أحيانا يقف المتقاضي مشدوها ولايستطيع أن يجد تفسيرا منطقيا لجلسات التأخير الذي تطال ملفه، أحيانا لايجد المرء أي تبرير قانوني للرحلة الماراطونية لجلسات المحاكمة والتي قد يكون طرفا فيها مطالبا بالحق أم مدانا. نتوصل في الجريدة بشكايات بشأن التأخير وما يعتبره البعض مماطلة في طي الملف قضائيا لكن الملف الذي توصلنا به ( الملف الجنحي 707/05 - 06/982) والصادر بشأنه حكم ابتدائي واستئنافي وقرارات النقض من الغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى تحت عدد 310-311-312-313 والذي سنتناوله بالتفصيل في أعدادنا اللاحقة يصلح لأن يصبح سيناريو مسلسل تلفزيوني على شاكلة المسلسلات التركية فالحبكة الدرامية فيه متقنة إلى درجة كبيرة، وعناصر الجريمة وشخوصها والوقائع كلها عبارة عن أحداث تصلح للتجسيد التلفزيوني وعنوانا لسياسة فريدة في التعامل مع ملفات إلى حين أن يقضي الله أمرا على غرار حكاية الحاكم والجمل. يحكي أن حاكما من شدة ولعه بجمله أراد أن يعلمه النطق، عجز العلماء عن تحقيق رغبة الحاكم لاستحالة تحقيقها فتقدم أحد الأشخاص والمعروف بدهائه وادعى قدرته على تعليم الجمل النطق على غرار البشر إلا أنه اشترط شروطا قبلها الحاكم جميعها وأولها مهلة عشر سنوات سينطق الجمل بعدها ومقابل ماسيحصل عليه من امتيازات وأجر ففي حالة لم ينطق الجمل بعد هذه المدة فالثمن سيكون رأس الداهية ورفيقه. احتج الرفيق على الداهية ليقينه بأن صاحبه لن يتمكن من إنطاق الجمل، فطمأنه قائلا بابتسامة ساخرة، بعد عشر سنوات، قد أموت ويرتاح الحاكم والجمل، ويموت الحاكم وأرتاح أنا والجمل وقد يموت الجمل وأرتاح أنا والحاكم! فهل تنطبق هذه الحكاية على هذه الملفات المؤجلة والتي تنتظر الإفراج عنها ؟ فلمصلحة من تم تأخير هذا الملف لمرات ومرات؟ لمصلحة من كل هذه الرحلة الماراطونية لملف حول حياة أسر بكاملها إلى معاناة يومية بالنظر إلى عناصره والمتدخلين فيه؟ خاصة وبحسب منطوق قرار النقض فإن العناصر واضحة بحيث جاء على شكل توجيه قانوني لأجل مراجعة الحكم الاستئنافي والذي كان قد أبطل الحكم الابتدائي. يحق لنا أن نسائل السيد وزير العدل من مسؤوليته لمعرفة ماإن كانت وزارته تعرف جيدا حيثيات ما وقع في هذا الملف خاصة وأن جهات تتحرك في اتجاه طمس معالم الجريمة بحيث قد يتحول الجلاد إلى ضحية، يحق للرأي العام معرفة تفاصيل مايقع لاستعادة الثقة في قضائه بالجهة الشرقية. كثيرة هي الملفات من هذه الشاكلة والتي تدخل دوامة التأجيل وماراطون الجلسات بالرغم من جاهزيتها، كثيرة هي الملفات التي يسبق عزرائيل القاضي في النطق بالحكم فيموت المتقاضي قبل أن يتم انصافه.. فمتى ستتحرك الوزارة لتسريع المساطر وجلسات البت النهائي في الملفات المعروضة؟