اعتبر الكاتب المغربي الطاهر بنجلون، عضو أكاديمية غونكور بفرنسا، أن رحيل المفكر الإسلامي الجزائري محمد أركون، الذي توفي مساء يوم الثلاثاء الماضي بباريس عن عمر يناهز 82 سنة، «خسارة كبرى للمغرب العربي». وقدم بنجلون، لوكالة المغرب العربي للأنباء، شهادة مؤثرة حول الخصال الإنسانية لهذا المفكر الكبير الذي عمل طوال حياته على الدفاع عن الإسلام ضد أي محاولة «إساءة»، مؤكدا أن «رحيله مؤلم بالنسبة لنا جميعا. سيفتقده كل من اعتاد الإصغاء إليه عندما يفسر أو يعلق أو يحاول الإقناع بخصوص قضايا أساسية تهم الحضارة الإسلامية والعربية». وأشاد الحائز على جائزة الغونكور بالمفكر الراحل ك «صديق وكرجل امتلك القدرة على جعل النصوص الأكثر تعقيدا واضحة ومفهومة، وجعل الأشياء في مكانها خاصة عندما يتعلق الأمر بالإساءة للإسلام». وأوضح أن أركون كان «رجلا يملك معرفة عميقة بالنصوص الإسلامية وتاريخ العالم العربي، ورؤية شاملة جعلت حتى أعداء الإسلام يفهمون ما هي هذه الديانة وهذه الثقافة». وقال بنجلون «لقد كان ذكيا وصبورا ومتسامحا. كما كان رجلا يقدر معنى الصداقة والإخلاص، إنه صديق نفتقده كثيرا». وكان للراحل، الذي له ارتباط قوي بالمغرب والذي دفن فيه، علاقات متينة مع المثقفين المغاربة منذ بداية السبعينات. وبعد أن ترك مسقط رأسه القبائل (الجزائر) تابع الدراسات العليا في فرنسا واختار الاستقرار بباريس منذ سنوات حيث زاول مهنة التدريس الجامعي. ولمحمد أركون، أستاذ تاريخ الفكر الإسلامي بجامعة السوربون (باريس الثالثة) منذ 1993 ، العديد من المؤلفات من بينها موسوعة حول «تاريخ الإسلام والمسلمين بفرنسا: منذ العصور الوسطى وحتى اليوم». وأعادت دار النشر المغربية مرسم نشر كتابه «الأنسنة والإسلام» سنة 2006 . وأشرف محمد أركون، الذي طور مناهج البحث في الفكر الإسلامي في العديد من الجامعات الأوروبية والأمريكية، على تكوين وتأطير عدد من الباحثين في مجال الحضارة العربية - الإسلامية، خاصة بفرنسا والمغرب.