البرلمان الأذربيجاني يصادق على اتفاقية التعاون العسكري مع المغرب    احتجاج يرفض تمرير الحكومة "قانون الإضراب" ويتشبث ب"الترافع الميداني"    المغرب يستقطب 2 مليون سائح إسباني.. وجهة بديلة عن السفر الداخلي    ارتفاع حصيلة ضحايا حادث تحطم طائرة في كوريا إلى 174 قتيلا    المغرب التطواني ينهزم في آسفي    شخصيات بارزة وجمهور شغوف يحيون ليالي الجاز في دار الصويري    2024 سنة تأكيد تفوق كرة القدم الوطنية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    سكوري: الحكومة سطرت خطة جديدة في مجال التشغيل للقضاء على البطالة    موجة برد وزخات قوية تستمر 3 أيام في المغرب    ما الفرق بين قاعدة الولد للفراش والخبرة الجينية !!!    إقالة المدربين الأجانب هل تؤثر على أداء أندية القسم الاحترافي    لجنة الانضباط في الكاف تغرم نادي الجيش الملكي 15,000 دولار أمريكي    مستشار رئيس حكومة القبائل يكتب عن التحرر من قيود النظام الجزائري    الصحة العالمية تكشف سر المرض الغامض في الكونغو    محمد أوشن يناقش أطروحة الدكتوراه في التاريخ المعاصر    مهاجرون ينجحون في الوصول إلى إسبانيا انطلاقا من ساحل الحسيمة    يواجه إسرائيل بردائه الأبيض.. حسام أبو صفية طبيب بغزة "ما هزّته دولة نووية"    تقرير دولي: الجزائر وتونس في مواجهة تحديات أزمة الجوع    دراسة حديثة تظهر وجود تريليونات الأطنان من الهيدروجين تحت سطح الأرض    ما حقيقة استفادة الستريمر إلياس المالكي من تخفيف الحكم؟    دراسة: اكتشاف طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    الولايات المتحدة.. تحور فيروس إنفلونزا الطيور يثير قلقا علميا    جهود متواصلة لقطر سفينة بحرية مغربية جانحة بين الصخور قبالة الناظور    بلجيكا تحظر بيع السجائر الإلكترونية اعتبارا من الشهر المقبل    تحسن الليرة السورية مقابل الدولار    مندوبية التخطيط تتمسك بنسبة الأمازيغية وتوضح اختلافات معدل البطالة    نسبة ملء سدود المغرب تصل إلى 28 % وسط تحذيرات من أزمة فلاحية    انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    وفاة رضيع خامس بالبرد في قطاع غزة    مدينة الفنيدق تحتضن منافسات كأس العرش للفول كونتاكت لمنتخبات العصب    خلال يوم واحد.. 3 حوادث طيران في كوريا والنرويج وكندا    أرضية ملعب العربي الزاولي تُعقد مهمة الرجاء أمام صن داونز    مقتل صحافية فلسطينية بنيران صديقة    مجلة إسبانية: المغرب في طريق ليصبح 'وادي سيليكون فالي' المستقبل    قيادي انفصالي يدعو لاحتلال موريتانيا ويتنبأ بتقسيم الجزائر    في الذكرى الرابعة للقرار الأمريكي لاعتراف واشنطن بمغربية الصحراء :    غانا تعزز الشراكة مع المغرب بإلغاء تأشيرات الدخول    في مؤلف حديث.. صحفيون يروون ما لم يُرْوَ في تغطية زلزال الحوز    أبطال الكيك بوكسينغ والمواي طاي المغاربة يبصمون على موسم جيد خلال سنة 2024    ماكرون يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار بغزة    الولايات المتحدة.. إلغاء أو تأخير آلاف الرحلات الجوية جراء سوء الأحوال الجوية    انتشار "بوحمرون" بإقليم شفشاون يدق ناقوس الخطر ومطالب عاجلة على طاولة الوزير    تحولات جوهرية في قطاع التكنولوجيا المالية خلال سنة 2024    رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو سيخضع لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا    لقاء يجمع عامل إقليم الحسيمة مع ممثلي قطاع الطاكسيات    الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال16    بحضور أزولاي.. لقاء ثقافي بالصويرة يبرز أهمية المكان في تشكيل الهوية    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة جريمة .. الاتحاد الاشتراكي تنفرد بنشر التفاصيل الكاملة لجريمة ذبح سائق حافلة النقل الحضري بالجديدة

لم يكن محسن سوى ذاك الفتى الشقي الذي اعتاد العراك اليومي بالزقاق الذي تقطنه العائلة.. غادر مقاعد الدراسة. وفي الوقت الذي كانت العائلة تنتظر منه المبادرة بولوج مهنة يتعلمها عن طريق التدرج، عاكس رأيها وبدأت الدروب والأزقة تتلقفه في كل وقت وحين..
