«يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي» صدق الله العظيم. تلقى المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأسى وحزن عميقين، نبأ رحيل المناضل الفذ الأستاذ محمد مجدوبي بوعمامة إلى دار البقاء، بعض مرض عضال لم ينفع معه علاج. وبهذه المناسبة الأليمة، ينعي المكتب السياسي، باسم كافة المناضلات والمناضلين، الفقيد راجيا من العلي القدير أن يلهم أسرته الكبيرة والصغيرة الصبر والسلوان، وأن يتغمد الفقيد بواسع رحمته. وإنا لله وإنا إليه راجعون. لقد كان الفقيد محمد مجدوبي أحد أعمدة ورموز المدرسة الاتحادية منذ نشأتها، فكراً وممارسة وأخلاقاً ونزاهة وثباتا على المبادىء. وكان أحد رفاق الشهيد عمر بنجلون ممن ساروا طوال حياتهم على هدى فكر وممارسة عمر. لقد جسد رحمه الله طيلة حياته الحافلة نموذجاً مجسداً للإيمان الراسخ، والإرادة الصلبة والقناعة المتجذرة والثقة الكاملة في قدرة الفعل النبيل على الانتصار في معركة التغيير والبناء الديمقراطي، وبذلك استحق احترام وتقدير الجميع من مختلف الأجيال والقطاعات. لقد بدأ الفقيد نضاله منذ فترة الإستعمار، حيث أعتقل وهو طالب بالقرويين. كما تم إبعاده الى فاس على إثر إضراب 1961 . وقد عرفته الأسرة التعليمية مؤطراً تربوياً، مبدعاً ونشيطاً. وكان أحد رجالات التعليم الأوائل الذين اجتهدوا بإخلاص وتفان، من خلال المسؤولية التربوية التي تحملها بكفاءة واقتدار كمفتش عام، في تحليل مختلف جوانب الإشكالية التعليمية في بلادنا، وفي اقتراح الحلول والمبادرات، وفي إغناء البرامج وطرق التحصيل. وعرفته التنظيمات الحزبية التي تحمل فيها مسؤوليات إقليمية ووطنية قيادية، مناضلا صلبا لا يخاف في قول الحق والجهر بالحقيقة لومة لائم، مناضلا ميدانياً مؤمنا حقا بتكامل واجهات العمل في مسيرة النضال الديمقراطي. وعرفته بوادي إقليمفاس واحداً من أنشط وأكفأ مؤطري العمل السياسي بها في أحلك الظروف وأصعبها بعد المؤتمر الاستثنائي. وعرفه العمل النقابي واحداً من المناضلين الشرفاء الذين تركوا بصماتهم توجيها وتأطيراً على مسيرة الكفاح النقابي. وعرفه مجلس النواب الذي انتخب فيه على إثر استحقاقات يونيو 1977، ثم إثر استحقاق 1997، نائباً حاضراً باستمرار، فكراً وعملا دؤوبا في اللجان وصوتاً متميزاً في الجلسات العامة. وعرفه العمل الجماعي، حيث تحمل رحمه الله مسؤولية رئاسة جماعة سايس خلال سنوات 2003/1997 بتفان وإخلاص ونكران ذات، نموذجاً للمنتخب الجماعي المشبع حقاً بثقافة القرب، الحريص على شفافية المساطر في كل مناحي الأداء البلدي، المدافع بحماس عن البعد الاجتماعي للمشاريع. لقد جسد الفقيد تلك الخصلة النادرة التي تميز الرجال الأفذاذ، خصلة الصرامة المقرونة بالابتسامة، أو لعلها خصلة الصرامة المبتسمة. لم تفارق البسمة وجهه حتى وهو يعاني في أيامه الأخيرة من ضغط الألم، وكأنها إيماءة إلى ضرورة أن تحمل الأجيال الجديدة مشعل النضال الوطني الديمقراطي والإنساني الذي حمله الفقيد على امتداد زمني يفوق خمسة عقود من الزمن. رحم الله فقيدنا محمد مجدوبي بوعمامة وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين، وألهم أسرته الصغيرة والكبيرة الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.