فارهيلي: زيارتي للمغرب أكبر دليل على قوة الشراكة بين بروكسل والرباط    متابعات : فرنسا تؤكد الالتزام بالقانون الدولي    غرق مركب سياحي في مصر يحمل 45 شخصاً مع استمرار البحث عن المفقودين        حموشي يستقبل المديرة العامة لأمن الدولة البلجيكية بالرباط    ريال مدريد يعلن غياب فينسيوس بسبب الإصابة    الجزائر … تحتضن أعوانها في انفصال الريف    الرباط: عبد اللطيف حموشي يستقبل المديرة العامة لأمن الدولة بمملكة بلجيكا    أخبار الساحة    «الأيام الرمادية» يفوز بالجائزة الكبرى للمسابقة الوطنية بالدورة 13 لمهرجان طنجة للفيلم    في لقاء عرف تفاعلا كبيرا .. «المجتمع» محور لقاء استضافت خلاله ثانوية بدر التأهيلية بأكادير الكاتب والروائي عبد القادر الشاوي    تكريم الكاتب والاعلامي عبد الرحيم عاشر بالمهرجان الدولي للفيلم القصير بطنجة    انعقاد مجلس للحكومة يوم الخميس المقبل        "الاتحاد المغربي للشغل" يقدم للحكومة ملاحظاته على مشروع قانون الإضراب ويرفض تقييد وتجريم هذا الحق الدستوري    بعد رفض المحامين الدفاع عنه.. تأجيل محاكمة "ولد الشينوية"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الشرطة توقف مسؤولة مزورة بوزارة العدل نصبت على ضحايا بالناظور    انتخاب عمدة طنجة، منير ليموري، رئيسا لمجلس مجموعة الجماعات الترابية "طنجة تطوان الحسيمة للتوزيع"    الاتحاد الإفريقي يعتمد الوساطة المغربية مرجعًا لحل الأزمة الليبية    استئنافية فاس تؤجل محاكمة حامي الدين إلى يناير المقبل    البنك الدولي: المغرب يتصدر مغاربيا في مؤشرات الحكامة مع استمرار تحديات الاستقرار السياسي    صنصال يمثل أمام النيابة العامة بالجزائر    بورصة البيضاء تفتتح تداولات بالأخضر    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز 'بوينغ 787-9 دريملاينر'    العالم يخلد اليوم الأممي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر    أرملة محمد رحيم: وفاة زوجي طبيعية والبعض استغل الخبر من أجل "التريند"    منظمة الصحة: التعرض للضوضاء يصيب الإنسان بأمراض مزمنة    تدابير للتخلص من الرطوبة في السيارة خلال فصل الشتاء    "الكاف" يقرر معاقبة مولودية الجزائر باللعب بدون جمهور لأربع مباريات على خلفية أحداث مباراتها ضد الاتحاد المنستيري التونسي        لماذا تحرموننا من متعة الديربي؟!    أسعار الذهب تقترب من أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع    إيرادات فيلمي "ويكد" و"غلادييتور 2″ تفوق 270 مليون دولار في دور العرض العالمية    تقرير: جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل عشر دقائق في العالم    النفط يستقر عند أعلى مستوى في أسبوعين بدعم من توترات جيوسياسية    6 قتلى في هجوم مسلح على حانة في المكسيك    أونسا يوضح إجراءات استيراد الأبقار والأغنام    مدرب مانشيستر يونايتد يشيد بأداء نصير مزراوي بعد التعادل أمام إيبسويتش تاون        مهرجان الزربية الواوزكيتية يختتم دورته السابعة بتوافد قياسي بلغ 60 ألف زائر    استيراد الأبقار والأغنام في المغرب يتجاوز 1.5 مليون رأس خلال عامين    تقرير : على دول إفريقيا أن تعزز أمنها السيبراني لصد التحكم الخارجي    رياض مزور يترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    تصريحات حول حكيم زياش تضع محللة هولندية في مرمى الانتقادات والتهديدات    تحالف دول الساحل يقرر توحيد جواز السفر والهوية..    الإمارات تلقي القبض على 3 مشتبه بهم في مقتل "حاخام" إسرائيلي    انطلاق حظر في المالديف يمنع دخول السجائر الإلكترونية مع السياح    جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة        كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمران المالح: «اللعنة على إسرائيل!»
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 20 - 11 - 2010

أول مرة رأيت فيها الكاتب المغربي إدمون عمران المالح،كانت في مدينة أصيلة،وهي المدينة التي أحبها وعشق تفاصيلها وإيقاع حياتها اليومي الهادئ والبسيط،وظل شغوفا بها إلى يومنا هذا يتردد عليها باستمرار ،ولا يخضع هذا التردد أو هذه الزيارات إلى منطق الموسمية ،فهو يزورها في كل المواسم في الصيف أو الشتاء ،في الخريف أو الربيع،وكلما ساعدته شروطه الحياتية إلى السفر إليها .وهي التي كانت ملهمته في أول نص سردي وروائي أبدعه والذي يحمل عنوان»المجرى الثابت» وهو النص الذي يحكي عن أخر يهودي مغربي ،من يهود أصيلة ، دفن بمقبرة اليهود هناك سنة 1966 المطلة على البحر والتي لم تسلم من عوالم تعرية رطوبة البحر ورياح الشرقي.