وببلوغه سن الرشد، بدأ محسن في مرافقة الأشرار، حيث سيدخل السجن من أجل الاتجار في المخدرات، وهي التهمة التي قضى من أجلها عدة أشهر، قبل أن يغادر السجن، وكله أمل -مثله في ذلك مثل عائلته- نسيان الماضي والبدء في حياة جديدة قوامها العمل. وبعد شهرين من التسكع، استطاع الحصول على وظيفة في شركة للنقل الحضري، حيث عمل كمراقب للحافلات عدة سنوات، قبل أن يغادرها، جراء عدم انضباطه وعدم احترامه لرؤسائه، مدموما مدحورا..
مسار قاتل بين الشد والجذب..
وبعد أشهر من التسكع، حيث اعتاد على ولوج المنزل في الساعات الأولى ليستيقظ من النوم بعد منتصف النهار، استطاع، مرة أخرى، الحصول على وظيفة حارس أمن خاص بباب مستشفى محمد الخامس بالجديدة، لعدة أشهر، قبل أن ينقل المستشفى إلى مقره الجديد. إلا أنه -جراء تصرفاته الطائشة وابتزازه للمرضى والتدخل فيما لا يعنيه- عجل بإسقاطه من عرش الحراسة، مرة أخرى، بالمستشفى بناء على توصية من أحد الأطباء الذي كان يرى الشر يتطاير من عينيه.
عاش محسن بعد ذلك حياة التشرد رغم أنه كان حديث الزواج ورغم محاولته المتكررة البحث عن عمل دون جدوى.. إلى أن استطاع، ذات مساء، أن يلج عالم الحافلات من جديد كمراقب بعد أن كانت الشركة الجديدة في حاجة إلى مراقبين.
كانت فرحته كبيرة بشغله الجديد وبلقائه أصدقاءه القدامى الذين كانوا يعملون بالشركة التي توقفت عن العمل.. إلا أنه لم يتوقف عن عاداته السيئة، حيث عاد إلى سب أصدقائه والإساءة إلى بعضهم وعدم احترام أوقات العمل والغش في المراقبة إلى أن تم عزله، مرة أخرى، عن العمل وعاد إلى حياة التسكع.
وقبل شهرين، أصيب محسن بأزمة مالية لم يستطع معها إيجاد ما يطعم به زوجته وابنته التي كانت قد ازدادت قبل سنة وأصبح يضرب أخماسا في أسداس.
دخل نحسن السجن مرتين بتهم الضرب والجرح والاتجار في المخدرات. وأمام الأزمة التي ضربته، أصبح عصبيا ومزاجيا، حيث تقوده في أحيان كثيرة عصبيته إلى الاعتداء على الأشخاص. وهذا ما حدث له مع أحد أبناء الحي، حيث اأصابه بجروح خطيرة ستقوده، مرة أخرى، إلى السجن، حيث قضى عدة أشهر نزيلا بسجن الجديدة. وبمغادرته السجن، اعتاد أن يذهب كل صباح إلى موقف الحافلات لعله يجد عملا.. إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل ليعود كل مساء إلى أزمور، قصد التوجه إلى منزل أصهاره، حيث زوجته وابنته.
