العناصر قال رئيس المرصد الوطني لمقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة إن السلطات التونسية مطالبة بالتنسيق مع دول الجوار خصوصا الجزائر ودول الصحراء الأفريقية لوضع حزام حول الخطر الليبي، بالإضافة إلى التعاون مع مصر التي تعاني من نفس المشاكل. ويضيف أنه من الضروري تركيز جهاز استخبارات مستقل لجمع المعلومات المتعلقة بالتنظيمات الإرهابية والخلايا النائمة، مع ضرورة التحكم في التغطية الإعلامية بالتعاون مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، ومراقبة بعض الأماكن مثل دور الشباب والثقافة بعد أن تحولت إلى تقديم أنشطة أخرى على غرار التدريبات القتالية على حد تعبيره. وأكد عدد كبير من الخبراء المصريين أن الجماعات المسلحة لا تتعامل إلا بالرصاص وإراقة الدماء، مع كل من يختلف معها فكريا، وأنه لا بديل عندها إلا أن تحكم بالقوة أو تهدد البلاد أو تنهي حياة الأبرياء من المدنيين. وقال محمود منصور وكيل جهاز المخابرات الحربية الأسبق في تصريحات خاصة، أن هذا الحادث الغاشم كشف عن إصرار الجماعات المسلحة على ضرب الاستقرار في تونس، مضيفا أن الوضع يفرض على الجميع رسم خطة إستراتيجية لمواجهة الإرهاب الدولي، مع الوضع في الاعتبار أن هناك تمويلا قويا لتنفيذ مثل هذه العمليات من دول عربية وغير عربية ضد الدول التي تسير بخطى سليمة نحو التنمية. وشدد منصور على ضرورة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، والتي من شأنها ردع الدول الداعمة للإرهاب، والتعجيل بخطوة تكوين جيش عربي مشترك، ليكون أداة من أهم الأدوات التي تمنع تهديد أمن الدول العربية. وتعمد منفذو العملية ضرب الاقتصاد التونسي، عن طريق استهداف الأماكن السياحية والأثرية، وقتل السائحين من جنسيات مختلفة، ما يذكر ببداية ظهور الجماعات الإرهابية في مصر في أوائل التسعينات من القرن الماضي والتي كانت تستهدف المناطق الأثرية. وقال طه سيد، الخبير الأمني ورئيس هيئة القضاء العسكري الأسبق، إن الجماعات الإرهابية تسير وفق منهج وإستراتيجية واحدة، ما يعني أن هناك أبا روحيا لها جميعا، لأن التخطيط والتمويل يخرج من مكان واحد، مشيرا إلى أن الجماعات المسلحة لن تتوقف عن الاستمرار في استهداف تونس، خاصة وأنها دولة حدودية مع ليبيا، وتعد الأخيرة معقلا لهذه الجماعات في ظل ما تشهده من أحداث يعزز خطورة الفوضى في هذا البلد. ولفت الخبير الأمني الانتباه إلى ضرورة تعاون المدنيين مع قوات الأمن للقضاء على الإرهاب، وناشد الدول العربية عقد لقاءات دورية مع الشباب، يقودها خبراء دين وسياسة وثقافة، من أجل ترسيخ الانتماء، وكشف حقيقة الجماعات التي تدعي الإسلام، والتي تنجح بسهولة في استقطاب الشباب. وأوضح أن تونس تعتبر آمنة وبعيدة عن نشاط تنظيم داعش حتى اللحظة التي وقع فيها الهجوم على المتحف، حيث اتضح أن هناك نشاطًا يجري في الخفاء، ما يؤكد استقطاب عدد من الشباب التونسي للانضمام إلى داعش. من جانبه، قال طارق فهمي، الخبير بالمركز القومي لبحوث الشرق الأوسط، إن الجماعات الإرهابية وجدت في تونس رعاية في ظل وجود حكومة النهضة المنبثقة عن ثورات الربيع العربي، موضحا أن هناك تحذيرات سابقة من ظهور حكومة النهضة في المشهد، وضرورة ألا يسمح لأي من أعضائها بالمشاركة في الحياة السياسية، في ظل الحرب التي تخوضها بعض الدول العربية ضد الإرهاب. وأشار إلى أن حركة النهضة حاولت التظاهر أنها لا علاقة لها