يحدث هذا في مدينة مكناس .. فمن أجل الحصول على عقد الازدياد، عليك أن تنهض باكرا كي تكون قبل الساعة السابعة أمام مكتب الحالة المدنية المجاور لولاية الأمن، وتأخذ مكانك بين الجموع الغفيرة، كي يخرج عليك أحد العاملين بالمكتب وتسلمه دفتر الحالة المدنية عبر حاجز حديدي شبيه بحواجز السجون، فيضرب لك موعدا بعد ثلاثة أو أربعة أيام. وهو ما يفسر الاكتظاظ اليومي الذي يتحول إلى شجار وغضب يكاد يخرج عن السيطرة. فمن الصعب جدا أن تحصل هذه الأيام على عقد الازدياد في مكناس، في زمن السرعة، وتعميم أنظمة المعلوميات. أحد المواطنين ممن حشروا ذات صباح أمام ذلك المكتب، لم يتمالك نفسه، وصاح في الناس أن الطريقة التي يتعامل بها المواطن تمثل نهجا للخنوع والمذلة. فالمكان يتحول يوميا إلى فضاء للإذلال. ولا سبيل إلى ولوج البناية، وعلى الراغب في الحصول على وثيقة ما أن يسلمها عبر الحاجز الحديدي، وأن ينتظر تحت أشعة الشمس الحارقة إلى أن ينعم عليه أحدهم بوثيقته بعد أيام من طلبها، لأنه «لم يفهم راسو»، أما إذا كان من المستوعبين لدروس مدرسة الإذلال والدوس على الكرامة، فيمكن أن يسلم ما يريد في بضع دقائق أمام مرأى ومسمع من الذين يرابطون تحت أشعة الشمس الحارقة لليوم الثالث أو الرابع. مواطن آخر علق بالقول بأن هذا المشهد يلخص في واقع الحال التدهور الكبير الذي طال مدينة مكناس في ظل جماعة مشلولة، وسلطة غير مبالية.