وبمرور الوقت، ازداد تأزما، فبدأ يفكر جديا في السرقة، بل بدأ فعليا في التخطيط لها. وبحكم أنه كان يعلم جيدا مسارات المداخيل اليومية الخاصة بالحافلات، حيث كان يشتغل، فقرر أن يقوم بأول عملية..
مسار ضحية..
كان حمو قد بدأ العمل بشركة النقل الحضري منذ سنة تقريبا كسائق رسمي بعد أن كان مناوبا، حيث تسلم الخط الرابط بين الجديدة وأزمور ذهابا وإيابا، حيث كان يتسلم الحافلة في السادسة صباحا وينهي عمله في الساعة الثانية زوالا، أو من الساعة الثانية زوالا إلى حدود العاشرة ليلا، حيث يعود بأضواء مطفأة كما اعتاد السواق تسمية نهاية وقت الدوام.
اعتاد حمو، كلما غادر مقود الحافلة بعد أن يسلم المدخول اليومي، أن يعرج على بعض الأماكن، حيث يتناول كوب قهوته أو يتناول وجبة خفيفة ليعود إلى منزل أسرته بحي الصفاء، حيث اعتاده الجميع فتى دو خلق عالي يحترمه الجميع كما يحترم هو كل أفراد الحي.
في صباح ذاك اليومي المشؤوم، وبعد أن تناول إفطاره، غادر في اتجاه المقهى. وفي حدود منتصف النهار عاد إلى المنزل، حيث تناول غداءه كالعادة وغير ملابسه وتوجه إلى العمل.. لم يكن يعلم أنه سيغادره إلى الأبد..
صعد حمو إلى الحافلة المخصصة لنقل المستخدمين إلى حيث يتسلم كل واحد منهم الحافلة المخصصة له والمدخول الذي يكون في حوزة السائق الصباحي. تسلم كالعادة حافلته وبعد أن راقبها، توجه إلى حيث نقطة الانطلاقة.. إذ باشر عمله بالتوجه بأول فوج من الركاب من الجديدة في اتجاه أزمور. لم تظهر عليه أية علامة نرفزة طيلة فترة عمله. وفي حدود الثامنة والربع ليلا، انطلق بآخر فوج من الراكبين في اتجاه أزمور. ومباشرة بعد وصوله إلى محطة النهاية، أفرغ حمولة الراكبين وتبادل النكتة -كما ألف مع أصدقائه- قبل أن يطفئ الأضواء ويقفل عائدا إلى الجديدة..
نهاية غير منظرة لسائق على يد مراقب
كان الضباب كثيفا ذاك المساء حتى أن السيارات لم تكن تسير بطريق الجديدة إلا بأقل من 40 كيلومترا في الساعة. وبوصول الحافلة أمام الغولف الملكي، فوجئ حمو بشخص يطلب منه التوقف ومنحه صندوق المداخيل قبل أن يعالجه بضربة سكين ويعاوده بأخرى، فثالثة، فرابعة.. ورغم قوة الضربات، فقد قاوم حمو خصمه ولم يسقط بين المقود والدرج إلا بعد أن انهار.. وهي اللحظة التي قام فيها الجاني بذبح الضحية بطريقة بشعة لم يسبق لها مثيل..
اسلم حمو الروح إلى باريها، وظلت الحافلة متوقفة بأقصى اليمين لمدة زمنية قبل أن تتوقف آخر حافلة قادمة من أزمور في اتجاه الجديدة بالقرب من حافلة حمو ظنا من سائقها أن الأمر يتعلق بعطب أصاب الحافلة.. إلا أن مفاجأته كانت كبيرة، فقد كان أمام منظر هتشكوكي لم يسبق أن رآه طيلة حياته.. لقد رأى صديقه حمو الذي فارقه قبل لحظات مذبوحا من الوريد إلى الوريد. وأمام هول الصدمة وخوفا من أن يتعرض لنفس المصير، فقد ركب حافلته ولم يتوقف إلا وهو أمام السد القضائي الذي يوجد بمدخل مدينة الجديدة..
تحرك أمني كبير..
