قد يكون ارتفاع ثمن بعض المواد الغذائية التي يعتمد استهلاكها اليوم بشهر رمضان بالأمر المألوف عند المغاربة عامة وعند البيضاويين خاصة. لكن ما هو غير مألوف وغير طبيعي أن ترتفع أسعار بعض أنواع المخدرات ونحن على أبواب شهر التوبة والغفران. فما تعرفه الحبوب المهلوسة (القرقوبي) هذه الأيام من ارتفاع في ثمنها ، يجعل المتتبع لهذا الموضوع يعيش حالة الاستغراب من نوع خاص. فبعد بحث وتدقيق في الأمر، اتضحت أسباب هذا الارتفاع في الثمن نتيجة الإقبال المتزايد على هذه الحبوب، فكانت من أهمها أن كل الذين كانوا يدمنون على شرب الخمر في الأيام العادية توقفوا مؤقتا حتى يمر شهر رمضان وغيروا وجهتهم إلى تناول هذه المادة من المخدرات. ومادام عددهم كثيرا، فإن الطلب على القرقوبي زاد وارتفع، وطبيعي أنه مع ارتفاع الطلب يرتفع السعر وهكذا أصبح ثمن الحبة الواحدة يتراوح ما بين 35 إلى 40 درهما وأحيانا إلى أكثر وثمن السمطة الواحدة يصل إلى 200 درهم. ولم يقتصر الأمر على الرفع في السعر بل الإقبال الكبير على مواقع ترويج هذه الحبوب، وما تخلقه من فوضى تصل أحيانا إلى التشابك بالأيدي للحصول على نصيب أوفر. هذه المواقع التي أصبحت معروفة عند المهتمين والمسؤولين في السلطات المحلية والأمنية بجميع مقاطعات الدارالبيضاء، لكن أبرزها توجد بمقاطعة بن امسيك حيث أصبحت تعرف عند المدمنين والمروجين بإمبراطورية الحبوب المهلوسة لصاحبها المعروف باسم (الدجايجي)، ثم بمقاطعة الفداء بدرب الشرفة والطلبة وبالمدينة القديمة درب الطاليان وما جاوره من الأحياء وغيرها من المناطق التي أصبحت مراكز تزويد مهمة. هذه الظاهرة التي أصبحت تعيش عليها بعض أحياء المدينة، قابلتها بعض التحركات الهامة لرجال الأمن بعدد من الدوائر الأمنية التي تجندت لهذه الغاية وداومت عملياتها التمشيطية، حيث ضيقت الخناق على مروجي هذه الآفة الخطيرة ومع الأسف بعض الدوائر الأمنية الأخرى لم تعط للوضع كامل الاهتمام ، مما جعل الزبناء يقبلون عليها من جميع المقاطعات الأخرى التي تعرف تضييقا على هذه الفئة من المدمنين والمروجين. والأخطر من هذا وذاك هو أنه في بعض الأحياء تزدهر تجارة المعجون أو كما يحلو للبعض تسميتها ب«غريبة» وهي عبارة عن خليط يجمع أشياء غريبة تغير مجرى الدماغ، أصبح مؤخرا من بينها حبة القرقوبي التي تسحق وتمزج مع الخليط لتعطي معجونا أو غريبة سريعة المفعول. أحيانا تصبح هذه المادة تحت الطلب وبأداء مسبق خصوصا المبتدئين في التعاطي للمخدرات وفي الانحراف عامة. إنها كلها أمور تنذر بضرورة تكاثف الجهود خلال شهر رمضان من السلطات الأمنية وفعاليات المجتمع المدني في جميع مناطق الدارالبيضاء حتى تكون العواقب أخف لأن ارتفاع درجات التخدير، ترتفع معه نسبة الجريمة.