لم تعد حركة إيتا الإنفصالية تشكل التهديد الرئيسي الذي يخيف إسبانيا ، وإنما الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية ، التي أصبحت منذ مبايعتها لبن لادن تحمل اسم «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.» هذا التأكيد جاء على لسان نائب رئيس الحكومة الإسبانية ، ألفريدو بيريث روبالكابا ، الذي يشغل في الوقت نفسه منصب وزير الداخلية ، وذلك خلال لقاء ، خلف الأبواب الموصدة ، جمعه مع رؤساء الفرق البرلمانية أول أمس ، تم ، رغم ذلك ، تسريب بعض محتوياته لوسائل الإعلام التي تترصد أية معلومة تخص الأمن القومي الإسباني . فبعد أزيد من ثلاثة عقود من الحرب مع حركة إيتا ،التي كانت تصور بكونها العدو الأول لأمن واستقرار بلد سيرفانتيس ، تراجع تهديد هذه الحركة إلى الخلف أمام الصعود المتنامي للخطر الذي تشكله القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في رقعة جغرافية تمتد من الجزائر ، مرورا بموريتانيا ووصولا إلى دول غرب إفريقيا . وقد اعتبر روبالكابا خلال اللقاء المذكور أن خطورة التنظيم الجزائري المنشأ تتجاوز حتى خطر التنظيمات «الجهادية» داخل إسبانيا ، والتي لا يمر شهر دون أن تعلن أجهزة الأمن هناك عن تفكيك إحداها ، وبرأي المسؤول الإسباني فإن اختطاف ثلاثة متطوعين كاطالانيين في نونبر 2009 ، ساعد أجهزة الأمن الإسبانية على معرفة أكثر بهذا التنظيم الإرهابي ومجال تحركاته والمخاطر التي يشكلها بالنسبة لأمن واستقرار المنطقة ، وهو ما دفع المخابرات الإسبانية إلى مضاعفة عدد أفرادها بالمنطقة وزيادة التنسيق مع الفرنسيين ومخابرات دول أخرى مجاورة من أجل مواجهة هذا الخطر . وقد كان لافتا للنظر مع بدء تسريبات ويكيليكس أن موضوع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي شكل محور محادثات متعددة بين المسؤولين الإسبان والأمريكيين والفرنسيين ، وقد جاء في إحدى الوثائق التي كشفها موقع ويكيليكس أن إسبانيا لم تعترض على الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكومة ولد الشيخ في موريتانيا لأنها ترفض وجود دولة ضعيفة في المنطقة يسهل على تنظيم القاعدة التغلغل في دواليبها واتخاذها قاعدة خلفية لشن هجمات على الغرب ، استنادا إلى توجه سياسي يحكم إسبانيا في علاقاتها الخارجية ، ألا وهو الاستقرار قبل الديموقراطية.