أخبر السائق رجال الأمن الذين كانوا يؤمنون السد القضائي لحظتها، فتحركت برقيات عبر جهاز اللاسلكي وتم إخبار رجال الدرك بحكم أن المنطقة تابعة لنفوذ الدرك الملكي.. وماهي إلا لحظات حتى كان كل المسؤولين الأمنيين بالجديدة بمختلف رتبهم أمام جريمة لم يشهدها الإقليم منذ أمد بعيد.
وبحكم أن الجريمة وقعت في مكان حساس، حيث تتمركز وحدات سياحية مهمة، كما أن الطريقة التي تمت بها تدعو للقلق، لحظتها تم استدعاء وحدات خاصة من الدرك الملكي من تكنة الجديدة -على عجل- من أجل تمشيط المنطقة.. لكن، أمام كثافة الضباب ووجود الغابة، لم تفض التحريات إلى أية نتيجة.. إلا أنه تم العثور على العلبة المخصصة للمدخول اليومي فارغة ومرمية على بعد حوالي 200 متر من الحافلة، حيث تم حجزها من أجل البحث.
تعددت الروايات بعد العثور على جثة حمو.. لحظتها كانت مصالح الدرك والأمن قد شكلت خلايا نحل من أجل فك طلاسم هذه الجريمة التي حركت مسؤولين كبارا أضحت هواتفهم لا تتوقف عن الرنين وبدأ الجميع في صراع مع الزمن..
شكلت فرقة مسرح الجريمة التابعة لسرية الدرك عصبة البحث، حيث قامت بمسح لمكان ، كما أخذت عينات من الدم الذي عثر عليه بالحافلة وخارجها وأرسل ليلا إلى المختبر الوطني بالرباط.
فيما سلم مدير العمليات، العقيد قائد السرية الجهوية بالجديدة، ملف البحث إلى المركز القضائي بسرية الجديدة من أجل العمل على الوصول إلى الفاعل أو الفاعلين..
الشك الذي قاد إلى اليقين..
بداية، عمد المحققون إلى وضع لائحة بأسماء المشتبه فيهم من ذوي السوابق القضائية الذين يعملون بشركة النقل الحضري، وكان من بينهم المتهم محسن الذي لم يكن قد توصل بعد باستدعاء الحضور.. إلا أنه لم تفلح التحقيقات التي بوشرت مع عدد كبير منهم إلى أي شيء..
بعد مرور ثلاثة أيام، كان أمنيان يعملان بالجديدة قد طرقا باب المسؤول عنهما من أجل الإخبار عن شخص يتردد على أزمور، كان يعمل بشركة النقل الحضري، كانا قد نقلاه معهما إلى أزمور مباشرة بعد وقوع الحادث.
كان رجال الأمن قد قبضوا على بداية خيط رفيع سيوصل إلى مشتبه فيه، حيث انتقل أمنيون -بإشراف شخصي للعميد رئيس الدائرة الثالثة للأمن بحكم أن محطة توقف الحافلات تدخل تحث نفوذه- وماهي إلا لحظات حتى ظهر شبح المتهم بالقرب من الحافلات المتوجهة إلى أزمور وبتوقيفه حاول بداية المقاومة بادعائه براءته من أي تهم مستفسرا عن دوافع اعتقاله..
طمأنه رجال الأمن على أن الأمر مجرد مراقبة روتينية وتحقيق هوية، وسيغادر مقر الأمن وهو ما هدأ من روعه..
وتزامن اعتقال هذا المشتبه فيه مع إرسال نتائج عينات الدم المأخوذة من مكان الجريمة من الرباط إلى الجديدة تؤكد على أن الأمر يتعلق بعينتين مختلفتين.. فتم تشكيل خلية مشتركة بين الأمن والدرك تحث إشراف العقيد والمراقب العام بمقر الأمن الوطني. لحظتها، انتقلت فرقة من الدرك الملكي إلى مقر سكن المشتبه فيه في ، حيث تم إجراء بحث بمنزله أسفر عن حجز هاتف نقال منزوع البطاقة وملابس تم تنظيفها حديثا ومازالت لم تيبس بعد..
