على هامش لقاء العرائش حول الهجرة والتنمية والمواطنة للشبكة عبر الوطنية للهجرة والتنمية خصنا عبدو لمنبهي، أحد وجوه الهجرة بهولندا بحوار حول تصوره لعدد من القضايا التي تخص الهجرة المغربية باعتباره عضوا نشيطا بهولندا، وعضوا بمجلس الجالية المغربية بالخارج. ماهي أهداف تأسيس الشبكة الأورو-مغربية للهجرة التي تعقد لقاءها الثالث بالعرائش؟ يعبر اللقاء الثالث للشبكة الأورو-مغربية عن تراكم تجربة الهجرة المغربية بالخارج ودينامية تنظيمات المجتمع المدني التي انطلقت منذ 1996، أي منذ أول ندوة عقدت بمدينة طنجة، والتي تفرع عنها العديد من الشبكات الميدانية والتنموية على مستوى المغرب. كما تم تطوير اللوبي السياسي على مستوى اللقاءات الدولية للأمم المتحدة حول الهجرة والتنمية، من خلال التأثير على النقاش السياسي بالبلدان المعنية بالهجرة، ومن خلال تفعيل إجراءات مساهمة المهاجرين في تنمية بلدانهم الأصلية. فالملاحظ أن هذا اللوبي لم يكن له ارتباط بالعمل الميداني التنموي على المستوى الدولي. لهذا جاء الوقت للربط بين عناصر اللوبي على مستوى الدول الاوربية والأمم المتحدة، إضافة إلى تنظيمات المجتمع المدني لبعض البلدان الاخرى، خاصة تلك الجمعيات التي تشتغل على المستوى المحلي والجهوي في المجال التنموي، وأيضا الجمعيات التي تخص الفئات: النساء، الطفل، التنمية.. وغيرها من المجالات. لقد اعتبرنا أن تلك فرصتنا لتصبح لدينا قوة اقتراحية وقوة للعمل المشترك، وذلك عن طريق تأسيس شبكة تعمل في هذا المجال. وهذا ما حصل، حيث أسسنا شبكة جمعيات سميناها الشبكة عبر الوطنية للهجرة والتنمية، وذلك لربطها بالدينامية التي تعرفها الهجرة المغربية عبر العالم. ويهدف هذا العمل، أولا، إلى خلق تواصل بين الجمعيات بالداخل والخارج، والاتفاق حول كيفية تشبيك هذا العمل على جميع المستويات، سواء على المستوى الميداني أو على مستوى التأثير السياسي. لقد دخل المغرب محطة مهمة، وهي المنتدى العالمي للأمم المتحدة حول الهجرة الذي سينهي دوراته الخمسة في المغرب سنة 2012، مما يطرح علينا تحديا مهما هو: كيف نساهم كمجتمع مدني في تقييم مختلف المبادرات؟ وكيف يكون لنا مجتمع مدني له دور وحضور ومشاركة فعلية ويساهم في تقييم هذه التجربة من خلال الاتصال بالحكومة المغربية، وذلك من أجل وضع استراتيجية مشتركة بين المجتمع المدني المغربي بالداخل والمجتمع المدني بالخارج من جهة، وبين الحكومة من جهة أخري، من أجل إنجاح هذا العمل واسماع الصوت الفعلي لبلدان الجنوب حول موضوع الهجرة الذي يتناقض في العديد من الميادين مع الرؤية العالمية والأوربية التي تستعمل هذه المنتديات الدولية من أجل تمرير القوانين التي تتلاءم مع مصالحها ومخططاتها، وذلك من خلال إجراءات مثل التوفير للعودة والهجرة الدائرية وتدبير الهجرة السرية، في حين يتم تجاهل مبادئ أساسية مثل الهجرة وحقوق الانسان، الهجرة والشراكة الفعلية، الهجرة ودورها في التنمية والمساواة في العلاقة بين الشمال والجنوب. عمر فكرة إنشاء هذه الشبكة حوالي 4 سنوات، لماذا تأخرتم في المرور الى تطبيق الاستراتيجية والأهداف التي ذكرتها، هل بسبب الخلافات بين الجمعيات والفاعلين في مجال الهجرة أم لأسباب اخرى؟ التأخير ناتج عن وجود رهانات أخرى، رغم أننا شرعنا في إنشاء الشبكة منذ 1996. كنا أمام رهان الحوار الأورومتوسطي، كما أن خلاصات مؤتمر برشلونة لسنة 1996 فتحت أفق تقوية المجتمع المدني بالأساس. وكان التشبيك يسير في هذا الاتجاه الاورومتوسطي، ووصلنا إلى أن توحيد الرؤية على مستوى البلدان الأورومتوسطية فيه صعوبات، سواء على مستوى سياسات البلدان أو على مستوى المجتمع المدني في التعامل مع قضايا مثل القضية الفلسطينية واختلاف الاهتمامات بين تنظيمات المجتمع المدني بالشمال أو بالجنوب. أضف إلى ذلك أن موضوع الهجرة أصبح يشكل أولوية لدى كل الشبكات الأورومتوسطية، سواء العاملة في حقوق الإنسان او غيرها، مما جعل موضوع الهجرة يصبح عاما ومشتتا بين مختلف الشبكات. هذا رغم أن الناشطين في هذه الشبكات، هم أساسا من مجتمع الهجرة ويعرفون جيدا ما هي المطالب الأساسية.. هناك عامل الأجندة السياسية الذي لعب دورا مهما، إضافة إلى عامل التشتت الفئوي داخل هذه التنظيمات بين جمعويين و باحثين أو ممثلين لمؤسسات. لهذا نرى أنه حان الوقت ليكون لدى المجتمع المدني المغربي المهتم بالهجرة تأثير على المستوى الدولي، ولابد من أداة للتواصل مع تجارب مجتمع مدني آخر له تجارب رائدة للاستفادة منها، ولا بد من تكوين لوبي، سواء على مستوى بلدان الإقامة أو على مستوى مختلف الشبكات الموجودة . تغيير الأوضاع يتطلب وحدة. كما يتطلب تحالفا واستراتيجية عمل، وعلينا الدخول في هذه الدينامية، ولكن ليس بشكل مشتت. يعني أن مسار برشلونة انتهى دوره؟ بالنسبة لي انتهى إلى الفشل. هذا معناه أنك تدعو إلى تجربة جديدة؟ بالفعل، أدعو إلى تجربة تنطلق من هويتنا ومن قضايانا، لأنه لا يمكننا ان نكون مجرد متفرجين على السياسات الأوربية في هذا المجال. هناك الآن سياسات اوربية ممنهجة تجاه الهجرة المغاربية أو اتجاه هجرة الجنوب. كما أن هناك تزايدا للاجراءات التعسفية ضد المهاجرين. لكن ألا ترون أنه لا يمكن للمغاربة وحدهم، أو المغاربيين، أن يقفوا ضد هذه السياسات دون تعاون من طرف المجتمع المدني ببلدان الإقامة، بالاضافة الى النقابات والأحزاب ومختلف الفاعلين في الحقل السياسي؟ بالطبع، هذا أمر صحيح. ولتتواصل مع الآخر، لا بد أن تنظم نفسك أؤلا، وتكون لك أفكار واضحة. لكن الشبكة الاورمتوسطية هي الإطار الصحيح لهذا التعاون بين منظمات الشمال جنوب، وبين المنظمات العاملة في الهجرة، سواء ببلدان الإقامة او البلدان الاصلية؟ نعم الشبكات الأورومتوسطية مهمة، لكن تعترضها العديد من الصعوبات، ولا بد للمغاربة من إطار خاص بهم يطرحون به خصوصية قضياهم وتقديم اقتراحاتهم وإلا سنصبح أقلية. وفي نظري، لا بد أن ينطلق التشبيك من خصوصيات، ومن العمل الميداني، رغم أن التشبيك الحالي له أكثر من 20 سنة، ويطغى عليه الطابع النظري، وليس له أي تأثير ميداني. كيف تفسر أن مختلف الجمعيات المغربية العاملة في مجال الهجرة ومختلف المؤسسات الموجودة لم تجد حدا أدنى تتفق حوله، ولم تجتمع على مصلحة تضعها فوق مختلف الاعتبارات؟ عندما نتكلم عن الشبكة عبر الوطنية للهجرة والتنمية، فإن إطارها محدود وواضح. نحن نشتغل على قضايا الهجرة والتنمية والقضايا الاجتماعية ومطالبنا كمغاربة تتطلب إطارا وحدويا على المستوى الأوربي لمتابعة السياسة الاوربية، و هوالأمر المنعدم لحد الآن. هل تقصد جماعات الضغط؟ هناك دينامية مغربية في الهجرة لوجود طاقات، لكن للأسف لا يوجد هناك أي عمل تقوم به جماعات ضغط. ولا بد لنا أن نميز بين مستويين. هناك، أولا، المشاكل التي تخص الهجرة على المستوى الدولي. وهناك، ثانيا، مشاكلنا كمغاربة بأوربا التي يمكن معالجتها على مستوى شبكات الجمعيات المغربية بأوربا، ومن خلال العمل اللوبي على مستوى بروكسيل. ألا تعتقد أن هناك عددا من المشاكل ناتجة عن غياب تنسيق بين جمعيات المجتمع المدني على مستوى أوربا؟ المشاكل المطروحة بين الجمعيات هي مشاكل زعامات وتوجهات، أو مشاكل الرؤى الضيقة، مثلا مواجهة تنامي العنصرية ضد المهاجرين يتطلب منا كجمعيات مغربية امرين الاول رؤيتنا كمغاربة لدفاع ضد العنصرية والامر الثاني العمل المشترك مع الفاعلين الآخرين، وذلك من خلال الضغط لتطبيق بعض المواثيق الدولية من حقوق الانسان عامة وحقوق المهاجرين وفي نفس الوقت الاهتمام بما يخص هويتنا. لكنك كفاعل جمعوي منذ اكثر من 30 سنة في مجال الهجرة، ألا يمكنكم الوصول إلى الحد الأدنى بين مختلف هذه الفعاليات للدفاع عن مصالح المهاجرين المغاربة في ما هو أساسي مع الاحتفاظ بالاختلافات التي تخص كل توجه؟ هذا العمل يتطلب البناء والأرضيات الواضحة. لكن ما هو العائق للوصول إلي ذلك؟ نسعى اليوم لخلق إطارات مفتوحة وعصرية تستفيد من العديد من الهيئات المغربية الموجودة على صعيد أوربا لخلف لوبي مفتوح، لأن الواقع اليوم يفرض ذلك. كما أن الوضع اليوم بأوربا جد متوتر بفعل تنامي اليمين المتطرف، إضافة إلى الوضعية الصعبة للجالية المغربية. لهذا لا بد من توحيد العمل في إطار التعددية. وفي نظري، المغرب ليس مهيئا لطرح سياسة جديدة في مجال الهجرة، ولا بد من النقاش حول ذلك. هناك دائما سياسة قديمة في حلة إنسانية ومجهود إنساني وغياب سياسة تشاركية . ألا تعتقد أن غياب سياسة تشاركية ناتج عن عدم وجود مخاطبين للدولة في مجال الهجرة؟ التجربة الأولى كانت هي المناظرة، حيث التقت جمعيات مغربية من مختلف مناطق العالم، وكانت نتائج النقاش مهمة. هناك أيضا تجربة دابا 2012 التي اعتبرت مطلب كل الفاعلين الجمعويين، وتخص موضوع المشاركة السياسة. هل المشاركة السياسية هي المطلب الوحيد والأساسي لمغاربة العالم؟ المواطنة الجديدة تعني مشاركة المهاجر في القرار السياسي عبر صناديق الاقتراع. لكن المشاركة السياسية مفتوحة في وجه المغاربة ببلدهم الأصلي، إذ بماذا سيفيدنا وجود برلماني مغربي يمثل فرنسا أو هولندا في حل مشاكل المغاربة المقيمين بهذه البلدان، خاصة أنه لن يتمتع بأية صلاحية في مخاطبة مؤسسات بلدان الاستقبال؟ المسألة غير مرتبطة بمن سيعطي هذه الحق، بل هي مرتبطة بممارسة حق المواطنة. فإذا كان الوطن يعطي الحق في المشاركة السياسية، فيجب ممارسة هذا الحق الدستوري. وبطبيعة الحال، فإن الطرف المعارض لهذا الحق يعطي التبريرات التي تبرزه بشكل سيء. لكن هذا الحق يمكن أن يسبب مشاكل مع بعض الدول التي تعارض مبدأ الازدواج في المواطنة والممارسة السياسية مثل هولندا أو المانيا؟ إن مسؤولي المجلس والدولة يطرحون هذه التبريرات التي ذكرت، لكن لا توجد دول تمنع هذا الحق، حتى في ألمانيا أو هولندا. أنا في لجنة تشتغل حول قضايا المشاركة السياسية، وحسب علمي، لا يوجد أي بلد اوربي يعارض هذا الحق. لكن هناك بلدان أوربية ترفض هذا الازدواج في الولاء أو المشاركة، مثل الدنمارك وغيرها؟ أنا أعرف هولندا جيدا بحكم إقامتي وعملي. ليس هناك قانون يمنعك من المشاركة في الانتخابات إذا كانت لك جنسية مزدوجة. هناك تجارب لعدد من البلدان في مجال تنظيم المشاركة. كما المنظمة العالمية للهجرة تساعد في تنظيم هذا النوع من الانتخابات للمهاجرين، مثلما فعلت مع العراقيين مؤخرا. لكن الرهان الحقيقي للمهاجرين هو بلد الإقامة؟ لا. المشاركة حق، ولا يمكن تجاوزها بأي مبرر، وما دمت مواطنا مغربيا لا أحد من حقه حرماني من ذلك. أستعمل هذا الحق، أو لا أستعمله هو حقي، لأن علاقتي ببلدي تحكمها حقوق واجبات. والذي تحكمه مرجعيات دولية لحقوق الانسان ومرجعيات وطنية منها الخطاب الملكي 2005. أتفق أن المشاركة السياسية ليست هي المطلب الوحيد للمهاجرين، لكن الأولويات لا يمكننا ان نحددها بسهولة، سواء في مطلب المراكز الثقافية لوحدها أو مطلب الأولية في جلب الفقهاء. لا بد من توحيد سياسة الهجرة والمخاطب بالنسبة للمهاجرين. علينا أن نحدد من هو المخاطب: هل هو مجلس الجالية أم وزير الهجرة؟ هل هو وزير الأوقاف أم وزير العدل؟ أما في ما يخص الاستشارة، فلها أدواتها، ذلك أنه إذا أردنا الاستشارة حول ملف، لا بد من مسطرة لأشراك الفاعلين في ذلك، كما لا يمكننا استعمال مجلس استشاري لتطبيق سياسة عمومية في مجال الهجرة. كيف تقسر التناقضات التي تعرفها هولندا اليوم مثلا في موقفها من الهجرة المغربية بين حضور سياسي على جميع المستويات ومشاركة حقيقية وبين تنامي العنصرية والأحزاب اليمينية المتطرفة؟ هذا الجانب كان دائما حاضرا في هولندا ، والمشاركة السياسية كانت فاعلة منذ 1986، إذ حصل إشراك المهاجرين سياسيا، وخاصة من خلال أحزاب اليسار، سواء الحزب الاشتراكي أو الحزب الاخضر. أما حاليا، فقد تراجعت هذه الأحزاب عن عدد من المبادئ، لخوفها من تراجع قاعدتها بسبب تنامي اليمين المتطرف. كما أن المغاربة الذين ينخرطون في هذه الأحزاب مجبرون على تطبيق البرامج التي تلتزم بها هذه الهيئات. ونحن نشتغل حاليا من أجل خلق لوبي مغربي بهولندا بغض النظر عن الانتماءات والاستفادة من تجربة اليهود في هذا المجال، حيث يلتقون حول نقطتين أساسيتين: معاداة السامية واسرائيل. هناك بعض الإخوان يحاولون الاشتغال في هذا الاتجاه، رغم أن الامر ليس سهلا بالنسبة للمتحزبين الذيني مكن ان تضر بهم بعض المواقف، مثل إعلان مساندتهم لبعض القضايا مثل القضية الفسطينية.. لاحظنا أن المنتخب الهولندي المشارك في نهاية كأس العالم الأخيرة ضم لاعبين من أصل مغربي، هل للرياضة دور في التقارب بين مختلف مكونات المجتمع الهولندي والحد من التوتر حول الهجرة؟ الهولنديون حال وأحوال. إذ في الوقت الذي يقع حدث سيء شارك فيه مغربي يذكر الإعلام ان أصله مغربي، في حين عندما يشاركون في حدث إيجابي لا يتم ذكر أصلهم. مثلا مقتل جندي هولندي من أصل مغربي في أفغانتسان مؤخرا أمر لم تذكره وسائل الإعلام، إذ لا يقولون في الإعلام ان هذا الشاب من أصل مغربي، بل يصرحون فقط بأنه شاب هولندي، والشيء نفسه بالنسبة للرياضة، إذ لا يتم ذكر أصول هؤلاء الشباب المغاربة. فقبل كأس العالم، وبفعل الانتخابات كانت حملة شعواء ضد المغاربة، لكن مع بداية كاس العالم توقفت الحملة، وأصبحنا كلنا هولنديون، ثم بعد نهاية كاس العالم عدنا إلى الواقع. إن الرأي العام الهولندي بدأ يقبل بهذه الأحكام التي تصدر حول المغاربة، ولا بد من التنظيم لمواجهة هذا الوضع. أما في ما يخص القضية الفلسطينية، فهناك محاولة لتجريم هذه المساندة بهولندا، وهناك مكاتب إسرائيلية تقوم بأبحاث كاذبة تقول إن اليهود يتعرضون لهجوم المغاربة. لكن البوليس اكتشف أن ذلك عمل مصطنع .