يندرج سوق السمك بالجملة في إطار تنمية الاستهلاك الوطني للمنتوجات البحرية من خلال تمكين المواطنين من الاستفادة أكثر من الثروات السمكية، في أحسن الظروف من ناحية الجودة والثمن والوفرة والصحة والسلامة لكن واقع الحال غير ذلك تماما. أنجز سوق السمك بالدار البيضاء بشراكة بين المكتب الوطني للصيد، والمجموعة الحضرية للدارالبيضاء سابقا، بغلاف مالي يبلغ 70 مليون درهم وجاء في إطار محور إعادة هيكلة تسويق المنتوجات البحرية بالدارالبيضاء الكبرى، من خلال مقاربة شمولية ومندمجة تتضمن إنجاز عدة مشاريع موزعة ما بين إنشاء سوق للسمك خارج الميناء، وتأهيل بنيات التسويق بميناء الصيد، وتقديم الدعم التقني لمدينة الدارالبيضاء، لإحداث شبكة من أسواق بيع السمك بالتقسيط، فضلاً عن تأطير الباعة المتجولين، وتقديم الدعم المالي لهم لتزويدهم بوسائل التوزيع الملائمة، التي تستجيب لمعايير الجودة المطلوبة. لم تمر بعد سوى سنتين على فتح أبواب سوق السمك بالجملة حتى ظهرت به عيوب كثيرة، وقد كان الجميع يعتقد أن مشروع سوق السمك بالجملة سيكون معلمة تجارية كبيرة توازي حجم مدينة الدار البيضاء قاطرة المغرب الاقتصادية، حيث ساد الاعتقاد أنه سيحتوي على مرافق مجهزة بأجهزة ميدانية جد متطورة قد تقضي جميع حاجيات الباعة والمتسوقين والزائرين، وبذلك تقضي على جميع المشاكل التي كان يعرفها هذا القطاع. فكل من سمع بقيمة الغلاف المالي التي وصلت إلى 7 ملايير من السنتيمات، يتخيل حجم وقوة وعظمة هذا السوق والوسائل الحديثة التي من الممكن أن يشملها حتى يكون أحد أكبر مصادر التنمية المستديمة لهذه المدينة الكبيرة. الآن وبعد سنتين على فتح هذا السوق لا يمكن للزائر وهو يتجول بين مرافقه إلا أن يضع يده على قلبه كي لا يصاب بنوبة قلبية ، أو يضع يديه معا على رأسه كي لا يصاب بدوران يفقده توازنه ويهوى على الأرض من هول ما سيراه داخل هذا السوق. فمجاري المياه ومصباتها تهاوت وكأنها تعمل لعقود من الزمن. حاويات الأزبال تنتج عصيرا ملوثا يسيل من أسفلها ومن بعض جوانبها دون الاكتراث بذلك. أبواب المستودعات الكبيرة الخاصة بعرض وبيع أنواع كبيرة من الأسماك والتي كان التحكم فيها إلكترونيا، أصبحت معطلة ومنها من هو آيل للسقوط. أسماك من الحجم الكبير مرمية على الأرض معروضة للبيع أو تنتظر من يحملها إلى وجهة أخرى. قاعات البيع المغطاة أرضيتها أصبحت غير صالحة لعدم صيانتها ومراقبتها، فالأزبال متراكمة في كل جانب منها في منظر يشمئز منه المرء. مكان وقوف الشاحنات القادمة من مدن ساحلية أخرى كالجديدة وآسفي والصويرة محملة بنوع السردين والشرن غير منظم، حيث تزاحم الباعة على كل شاحنة في مكان لا يصلح لأي شيء فبالأحرى للسمك. أما الأرضية فهي صالحة لأنواع أخرى من البيع، لكنها بعيدة عن بيع السمك لكثرة المياه السائلة من صناديق «السردين». فحتى الأعوان الذين يجرون تلك الصناديق بواسطة عربات صغيرة مخصصة لذلك، هم قليلون حتى أصبحت تشاهد السمك بشتى أنواعه مرميا على الأرض هنا وهناك في غياب إدارة حازمة تراقب وتمنع مثل هذه الحالات التي بدون شك تضر وتمس بصحة المستهلك. خلال أكثر من زيارة لم يلاحظ الزائر عمال النظافة، بل أحيانا وحسب مصادر من داخل السوق، يطلب من العمال الذين يجرون العربات الصغيرة على قلتهم أن يدفعوا المياه أو يزيلوا الأزبال وبعض النفايات أو الأسماك الفاسدة من الطريقة، ووضعها في الحاويات الموجودة بالداخل. في هذه الأوضاع غير السليمة تشتغل يوميا شريحة كبيرة من تجار السمك ويد عاملة جد مهمة الكل يعمل ويجد لكن في ظروف غير ملائمة تماما. بعض الجمعيات التي تأسست داخل هذا السوق : كجمعية تجار السمك السطحي بالدار البيضاء حاولت مرارا فتح قنوات الحوار مع الدير العام لكن دائما تجد الأبواب موصودة أمامها ، وقد أبدت استعدادها في أكثر من مناسبة للعمل مع إدارة السوق ومع الدوائر المختصة لتحسين ظروف العمل داخل السوق الذي يعتبر أكبر سوق بالمغرب، وهي بذلك تريد المساهمة كجميع التجار والعمال في الرفع من قيمة هذه المعلمة الاقتصادية. فالجميع أصبح غير راض على ما آلت إليه حالة السوق بعد سنتين فقط من تدشينه، ويناشد السلطات المحلية والمعنية العمل على إنقاذ هذا السوق وإخراجه من الحالة التي أصبح عليها الآن، ويتساءل في نفس الوقت عن الشركة التي تكلفت ببنائه وعن المدة المخصصة للصيانة والمتابعة لجميع المرافق والتي توجد بدون شك في دفتر التحملات.