تحرص كل الأسر البيضاوية خلال شهر رمضان على وضع الحليب كمادة أساسية في مائدة الإفطار، فتتراجع مكانة الشاي خلال هذا الشهر الكريم. هذه الملاحظة تنطبق فقط على أيام رمضان، وإلا فإن القدرة الشرائية لمعظم الأسر المغربية لن تطيق مصاريف شراء الحليب كل يوم يقول أحد موزعي الحليب بالحي الحسني بالدار بيضاء، مشيرا إلى أنهم يقومون بتوزيع ضعف الكمية التي دأبوا على توزيعها خارج رمضان، والتي تتفاوت تبعا لكثرة أو قلة الطلب حسب كل منطقة على حدة . رغم حضور مسحوق الحليب «الغبرة» الذي يسوق منذ عقود بالمغرب، إلا أن الأغلبية الساحقة من الأسر البيضاوية و المغاربة عامة تقتني علب الحليب من فئة نصف لتر، وبدرجة ثانية علب الحليب التي تتميز بفترة صلاحيتها الطويلة، مقارنة بالحليب المبستر العادي الذي لا تتجاوز مدة صلاحيته في أحسن الحالات 3 أيام. فيما فئة أخرى قليلة تفضل اقتناء الحليب بالتقسيط من الضيعات، ومن عند الباعة المتجولين، وان كانت كمية هامة من هذا الحليب لا تدخل ضمن الكمية المحصاة من الحليب التي يستهلكها المغاربة. أحد باعة المواد الغذائية بالقرب من محطة أولاد زيان يقول إنه يبيع ما بين 80 لتر و100 لترا كل يوم، وهو معدل يختلف من محل تجاري إلى آخر حسب حجم هذا المحل وقربه أو بعده من الشوارع الرئيسية والأسواق الشعبية. «باستثناء حالات قليلة فإن الكمية المتوفرة في المحل تكفي لسد حاجيات الزبناء»، يضيف صاحب محل للبقالة بحي ليساسفة، ولأن كمية الحليب تقل مع اقتراب موعد آذان المغرب فإن المواطنين يتسابقون للحصول على لتر واحد من الحليب أو نصف اللتر، والذين لا تسعفهم ظروف عملهم ويتأخرون في قصد محلات بيع المواد الغذائية، يطلبون من أصحابها الاحتفاظ لهم بكمية من الحليب، وتفاديا لهذه الإشكالية يمتنع بعض باعة المواد الغذائية عن بيع علب كثيرة لنفس الزبون، بهذا الخصوص يقول أحد الباعة:«إذا قمت ببيع 4 أو 5 لترات لزبون واحد فإن ذلك يأتي على حساب زبون آخر لم تسعفه ظروفه، فيأتي متأخرا ولا يجد حتى نصف لتر». ولا ينحصر استعمال الأسر البيضاوية لمادة الحليب فقط على تناوله بشكل مباشر مع بعض القهوة، إذ تنفتح شهية البيضاويين على مختلف أنواع العصائر التي يتم تحضيرها في المنازل، فضلا عن استخدامه في إعداد الحساء، وهو ما يجعل استهلاك الأسر يفوق المعتاد. من الواضح أن عدم توفر الحليب في الدقائق الأخيرة قبل آذان المغرب في الكثير من المحلات التجارية بالبيضاء ينطبق على كل المدن المغربية، وإن بنسب متفاوتة، وهو ما يعطي الانطباع بأن الطلب أكبر من العرض رغم ازدياد عدد شركات إنتاج الحليب في المغرب في السنوات الأخيرة، غير أن ما يثير التساؤل لدى بعض المستهلكين هو الوصول المتأخر لهذه المادة، و غيابها أحيانا ببعض الأحياء البيضاوية، كما حصل في أول أيام رمضان بحي الصفاء(بالالفة)، رغم وجود أنواع عديدة من الحليب التي تتيح عرضا متنوعا ومتكاملا أمام المستهلك. وكالعادة، يبقى ارتفاع حجم استهلاك الأسر من الحليب خلال شهر رمضان أمرا طبيعيا اعتادت عليه الأسر، إذ يتوقع أن ترتفع الكمية المستهلكة خلال هذا الموسم من 70 إلى 80 مليون لتر على المستوى الوطني، في وقت يبلغ الطلب الوطني من هذه المادة الحيوية ثلاثة ملايير و715 مليون لتر سنويا، في وقت لا تتجاوز الطاقة الإنتاجية للوحدات العاملة في القطاع مليارا و250 مليون لتر سنويا، منها 700مليون لتر مصنعة مما يعني أن تحقيق التوازن يقتضي إنتاج ملياري لتر إضافية كل سنة.