أكد حفيظ بوطالب الجوطي، رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، أن الجامعة المغربية تغيرت، لكن عقلية منتقديها لم تتغير. جاء هذا التأكيد في البرنامج المباشر «حوار»، الذي بثته القناة الأول مساء يوم الثلاثاء الماضي، حيث أبرز أن الإصلاح الجامعي الذي صادق عليه البرلمان وتم الشروع في تطبيقه منذ نونبر 2001 جعل الجامعة المغربية أول جامعة في الضفة الجنوبية لحوض المتوسط تعتمد نظاما تعليميا أوربيا، مضيفا أن من نتائج هذا الإصلاح، الذي استُمدت خطوطه العريضة من إصلاح 1985 الذي تقدمت به المعارضة، خلق مسالك متعددة تفتح آفاقا أوسع أمام الخريجين (أكثر من 140 مسلكا بجامعة محمد الخامس مقارنة مع 40 مسلكا فقط قبل الإصلاح). وردا على سؤال علاقة الجامعة بارتفاع معدلات البطالة، نفى حفيظ بوطالب أن يكون النظام الحالي للجامعة سببا في ذلك، موردا في هذا الصدد بعض الإحصائيات المتعلقة بتتبع خريجي الجامعة، حيث أن 55% من حاملي الإجازة من جامعة محمد الخامس مدمجون بعد مرور ستة أشهر من التخرج، سواء في سوق الشغل أو أنهم قرروا متابعة دراستهم العليا، مشيرا إلى أن نسبة الإدماج على مستوى بعض المعاهد العليا التابعة للجامعة تصل إلى نسبة 100%، كما هو الحال بالنسبة للمدرسة المحمدية للمهندسين. وفي سياق متصل، أكد رئيس جامعة محمد الخامس أن الأفواج الكبيرة من خريجي الجامعة المغربية المعطلين كانت نتيجة لاعتماد التقويم الهيكلي في فترة التسعينيات. واعتبر حفيظ بوطالب أن الدولة مدعوة لتقديم الدعم وصياغة برنامج علمي يمكن الجامعة المغربية من خلاله دخول التصنيف العالمي ضمن الجامعات الدولية، موضحا أن التصنيفات الموجودة حاليا والتي تضع المغرب في مراتب متأخرة، تأتي وفق معايير محددة تضعها إما الشركات الكبرى العالمية (كما هو الحال بالنسبة لتصنيف تايم ماغازين) أو أنها تأخذ يعين الاعتبار احتضان تلك الجامعات لأساتذة حاصلين على جائزة نوبل، كما هو الحال بالنسبة لتصنيف جامعة شنغهاي الصين، أو بناء على تصنيف المواقع الإلكترونية لتلك الجامعات. ونوه رئيس الجامعة أيضا بالبحث العلمي في الجامعة المغربية وأهمية ذلك بالنسبة للمغرب، سيما في ما يتعلق بتوفير الأرضية الملائمة التي يعتمد عليها المغرب في جميع واجهاته وعلاقاته مع المنتظم الدولي، مضيفا أن بمقدور المغرب أن ينتقل من المرتبة الثالثة من حيث جودة الأبحاث الجامعية في إفريقيا إلى المرتبة الثانية، إذ ليس من الصعب رفع سقف النشرات العلمية من ألفي نشرة سنوية إلى ستة آلاف نشرة. كما اعتبر أن الميزانية الممنوحة لتسيير الجامعة المغربية تظل ثابتة في حين أن الاستثمارات التي تصرفها تعرف ارتفاعا مطردا، مما يستدعي الرفع من حجم هذا الدعم، واستقطاب المزيد من الطلبة لتجاوز الموقع الذي يحتله المغرب في شمال إفريقيا، إذ لا يتجاوز عدد الطلبة المغاربة 1200 طالب لكل مائة ألف نسمة، مذكرا في نفس الآن بوجود حوالي عشرة آلاف كفاءة علمية مغربية في مختلف مناطق العالم، وينبغي أن تعمل الدولة على ضمان عودتها إلى أرض الوطن الذي يحتاج إليها. ومن جهة أخرى، شدد حفيظ بوطالب على ضرور إضفاء نوع من المصداقية على المشهد السياسي المغربي، إذ اتضح من خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة عجز الهيئات السياسية والجمعيات والمنظمات الاجتماعية عن تأطير فئتي الشباب والنساء، «ولن يتحقق ذلك دون تخليق الفضاء السياسي من خلال إيجاد حل للترحال السياسي وتفادي تراكم المسؤوليات، وإيلاء اهتمام أكبر للنخب المحلية قبل الانتقال للنخب الوطنية».