ستتوج نهاية الشهر الجاري بتنظيم تظاهرتين دوليتين يرتقب منهما أن تعززا مكانة المغرب في الساحة الدولية ، وتتيحا أمامه فرص تطوير ما اكتسبه من خبرات وتسخيرها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة. فخلال يومي 21 و 22 أكتوبر أكتوبر الجاري، ستحتضن مدينة طنجة معرض «أوطو موتيف» للسيارات الذي تنظمه الجمعية المغربية لصناعة وتجارة السيارات «أميكا» تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، وقد أعلن ممثلو 68 مؤسسة دولية عن مشاركتهم في هذا المعرض، بينما أعلن المنظمون عن برمجة أكثر من 600 لقاء مباشر بين المهنيين الأجانب ونظرائهم المغاربة. وخلال أيام 28 - 29 و 30 أكتوبر، ستحتضن مدينة مراكش المؤتمر الدولي الثالث للتمويل القروي والفلاحي، وهو المؤتمر الذي تنظمه مجموعة القرض الفلاحي( المغرب) بتعاون مع جمعية القرض الفلاحي للشرق الأوسط وشمال افريقيا NENARACA بهدف الدفع قدماً بالدور الرئيسي لمؤسسات التمويل الموجهة للتمويل الفلاحي والقروي، والرفع من مساهماتها في إنشاء وتنمية الثروة بالوسط القروي. أهمية التظاهرتين تتجلى بشكل خاص في كون كل منهما يرتبط بقطاع يعتبر في حد ذاته قاطرة للتنمية الاقتصادية، وورشاً حقيقياً لإنتاج مناصب الشغل في الوسطين القروي والحضري، بل إن كلا منهما يستقطب في الظرفية الدولية الراهنة اهتمام كل المتحكمين في القرار السياسي والاقتصادي لأن محاربة الفقر والجوع تمر بالضرورة عبر تزايد الاهتمام بالقطاع الفلاحي، وبالأنشطة المشجعة على الاستقرار في الوسط القروي في حين أن صناعة السيارات تعيش في الظرفية الراهنة تحولات نوعية احتل فيها المغرب مكانة متميزة بعد أن أنجزت الشركة الفرنسية «رونو» مصنعاً لها بمدينة طنجة ، وهو المصنع الذي يرتقب أن يرتفع إنتاجه من 200 ألف سيارة إلى 400 ألف سيارة سنة 2013. القطاعان معاً يؤهلان المغرب لاحتلال مكانة دولية متميزة لأنهما سيستفيدان بالضرورة من التوجيهات الملكية السامية التي تتخذ من البعد البيئي ركيزة لتحقيق التنمية المستدامة. فبينما تمكن الفلاحون المغاربة من تطوير إنتاجهم لملاءمته مع أكثر المعايير الدولية صرامة في مجال احترام المعايير البيئية والصحية، واكب قطاع السيارات التقدم الذي حققه المغرب في مجال إنتاج الطاقة النظيفة، وأعلن عن تقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بمعمل رونو للسيارات في طنجة إلى 0%. الآفاق التي يتيحها القطاعان لا تقف عند حدود تزايد قدرات القطاع الفلاحي والأنشطة المرتبطة به في الوسط القروي على خلق المزيد من فرص الشغل، وعند حدود تشغيل حوالي 30 ألف مستخدم في قطاع السيارات، وإنما تتعداه لتتخذ من مخطط المغرب الأخضر ومخطط الإقلاع الصناعي فرصاً جديدة لاستقطاب المستثمرين. فكما أن القطاع الفلاحي شرع في الاهتمام ببعض الزراعات كالزيتون والتمر والأركان، وبدأ يعمل على تطوير الأنشطة المكملة للقطاع الزراعي وخاصة منها الصناعات التحويلية والخدمات التسويقية، فإن قطاع صناعة السيارات يستفيد من البنيات التحتية المتوفرة بالمنطقة وخاصة منها ميناء طنجة المتوسطي والمنطقة الحرة بطنجة التي تحتضن حالياً حوالي 20 شركة عاملة في قطاع مكونات السيارة، وتتوفر على حوالي 100 هكتار لاستقطاب المزيد من الشركات. ومن غير المستبعد، كما جاء على لسان العربي بلعربي رئيس «أميكا» أن يتم قريباً بناء معمل «نيسان» بعدما تم تعليق قرار إنجازه بفعل أزمة 2009 العالمية، فتجربة «رونو» الناجحة بطنجة تمثل خير سند لاتخاذ هذا القرار. كما أن رفع الطلب على السيارات إلى حوالي 100 ألف وحدة يوفر فرص التصدير بشكل مباشر إلى السوق الأمريكية التي يمكن الوصول إليها عبر خط بحري مباشر في مدة 5 أيام فقط. فسواء تعلق الأمر بملتقى طنجة لمكونات السيارة، أو بملتقى مراكش للتمويل الفلاحي والقروي، فإن الرفع من وتيرة تحسين المناخ الاستثماري بالمغرب سيحفز كبريات المقاولات الدولية ومؤسسات التمويل العالمية على المساهمة في المجهود المغربي وفي الاستفادة من ثماره.