البحث مع المشتبه فيه لم يفض إلى أية نتيجة رغم تضييق الخناق عليه، في الوقت الذي استمر البحث مع العديد من المشتبه فيهم إلا أن أحدهم -وبعد أن عرض عليه الهاتف- أكد أنه هاتف الضحية وقد تسلمه منه أكثر من مرة، كما ألهم أنه يعرفه جيدا.
الملابس هي الأخرى تم عرضها على الخبرة العلمية بواسطة الأشعة تحت الحمراء، حيث جاءت النتيجة بأنها تحمل بقع دم، فتم تسليم المشتبه فيه إلى الدرك الملكي صاحب الاختصاص لاستكمال البحث بعد أن بدأت خيوط الملف تظهر، حيث كان قد أكد للمحققين أنه مجرد مشارك في الجريمة وأدلى بأسماء شخصين تم اعتقالهما.
محسن، وبعد أن تم تضييق الخناق عليه، أكد أنه اتفق مع كل من عبد الله وإبراهيم على تنفيذ سرقة مداخيل حافلة النقل الحضري التي يعمل على متنها حمو، حيث ترصد إبراهيم لحمو داخل الحافلة، فيما استقل حمو وعبد الله دراجة نارية وتوقفا أمام بوابة الغولف الملكي إلى حين توقف الحافلة، حيث تم الاعتداء على حمو من طرف إبراهيم، بينما تكلف هو وعبد الله بسرقة صندوق المداخيل وهو السيناريو الذي لم يكن مقنعا للمحققين، حيث كانت نتائج الحمض النووي التي أخذت من فم محسن مطابقة لما تم العثور عليه في حافلة النقل الحضري كما أن كل من عبد الله وإبراهيم أفادا المحققين باستعمال الزمن لكل منهما ليلة الحادث، حيث كان الأول يتابع مباراة في كرة القدم بمقهى، وهو ما أكده النادل ورواد المقهى.. فيما الثاني الذي كان يعمل بمحل لبيع الدجاج المذبوح، أفاد صاحب المحل أنه لم يغادره إلا في حدود العاشرة والنصف ليلا بدوام مستمر.
المال والفقر قاد إلى اقتراف جريمة قتل
وبمواجهة محسن بهذه الحقائق، انهار واعترف أنه مقترف الجريمة لوحده.. فكيف حدث ذلك؟..
كان محسن يعيش عطالة ووضعية مالية جد متأزمة، خاصة وأنه رب أسرة وأب لابنة أتمت سنتها الأولى يوم ارتكابه لفعله الإجرامي، فيما كان هو قريب من استكمال 29 سنة خمسة أيام بعد ارتكابه لفعله الجرمي. كان حمو من بين أصدقائه الأوفياء كما كان يتناول الطعام رفقته كلما حملت له والدته وجبة الغداء إلى محطة الحافلات.. حتى أن عائلة حمو لم تكن تظن، في يوم من الأيام، أن يلقي حمو حتفه على يد محسن ولم تكن سهام الشك تشير -ولو من بعيد- إلى أن هذا الأخير هو من قام بنحره كالشاة وهو الذي أبدى حزنا شديدا عليه كما لم يفارق جثمان حمو بدءا من مستودع الأموات ومرورا بتقديم التعازي لوالدته وانتهاء بوضع التابوت في القبر والقيام بواجبات العزاء والمشاركة في الحفل الديني..