بالإرهاب، وأسرعت قياداتها بالخروج بتصريحات لوكالات الأنباء العالمية، والإيهام بشعورها بالصدمة نتيجة الحادث الخطير، كونه يشي أن الإرهاب حل على تونس، وهو ما كان يحدث تماما من قيادات جماعة الإخوان في مصر، وهو ما يشير إلى وجه التشابه بين البلدين، وأن ما حدث في تونس لا يقل خطورة عما شهدته مصر مؤخرا. واعتبر الباحث التونسي المختص في شؤون الجماعات الجهادية، هادي يحمد، في حوار معه، على هامش ندوة عرض خلالها كتابه الجديد «تحت راية العقاب.. سلفيون جهاديون تونسيون»، أنّ فهم ظاهرة التنامي الجهادي في تونس يمر عبر تقصي الأسباب التي ساعدت على توفير تربة خصبة لتفريخ التشدد أصبحت معها تونس «المصدّر رقم واحد»، حسب ما أفادت به تقارير دولية، للعناصر الجهادية إلى التنظيمات الإرهابية في كلّ من العراقوسوريا. أوضح الكاتب التونسي هادي يحمد أنّ كتابه عن الجهاديين السلفيين في تونس هو عصارة عمل بحثي مسنود بتقارير ولقاءات صحفية كان قد أجراها مع رموز التيار الجهادي في تونس، وهو ثمرة تحقيقات وبحث في ظاهرة التونسيين الذين انخرطوا في ما يسمى بالحركات الجهادية في تونس وفي كثير من بقاع العالم. وأضاف هادي يحمد، وهو صحفي مختص في شؤون الحركات الإسلامية والأقليات وعرف بتحقيقاته الصحفية ذات الطابع الاجتماعي والسياسي، أنّ التنامي المطرد لظاهرة الجهاديين التونسيين، المنضوين تحت راية التنظيمات الإرهابية وخاصّة تنظيم «الدولة الإسلامية» في كلّ من العراقوسوريا وليبيا أضحى لا يمثل خطرا على الأمن القومي التونسي فقط وإنما على الأمن الإقليمي والعربي عموما. وتحول تونس إلى «المصدّر رقم واحد» للجهاديين، ذكورا وإناثا، أصبح محلّ متابعة واستقصاء في صفوف الباحثين والمحللين المعنيين بشؤون الجماعات المتشددة، من أجل الوقوف على الأسباب الكامنة وراء هذا «التميّز التونسي»، الذي ينبع أساسا من مفارقة غريبة مفادها كيف لمثل هذا المجتمع الذي طالما عرف، على الأقل ظاهريا، بانفتاحه وتفتحه أن يتحول في ظرف وجيز إلى تربة خصبة لتفريخ الجهاديين؟ رحلة في عالم الجهاديين يقول الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، إنّه عمد في كتابه «تحت راية العُقاب.. سلفيون جهاديون تونسيون»، إلى حمل القارئ في رحلة إلى عالم السلفية الجهادية التونسية من خلال عرض قصص الشباب التونسيين الذين قاتلوا في أكثر من مكان مثل العراقوسوريا والصومال واليمن وأفغانستان، التي كانت البوابة والبلد الأول الذي انطلقت منه هذه الشرارة، من خلال عرض بورتريهات وسير ذاتية لهؤلاء التونسيين الذين تأثروا بالفكر الجهادي، إلى جانب تضمّنه حوارات ومقابلات معهم. من المهم أن يكون هناك تنسيق عربي متكامل من أجل التصدي للإرهاب باعتباره خطرا جماعيا وأوضح أنه بحث في قصص الجهاديين التونسيين وخلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، من خلال انطلاقه من حادثة مفصلية وهي حادثة اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد التي مثّلت صدمة بالنسبة إلى التونسيين، وأثارت الحادثة سؤالين وقتها مفادهما من يقف وراء العملية؟ ومن هم الذين قاموا بهذه الجريمة؟. وأشار إلى أنّ المجتمع التونسي، والمجتمع السياسي أيضا، انتقلا حينها من مرحلة الصدمة إلى مرحلة الفهم، عندما اكتشفا أنّ وراء هذه الاغتيالات يقف طرف سياسي ديني يتبنّى العنف كمنهج لتغيير الحكم ويدعو إليه، هو تنظيم «أنصار الشريعة» السلفي المحظور.