سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العميل الجزائري كريم مولاي يكشف أوراقه ل«الاتحاد الاشتراكي» . .قضية فندق أطلس اسني، بدأت في شهر غشت من سنة 1993، لقد قدمت في هذا التاريخ، لأول مرة إلى المغرب بهوية حقيقية
بينما يؤكد بعض المراقبين أن رجل المخابرات الجزائرية السابق كريم مولاي مُستعمَل من هذه الجهة أو تلك، ويثيرون بعض الشكوك حول اعترافاته المتأخرة، لا يتردد آخرون، وهم كثر، في وصف الاعترافات التي قدمها مولاي بأنها تؤكد تورط الجزائر. البنية الجسدية القوية للرجل، وطول قامته (190 سنتم) وكذا صلعته ونظرة عينيه، كلها تشير الى إصرار قوي واستعداد للمهمة. وجهه الذي لم يحلقه لبضعة أيام يزيد من مؤشرات تعب واضح على الرجل وعدم اطمئنانه، وسيخبرنا في نهاية هذا الحوار لماذا هذا القلق... - تمة أصوات عديدة لا تتعب من ترديد أن كل الجماعات الإسلامية المسلحة بالجزائر، هي مخترقة من قبل جهاز المخابرات العسكرية الجزائرية. ما حقيقة ذلك، وما الغاية من ذلك الإختراق؟ -قبل الجواب على سؤالك، ورفعا لكل التباس، أود التوضيح أن أمر التطرف الديني في الجزائر ليس ترفا فكريا. وأنه لم يكن من صنع المخابرات. أما بخصوص سؤالك، فإنني أؤكد لك أن أمر الإختراق قد شمل كل تلك الفرق فعلا، من أصغرها إلى أكبرها. هكذا، فإن العديد من العمليات التي قامت بها تلك الجماعات، ونفذتها، قد تمت بتوجيه ورعاية من المخابرات الجزائرية. وأكتفي بأن أقدم لك مثالا واحدا، كنت شاهدا عليه، يتمثل في تصفية 7 أبرياء مدنيين على الطريق السيار بين زيرالدة والجزائر العاصمة في مارس 1997. في تلك الليلة، ونحن عائدان، أنا ورئيسي المباشر عبد القادر (عباس)، ومعنا 5 عناصر آخرين، من ليلة سمر خاصة، قرر عبد القادر التوقف في جانب الطريق فجأة، وشرع هو والخمسة الآخرن في ارتداء لباس الإرهابيين (اللباس الأفغاني) وأخرجوا أسلحتهم، ثم أوقفوا سيارتين بهما 7 مدنيين. لقد تمت تصفيتهم ببرودة دم، دون أن يتبقى لأولئك الضحايا حتى الفرصة للإستطلاع حول ما يحدث. - إنك تحاول إقناعنا، أنك لم تشارك في تلك العملية وفي تلك التصفية؟ - نعم، لم أشارك فيها، مثلما أنني على مدى سنوات عملي 13 بالمخابرات لم يحدث أن شاركت قط في عمليات تصفية. لسبب بسيط هو أنني لم أكن من فرقة المنفذين للتصفيات. كنت عنصرا مكلفا أساسا باللوجيستيك. - ما مبرر عملية التصفية الرهيبة تلك ضد مدنيين أبرياء؟. هل هي شطط أم خطأ في الهدف؟! - لا، لم تكن لا شططا ولا خطأ في الهدف. ولا هي فكرة نزلت على عبد القادر عند طاولة بار. بل، إنها كانت عملية مندرجة في إطار استراتيجية تهدف إلى ضمان استمرار جو الإرهاب النفسي عند عموم المواطنين الجزائريين، كما شرح لي ذلك رئيسي المباشر. وبطبيعة الحال، فقد نسبت تلك العملية للجماعات الإسلامية المسلحة. مثلما، أن هناك عمليات قامت بها فعلا تلك الجماعات لحساب جهاز المخابرات، الذي اخترقها جيدا كما قلت من قبل. بل إن ذلك الإختراق، قد سمح لجهاز المخابرات بتجنيد عناصر من تلك الجماعات الإسلامية للقيام بعمليات في الخارج، مثل ما كان عليه الحال في عملية الإعتداء على فندق أطلس أسني بمراكش. - لماذا، إذن، اخترقت أو خلقت المخابرات الجزائرية جناح «القاعدة في المغرب الإسلامي» للقيام بعمليات في منطقة الساحل؟ - في ما يخص تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، فإن الإعتبارات مختلفة. لابد من تأكيد أن هذا التنظيم الإرهابي قد تم فعلا خلقه من قبل المخابرات التي نجحت كثيرا في عملية اختراق التنظيم الأسبق عليه «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». تذكروا جيدا تلك العملية التي استهدفت موكبا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حين زيارته لمدينة باتنة، وتلك العمليتان اللتان استهدفتا المجلس الدستوري ومقر الدرك الجزائري، والتي خلفت مئات القتلى. وأخيرا العمليتان الإنتحاريتان لشهر أبريل 2007 التي خلفت 30 قتيلا وأكثر من 200 جريح. إنها جميعها من إنجاز «الجماعة السلفية»، لكن بتوجيه من المخابرات. وفي تعليقه على العمليتين الأخيرتين، قال وزير الداخلية يزيد زرهوني، إن تمة تداخلا لمصالح غير إسلامية، في إشارة منه لعناصر المخابرات المناهضة لسياسة بوتفليقة. حين تم الإعلان عن تأسيس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» كنت خارج الجزائر، وبقيت مطلعا على الأمور من خلال أشخاص بقوا داخل الجزائر. - من خلال أصدقاء لك داخل جهاز المخابرات؟ - أنتم تدركون أنه لا يمكنني التفصيل في هذا الباب. الأساسي هو أن مصادري جد موثوقة وهم على اطلاع واسع بما يخطط له داخل جهاز المخابرات. إن المصالح الملعوبة في منطقة الساحل ضخمة جدا. تمة خيوط مرتبطة بالحرب المعلنة على الإرهاب دوليا من قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهذا مجال لم يكشف بعد عن كامل أوجهه. مثلما أن تمة مصالح مالية ضخمة مرتبطة بالتهريب من كل نوع، سواء تهريب السلاح أو المخدرات أو السجائر.. ومن ورائها نجد عناصر «الجماعة السلفية للدعوة والقتال». بطبيعة الحال، لم يكن واردا أن تترك المطامح السياسو - مافياوية للمخابرات الجزائرية، هذا المصدر الهائل للمال، الذي يقدر بملايير الدولارات، أن يفلت منها. وللتيقن من العلاقة القوية بين المخابرات والجماعة السلفية للدعوة والقتال، يكفي التساؤال حول مكان تواجد عماري سيفي، واسمه الحركي عبد الرزاق البارا، الأمير السابق للجماعة، الذي لا بد من التذكير أنه ضابط سابق للقوات الخاصة بالجيش الجزائري. فقد تم اعتقاله بمنطقة الساحل، من قبل « الحركة من أجل الديمقراطية والعدالة بتشاد» (هي حركة معارضة للنظام التشادي)، وتم تسليمه إلى ليبيا، التي قامت بدورها بتسليمه إلى الجزائر. لقد صدرت أحكام غيابية عدة من قبل المحاكم الجزائرية ضد «البارا»، والسبب الذي كان يقدم دوما أن الأمير السابق للجماعة لم يكن في أي سجن جزائري. أين هو إذن؟!. الجواب الذي يسري قويا، أنه مقيم بإحدى الإقامات الخاصة بالمخابرات، غير بعيد عن منطقة بن عكنون [بالجزائر العاصمة]. - هل قمتم أو ساهمتم في مهمات خارج الجزائر. إذا كان الجواب ايجابا، الأمر يتعلق بأي دولة؟ - نعم، لقد قمت بالعديد من المهمات، خاصة في اندونيسيا، ماليزيا، تركيا، موريتانيا، تونس، سوريا، والسنغال. واشتغلت ايضا لحساب مصالح المخابرات الليبية. كانت هذه المهام تتضمن بالأساس التحقيق حول أفراد الجالية الجزائرية المقيمين في هذه الدول القريبة من الحقول الاسلامية، وكذلك اختراق محتمل لشبكاتهم. لقد ساعدتني قدراتي بشكل كبير على الاختراق في النجاح في مهامي. ماعدا هذا، سبق أن سافرت في إطار الزيارات الرسمية التي كان يقوم بها رئيس الدولة. مثلما كان الحال، خصوصا، بالنسبة لزيارة اليمين زروال في قمة مجموعة ال15 المنعقدة في كوالالامبور في ماليزيا وفي لقاء قمة بسوريا. - هل لكم أن تحدثوننا عن إحدى هذه المهمات بمزيد من التفاصيل؟ - لاعتبارات ذات ارتباط بسلامتي الشخصية، ثمة عدد من الأمور لا يمكنني الخوض في الحديث فيها الآن، لكن سيأتي الوقت، بكل تأكيد، الذي سأقوم فيه بهذا. غير أنه بإمكاني الحديث عن المهمة التي قمت بها في اندونيسيا والتي تمثلث في التقرب من إحدى كبريات المقاولات الاندونيسية، «مجموعة دجاجانتي»، التي يمتلكها أحد أبناء الرئيس الاندونيسي السابق سوهارتو. هذه المجموعة، التي تأكد أنها تعمل على تبييض الأموال وتمول المجموعات الاسلامية المسلحة الجزائرية، كانت تود أن تصدر الخشب ومشتقاته إلى الجزائر. وكان جنيرالات مديرية المعلومات والأمن يودون الحصول بشكل جلي على نصيبهم من الكعكة. - قلتم أنكم اشتغلتم لحساب المخابرات الليبية. نفترض أنكم قمتم بهذا من أجل المال وهذا يضعنا بمنأى عن صورة الوطني غير المبالي بالمال التي ترسمونها لشخصكم. هل لكم أن تحدثوننا أكثر فأكثر عن طبيعة عملكم لحساب ليبيا؟ - أن اشتغالي لحساب الليبيين يمكن تفسيره بالشكل الذي قلتم به، غير أنه لم يكن الأمر كذلك، وستفهمون هذا. إن علاقاتي مع ليبيا تعود إلى سنة 1988، التي تعرفت حينها على المگراحي ( كريم يستعرض صورا تعود بالتأكيد الى هذه الفترة حيث نراه فعلا رفقة المگراحي). في ذلك الوقت، كان التنسيق بين المصالح الجزائرية و الليبية مكثف بخصوص قضية «أزاواد». كما أنني تمكنت من معرفة أن المصالح الليببية تعتزم تنفيذ عمليات في أوربا، خصوصا في هولاندا ، بريطانيا العظمى. وقد اخبرت، حينها، مديرية المعلومات والأمن وانتم تعرفون البقية. كما تمكنت بعد ذلك، خلال صيف سنة 1991 بالتحديد، من التقرب إلى الرئيس القذافي شخصيا. فقد عبر وقتها على مساندته للجبهة الاسلامية للانقاذ. بعد ذلك، تقربت إلي إحدى السيدات من المصالح الليبية التي كانت تود أن اشتغل لحسابهم. واقترحوا علي أن أسافر الى إيرلاندا. بعد أن حذرتها، استغلت مديرية المعلومات والأمن المفاجأة من أجل اختراق المصالح الليبية. وبذلك أصبحت عميلا مزدوجا. وفي مرحلة ما بدأت تراود الليبيين شكوك حولي. فاحتجزوني بطريقة غير قانونية لمدة شهر بأحد الفنادق، كما كانوا يريدون ان يوقعوا بي بعد طلبهم لي إذا ما كنت أود أن اتصل هاتفيا بسفارتنا. و هو الامر الذي لم أقم به. وطلبت منهم أن أتصل بصديق لي في العاصمة الجزائر، وهكذا تمكنت من أن أفهم صديقي هذا عبر جمل لا تثير الشك أنني أواجه بعضا من المشاكل. بعد أن اقتنع الليبيون بخطئهم، رفعوا عني بكل بساطة إجراء الحجز الذي ضربوه علي في الفندق. لن أضيف الكثير حول هذا ، وسأقوم بهذا في الوقت المناسب. - لنأتي الآن الى قضية تنفيذ العملية الشهيرة، ضد فندق آسني بمراكش. هل لكم أن تحددوا لنا بالضبط المكانة التي كنتم تحتلونها بمديرية المعلومات والأمن في هذه المرحلة، ولماذا اخترتم المشاركة فيها؟ - كنا حينها في سنة 1993، اي أني قضيت حوالي ست سنوات من العمل اثبتت خلالها جدارتي. وتمكنت على الخصوص ان ابين أنني امتاز بسهولة في التطور في بلدان وفضاءات أجنبية. بالنسبة لي، فإن قضية فندق أطلس اسني، بدأت في شهر غشت من سنة 1993، لقد قدمت في هذا التاريخ، لأول مرة الى المغرب بهوية حقيقية، وذلك من أجل التأقلم مع الفضاءات. وكان، الضابط المكلف، عباس الملقب بعبد القادر، قد أفهمني ان سفري هذا ينخرط في اطار العمل الاستخباري الروتيني، فقط. و تبعت هذه الزيارة زيارات أخرى قمت بها بهويتي الحقيقية باستثناء واحدة. - أي سفرية ولماذا؟ - لا يمكنني الاجابة عن هذا السؤال الآن؟ - حسنا، هل لكم أن تكملوا؟. - خلال هذه الزيارات، كنت انفذ تعليمات الضابط المكلف، في عدد من المدن، خاصة بمدينة الدارالبيضاء، فاس، وجدة، القنيطرة، الريش، أزرو، الراشيديةومراكش ومدن أخرى. اتذكر عندما كنت في مدينة آزرو، كان الجو باردا، فقد كان فصل الشتاء، وكان ملك المغرب الآن، محمد السادس، وليا للعهد حينها بالمنطقة لأجل ممارسة رياضة التزلج. وهذا أمر تعرفه «مصالحكم» بكل تأكيد. - لكن لماذا ذهبتم إلى كل تلك المدن؟ وهل ربطتم فيها الاتصال بأشخاص ما؟ - باستثناء مراكش، الراشيدية والدارالبيضاء، لم نتصل بأي شخص في باقي المدن. ولم أدرك إلا في فترة لاحقة بأن جميع الزيارات التي قمنا بها في المدن الأخرى كانت فقط من أجل التضليل واختبار قدراتي. كما كنت أقوم بتدخلات في بلدان تربطها علاقات أقل صعوبة مع الجزائر. وينبغي القول أيضا، كما سبق وشرحت، إن القاعدة كانت تنص على عدم طرح الأسئلة. ولقد التقيت في الراشيدية بأشخاص قدموا لي المساعدة في إنجاز مهمتي. - لنتحدث أكثر عن تلك المهمة. ما الذي كان مطلوبا منكم؟ - لابد في البداية أن أوضح بأنني لم أكن على علم بأنني الهدف الأخير في تلك المهمة. لقد كان الأمر يتعلق، حسب ما كنت أعتقد، بعملية تجسس روتينية كما فهمت من الضابط عبد القادر، الذي تعرفه السلطات المغربية بشكل جيد، إذ سبق وسلمته في شهر غشت 1993 لعبد الحق لعيادة (وهو أحد النشطاء المنتمين للحركة الأصولية الجزائرية، والمحكوم عليه بالإعدام سنة 1993 من طرف العدالة الجزائرية، لكن سيتم الإفراج عنه سنة 1996)، وذلك في إطار تنفيذ إجراءات الترحيل في حقه. لم تكن تخطر ببالي فكرة أن ثمة استعدادات لتنفيذ عملية ما. لقد تم إخباري بالاتصال بأشخاص يشتغلون لحساب المصالح الجزائرية، من أجل جمع المعلومات حول أشخاص آخرين والمشاركة في تجنيد عناصر أخرى. ولقد باشرت فعلا الاتصال بأحد الأصدقاء، وهو ضابط شرطة مغربي يشتغل بالراشيدية، حيث قام بدوره بربط الاتصال بيني وبين مسؤول عن مركز الاتصال بمراكش. هكذا اتسعت الدائرة تدريجيا لتضم أشخاصا آخرين، مغاربة وجزائريين. - أين تمت لقاءاتكم، ومن كان يحضرها، وحول ماذا كنتم تتحدثون؟ - بعد حفل عشاء تم تنظيمه على شرف المجندين القدامى والجدد بأحد فنادق مراكش، كنا نجتمع، وكان عددنا كبير ، في شقق وثلاث فيلات بمراكش. وكنا نتبادل المعلومات، لا غير، خلال تلك الاجتماعات. وقمنا مرتين أو ثلاثا بالتوجه بأعداد قليلة إلى فندق المامونية، حيث تناولنا العشاء وناقشنا المعلومات التي تم جمعها حول المغرب. - هل حضر تلك الاجتماعات أشخاص من السفارة الجزائرية أو القنصليات التابعة لها؟ - لم يكن ثمة أشخاص يقدمون أنفسهم بتلك الصفة، على الأقل حسب علمي. لكن كان هناك أشخاص يشتغلون لمصالحنا، وكنت أجهل عنهم كل شيء تقريبا. - هل كنتم تحملون سلاحا، وهل كان ثمة من كان يشهر السلاح أو على الأقل يتحدث عنه مع الآخرين خلال اجتماعاتكم؟ - لم أكن مسلحا، ولم أعمل على إدخال أي سلاح إلى المغرب. لم تكن مسألة السلاح مطروحة، كما لم يتم تداول كلمة السلاح خلال اجتماعاتنا، على الأقل تلك الاجتماعات التي كنت حاضرا فيها. لقد كانت مهمتي ذات طابع لوجيستي، وسبق أن شرحت لكم النقط التي تتمحور حولها. لم يكن بإمكاني التكهن بأن الأمر يتعلق بالإعداد لتنفيذ عملية ما إلا بعد وقوعها. وخلال عودتي إلى الجزائر عرفت المزيد حول تلك العملية.