لقد أعمى الفقر والحاجة الماسة إلى المال محسن فلم يجد أمامه سوى صندوق مداخيل الحافلة، حيث خطط لاستيلاء عليها ووقع اختياره على الحافلة التي يقودها حمو أثناء العودة من أزمور. وبعد طول تفكير وتخطيط، استقل الحافلة المتوجهة إلى أزمور في حدود الساعة الثامنة والنصف والتي غالبا ما تعود فارغة من أزمور إلى الجديدة وبوصولها إلى أزمور نزل الجميع فيما بقي محسن تحث الكراسي الخلفية للحافلة مترصدا للسائق، خاصة أن أضواء الحافلة مطفأة أثناء العودة. وبوصوله إلى محطة الكولف الملكي أستوقفه على أساس أن النوم باغثه، حيث فتح له الباب إلا أنه بوصوله خلف السائق عرض عليه تسليمه المدخول اليومي والادعاء أنه تعرض للسرقة.. إلا أن حمو رفض، فوجه له ضربة بواسطة سكين على مستوى الذراع وأخرى على مستوى اليد.. إلا أنه رغم ذلك فقد أبدى حمو مقاومة قوية تجاه محسن الذي لم يجد بدا من معالجته بالعديد من الطعنات إلى أن سقط أرضا مضرجا في دمائه، فصعد فوق جثته وقام بذبحه بطريقة بشعة واستولى على صندوق المداخيل ولجأ إلى الغابة المحاذية للغولف، حيث تخلص من صندوق النقود والسكين مستغلا كثافة الضباب ولم يغادر الغابة إلا بمحاذاة الغولف الملكي..
الأوطوسطوب الذي قاد إلى الاعتقال..
بعد الاستلاء على مداخيل الحافلة والتخلص من الصندوق والسكين، عمد محسن إلى طلب الأطوسطوب.. وماهي إلا لحظات حتى توقفت له سيارة رجلي أمن تعرفا عليه بحكم تردده على أزمور إلا أنهما لم يلاحظا عليه أية علامات اضطراب ولم ينتبها لملابسه وبوصوله إلى أزمور، نزل شاكرا لهما جميلهما عليه وغادر في اتجاه منزل أصهاره. وبحلوله المنزل، اغتسل من الدماء وغير ملابسه مدعيا أنه تشاجر مع أحد أصدقائه وشاركهم حفل عيد ميلاد ابنته وسلم هاتف الضحية إلى زوجته وقسطا من المال الذي استولى عليه وخلد للنوم. وفي الصباح، غادر في الحافلة المتوجهة إلى أزمور، حيث توجه رأسا إلى المستشفى، إذ لاحظ أصدقائه أنه كان من ضمن الأوائل الذين كانوا يبعدون المتطفلين من مستودع الأموات وبنقل النعش إلى المنزل حيث كان من بين الأشخاص الذين حملوه وقام بمواساة والدته وأفراد عائلته، كما شارك في حفل التأبين قبل أن يعود إلى بيت عائلته بالجديدة وظل متنقلا بين الجديدة وأزمور إلى أن ألقي عليه القبض، حيث أكد أنه قام بجريمته لوحده.
محاولة تعويم القضية..
ورغم أن كل المؤشرات العلمية كانت تدل على أنه هو من ارتكب الفعل الجرمي، حيث تمت مواجهته بهاتف الضحية الذي تم حجزه لدى زوجته وتحليل الحمض النووي، فقد حاول الجاني (محسن) إدخال المحققين في متاهات أخرى عندما حاول تعويم الملف بإدخال شخصين فيه مدعيا أنهما شاركاه الجريمة، حيث تم استقدام الشخصين إلا أن كل التحريات والأبحاث التي تمت في مواجهتهما كانت سلبية خاصة ضبط استعمال الزمن وتوقيت عملهما وتواجدهما في أماكن مختلفة أفضت في الأخير إلى أن الفعل الجرمي كان بمعزل عن الجميع وتم اقترافه من طرف المدعو محسن الذي أقر في الأخير أنه كان يريد فقط توريط زميليه في العمل لحزازات سابقة مما حدا به إلى اتهامهما بالباطل.
وقد أمر القاضي المكلف بالتحقيق لدى الغرفة الأولى باستئنافية الجديدة بوضع المسمى محسن رهن الاعتقال الاحتياطي بعد استنطاقه ابتدائيا مشعرا إياه بالتهم الموجهة إليه بناء على استنطاق السيد الوكيل العام لدى ذات المحكمة.
وتوبع المتهم محسن من أجل جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المتبوع بجناية السرقة تحث التهديد بالسلاح الأبيض ومحاولة تضليل العدالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.