جاء إدمون عمران المالح إلى عالم الكتابة والإبداع ، أو» الحج المالح» كما يحلو لأهل أصيلة أن يلقبوه وعلى رأسهم الفنان التشكيلي خليل غريب ،بعد أن تجاوز عمره الستين،وهذا لا يعني انه لم يكن مهتما ومنشغلا بالكتابة وقضاياها ،وهو الأستاذ الجامعي ،والمناضل الوطني في صفوف الحزب الشيوعي الفرنسي،والذي انتصر مع مجموعة من رفاقه من داخل هذا الأخير،لضرورة تاريخية مفادها أن يعترف الحزب الشيوعي الفرنسي باستقلال المغرب وحقه في تقرير مصيره كما تنص على ذلك الأدبيات الأممية للحركات الشيوعية كونيا وعالميا.
وظل على هذا الحال وفيا لقناعته الوطنية والتقدمية في آن،رغم انه فك الارتباط بالعمل السياسي والتنظيمي المباشرين منذ أن حصل المغرب على استقلاله.وكما انه رفض وتحت أي تأثير كان ترهيبا أو ترغيبا تهديدا أو إغراء الهجرة إلى إسرائيل في منتصف الستينيات،كم حدث للعديد من اليهود المغاربة الذين سقطوا في شرك الدعاية الصهونية والمتواطئين معها،وصدمهم ماعرفوه من مصير بعدما وقفوا على حقيقة الأساطير الصهيونية.
في نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم كرمت جمعية قدماء تلاميذ ثانوية الإمام الاصيلي الكاتب إدمون عمران المالح في ندوة»الابداع والمكان»ملتفتتة بذلك بأهمية هذا الكاتب وسعة مخيلته وتجديده لأساليب الكتابة.والذي لو شاء- كما فعل و يفعل كثيرون لو على سبيل الهرولة- وانساق لمغريات آلة التقتيل الصهيونية واماكانياتها الهائلة في الدعاية والذيوع والانتشار،وهذا مؤكد لحصل على أهم جائزة تمنح للأدباء والكتاب وهي جائزة نوبل.
كنت شاهدا- شاهد عيان- ذات مرة ونحن بصدد حضور افتتاح معرض الفنان التشكيلي الاصيلي خليل غريب بقاعة العرض «أبلانوس»الواقعة في المدينة القديمة بأصيلة،وفيما كنت أدخن سيجارة خارج بهو المعرض قريبا من بابه،خرج إدمون عمران المالح هو الأخر ليتنفس قليلا من الهواء نظرا لاكتظاظ المعرض بالحضور والزوار،باغته احد «الزيلاشيين» العاملين بالخارج،وتحديدا في هولندا بالسؤال:
- لماذا لم تحضر إلى هولندا في إطار تجمع كبير ليهود العالم؟
- لم تتم دعوتي،و إلا حضرت أجابه إدمون عمران المالح.
- في ختام هذه التظاهرة تم فتح باب اكتتاب لجمع مساعدات مالية لفائدة «دولة اسرائيل»
- أنا لا اعرف أية دولة اسمها إسرائيل.
أجابه إدمون عمران المالح بانفعال شديد مقضبا حاجبيه الكثيفتين،ومعبرا عن أقصى درجات غضبه واستيائه.
كنت قد رأيت إدمون عمران المالح مرات عديدة،وجالسته كثيرا ،ولم أراه منفعلا مثلما رايته ذاك اليوم،وحتى وأنا بصدد إجراء حوار معه في فندق الخيمة بأصيلة ذات صيف،حين سألته عن الأثر الذي خلفه غياب» ماري سيسيل»في حياته..؟ كان ذلك بعد رحيلها بأشهر قليلة.تأملني بحزن وآلم ،وطلب مني بعد أن قال لي لا يمكن أن أصف ذلك إلا بالكارثة ،أن نوقف الحوار،لأنه في حالته هاته لا يستطيع أن يواصل.فقد كانت «ماري سيسيل» أكثر من زوجة وأكثر من صديقة هذا إن لم اقل أنها كانت أهم ما في حياته ووجوده وكيانه،بل كانت شرفته التي يطل عبرها على العالم وفوضاه وتناقضاته.وغيابها فعلا ترك خلاء وفراغا واسعين في حياته.
هو ذا إدمون عمران المالح الكاتب المغربي الأصيل الذي لا يغير جلده،ولا يساوم في أفكاره وأرائه أيا كان الثمن،كان ولا يزال وسيظل مادام قلبه ينبض بالحياة وفيا لوطنيته المغربية وأصوله وجذوره وتراثه،وبنفس الحماس لا يزال وفيا لعدالة قضية الشعب الفلسطيني ونضاله وكفاحه المستميت ضد الكيان الصهيوني الغاشم.وأخر ما صرح به وآلات الاقتتال و استباحة الدم ترتكب أبشع الجرائم في عدوانها على غزة:
«اللعنة على إسرائيل».
بعد مساره الفكري والنضالي والإبداعي والحياتي الحافل بالعطاء والحراك وطرح السؤال يحط ادمون عمران المالح رحاله في محطة العمر الأخيرة بعد أن اختار بمحض العروة الوثقى التي تربطه بتراب بلده مدينة الصويرة ليدفن فيها. ونكون نحن المغاربة بالأساس ومعنا كل رموز الفكر والإبداع الإنسانيين بغيابه قد افتقدنا أحد أعمدة الثقافة المغربية .
على روحه نقرأ السلام ونقول له كم كنت كبيرا ورائعا وعظيما،كنت وستظل وستبقى منارة مغربية غنية برأسمالها الذي لا يفنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.