في ظرف أقل من أسبوع، تعرض معطلو مدينة تاوريرت، الذين يخوضون اعتصاما مفتوحا منذ ثلاثة أشهر أمام مقر بلدية المدينة، لتدخلات أمنية وصفت بالعنيفة؛ وذلك لتفريقهم وثنيهم عن مواصلة اعتصامهم، وقد تمخض عن هذه التدخلات اعتقال بعض أفراد الفرع المحلي للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بتاوريرت يوم 6 أكتوبر الجاري وإنجاز محاضر لهم قبل إطلاق سراحهم على خلفية الدعوى القضائية التي رفعها ضدهم رئيس المجلس البلدي بدعوى «إثارة البلبلة وعرقلة السير العام»، كما تم اعتقال بعضهم صبيحة الأربعاء 13 أكتوبر وأنجزت لهم محاضر رفضوا التوقيع عليها. هذا وقد احتج المعتصمون صبيحة الثلاثاء 12 أكتوبر على ما سموه بالحصار الأمني والقمع الذي يتعرضون له من قبل أجهزة الأمن بمختلف ألوانها، بوضع بطائقهم الوطنية على الأرض للفت انتباه المسؤولين إلى أنهم مواطنون مغاربة والبطاقة الوطنية تضمن لهم مجموعة من الحقوق. وبالرغم من التدخلات الأمنية المستمرة وإغلاق باب الحوار في وجههم، سواء من قبل عامل الإقليم أو رئيس المجلس البلدي، الذي كان - إلى وقت غير بعيد - معطلا يشارك في الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية، يعتزم معطلو الفرع المحلي بتاوريرت مواصلة معركتهم النضالية إلى حين تجاوب المسؤولين مع مطالبهم المشروعة كما هو الحال بالنسبة لبعض المدن الأخرى. وفي الوقت الذي يرفض فيه عامل الإقليم فتح باب الحوار مع معطلي المدينة، علمنا من مصادر جد موثوقة، أنه قام مؤخرا بتوظيف 5 أشخاص بالعمالة كلهم ينحدرون من مناطق الشمال، حيث ينتمي السيد العامل! ولم يفت الجمعية التقدم ثانية بطلبها إلى عامل إقليم ميدلت بصفته رئيس اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نظرا لما لموضوع «الجرار» من مساهمة أساسية في فك العزلة المفروضة على الساكنة، خاصة خلال موسم الشتاء والتساقطات الثلجية. ولا شك أن الجميع يتذكر المرأة الحامل التي جاءها المخاض واستدعت حالتها القيام بما يلزم من المساعدة لإخضاع حالتها لعملية قيصرية، ولم يتم شق الثلوج إلا بصعوبة كبيرة، عندما تم حمل المرأة على متن «جرار فلاحي» نحو الطريق الرئيسية، ومنها إلى المستشفى الإقليمي بخنيفرة حيث أجريت للمعنية بالأمر العملية بنجاح، وكم هي الساعات التي وضع فيها سكان تقاجوين آيت حنيني أيديهم على قلوبهم من شدة الهلع إزاء الحالة الحرجة التي مرت منها المرأة في الوقت الذي لايزال فيه الجميع بهذه المنطقة يتحدثون عن شبح الموت الذي حصد في وقت سابق أرواح عدد من النساء، ولا تزال ذاكرة الساكنة موشومة بصورة المرأة المعلومة وهي تتلوى تحت ألم المخاض فوق الجرار الذي أنقذ الموقف. ويشار إلى أن «جمعية إيدكل للمحافظة على البيئة والغابة» التي تطالب بتوفير «الجرار» كانت قد رأت النور بتقاجوين، خلال منتصف شهر مارس من العام الماضي، وقامت بإنجاز عدة مشاريع هامة لا تقل عن حراسة الغابة لمدة سبعة أشهر من القطع العشوائي والنهب والتخريب، ولم يخف المتتبعون وصفهم لمبادرة الجمعية بالمشروع النموذجي الذي لم تعرف المنطقة له مثيلا، والنتيجة أثمرت في الفاتح من يونيو 2009 عندما نظمت الجمعية احتفالا بمناسبة مرور شهر كامل دون سقوط ولو شجرة أرز واحدة، علما بأن معدل القطع كان يتراوح بين 24 و30 شجرة كل 24 ساعة، ولجعل الغابة ورقة سياسية لربح رهان الانتخابات دخل بعض المنتخبين بكل السبل المتاحة لإفساد مشروع الحراسة الذي تقوم به الجمعية على مساحة 300 هكتار، وحاولوا بكل السبل إعادة الفوضى إلى عادتها القديمة، ورغم العراقيل والاستفزازات تصدت الجمعية بعزم لمناورات مافيا الغابات، تماما مثلما هي الآن متسلحة بصبر الانتظار لمن يحقق طلبها في التوفر على «جرار» لفائدة ساكنة تقبع خلف تضاريس منطقة نائية تعاني من العزلة الاجتماعية والعزلة الثلجية. «جمعية إيدكل للمحافظة على البيئة والغابة» بتقاجوين من حقها أن تفتخر بمبادراتها الإنسانية، رغم عمرها القصير، ومن ذلك توزيعها المجاني لنظارات بصرية على عدد من بؤساء ومعوزي المنطقة، وكذا احتفالها بالذكرى 44 ليوم الأرض مع تنظيم دورات تكوينية في المجال البيئي وسط منطقة قروية ظلت إلى وقت قريب في عداد المناطق المنسية.