«في تجربة الجسد « هو العنوان الذي اختاره الباحث عبد العزيز بومسهولي لعمله الفلسفي الجديد الصادر حديثا بمراكش، في إطار سلسلة أبحاث فلسفية تحت إشراف مركز الأبحاث الفلسفية بالمغرب. الكتاب الذي هو في الأصل محاضرة ألقيت برحاب جامعة القاهرة قسم الفلسفة بمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي الثاني للفلسفة في مارس 2010، يشكل تناولا فلسفيا لتجربة الجسد و ما يستتبع ذلك من تجاوز لثنائية النفس و الجسم و تعويضها بكوجيطو الجسد الذي وجد أساسه الأول عند سبنوزا بتحديده الرغبة كماهية للإنسان « فأنا أفكر يقول بومسهولي لأني راغب و لأن الرغبة هي ماهيتي ككائن جسدي .. و أنا موجود لأني لست شيئا آخر غير هذا الجسد الراغب ذاته ...» هناك إذن تجربة للجسد، فأي عالم يتحدد من خلالها ؟ ذلك ما يعكف بومسهولي على تحليله في الفصول الأولى من عمله منطلقا من مفهوم الحق العيني الذي يتأسس من خلال الوعي بالخاصية الجسدية للإنسان ، ليتجسد هذا الحق كتجلي لقيمة الجسد . و عينية هذا الحق متأتية من كونه يعاش كتجربة يسميها صاحب العمل بسياسة الجسد التي لا تحب الوجود و لكنها تحب سعادة الكينونة لأنها تؤسس لحق الإنسان في أن يسعد بجسده في الوجود . يعتبر بومسهولي في كتابه أن سؤال من هو الجسد؟ يفترض أربع أسئلة أخرى تساعد في كشف ماهية « تجربة الجسد « هي على التوالي : ما الذي يرغب فيه جسدي ؟ ما الذي يقدر عليه جسدي ؟ مالذي يمكن لجسدي أن يؤسسه في علاقته مع الغير داخل العالم ؟ و يضيف سؤالا رابعا مرتبطا بالثورة الجينية هو ما الذي يمكن لجسدي أن يأمله داخل العالم؟ و هي أسئلة حسب الباحث تختصر المسافة التي تقربنا من فهم الجسد و فهم ما يقدر عليه داخل العالم باعتباره حقلا بينجسديا، و في علاقته بالغير الذي يشاركه تجربة الوجود في عالم يظل قيد التأسيس. يطور عزيز بومسهولي مبدأ الرغبة معتبرا إياها ما يجعل التجربة الجسدية في العالم ممكنة ، و شرط ابتكار الذات الذي لا يتأكد من صون وجودها في العالم فقط ، و إنما بالسعي إلى صنع الحاضر الذي يعبر عن قدرتها على الاستمتاع بلحظة العيش . بل إن الفضيلة و السعادة ليست إلا تجليا للوجود الجسدي. ويعيد تأويل الرغبة باعتبارها إمكانية الجسد للابتهاج و ابتكار الوجود بالمعية ، كما أنها التحفيز الخلاق على جلب الحاضر من خلال تحيين الإشباع. و هي منبع الفعل و شرط إمكانية الأخلاق كاختبار لتجربة التفاعل الإنساني. يضم الكتاب الذي يتوزع على 91 صفحة من القطع المتوسط تسعة فصول جاءت عناوينها كالتالي: الجسد و الوجود ، إيطيقا الجسد: عودة الإنسان إلى الجسد ، الوجود البجسداني و تجربة الجسد، الجسد و تجربة الحاضر: عودة الجسد إلى الإنسان ، الجسد و العالم، الجسد و تجربة اليومي، الجسد كفعل: تجربة الرغبة. صمم لوحة الغلاف وسيم بومسهولي.