وقعت المجموعة الفلاحية التازي اتفاقية مع الأملاك الملكية للاستثمار في القطاع الفلاحي بضواحي مدينة الداخلة، بجهة وادي الذهب الكويرة، وفق نمط يتخذ من حماية البيئة واحترام النظام الإيكولوجي أساس كل تعاون، وفي انتظار موافقة السلطات العمومية المحلية على مضامين الميتاق المتفق عليه بمناسبة تنظيم المعرض الدولي الخامس للفلاحة بمكناس، فإن الرئيس المدير العام للمجموعة محمد التازي، يعتبر أن الظروف المناخية والتجارية ملائمة لمواصلة المنحى التزايدي لحجم الصادرات المغربية من الخضر والفواكه، خاصة وأن التراكمات المكتسبة في مجال الإنتاج الفلاحي البيئي قابلة للتطوير ولمواكبة الإجراءات الاحترازية التي يعمل المستوردون باستمرار على تقويتها لضمان الأمن الغذائي لزبنائهم إن تاريخ تأسيس مجموعة التازي الفلاحية يعود إلى سنة 1982 وقد قطعت في مراحل تطورها عدة أشواط من أبرزها وضع العلامة التجارية AZURA سنة 1988 وتأسيس الفرعية أنتيرناسيونال نيرسي لمشاتل إنتاج الشجيرات والنباتات سنة 1996 ثم فرعية بيوبيست ماروك لإنتاج حوالي 15 صنفا من الحشرات المساعدة التي تعوض المواد الكيماوية في حماية الحقول من الحشرات الضارة 1998 ثم فرعية الداخلة لإنتاج الطماطم والبطيخ الأصفر على مساحة تقدر ب500 هكتار بضواحي الداخلة سنة 2001 أهم ما راج في الحوار الذي أجريناه مع محمد التازي نورده كالتالي: الاستثمار البيئي في الداخلة لقد كانت الدورة الخامسة للمعرض الدولي للفلاحة المنعقد بمكناس فرصة حصلت فيها المجموعة الفلاحية التازي على شهادة اعتراف لها بالمجهودات التي تبذلها على مستوى البيئة والمجال التربوي، إذ حصلت على جائزة التنمية المستدامة كما أنها كانت مناسبة فتحت بموجبها آفاقا جديدة لمواصلة نفس النهج من خلال إبرام ميثاق مع الأملاك الملكية للاستثمار في ضواحي الداخلة بإلأقاليم الصحراوية لإنتاج الخضر والفواكه وفق معايير بيئية تقوم على أساس الحفاظ على المنظومة الإيكولوجية للمنطقة وتستجيب لأكثر المعايير تشدداً في مجال احترام البيئة، ومن أبرز مضامين الاتفاقية نخص بالذكر: - الاستغلال الأمثل للماء الذي يوجد بوفرة على عمق حوالي 600 متر - تقليص استعمال الأسمدة إلى أدنى المستويات - تعويض المبيدات الكيماوية بالحشرات المساعدة - مراقبة كل الواردات إلى المنطقة لتفادي مخاطر نقل الأمراض والأوبئة، سواء تعلق الأمر بالشجيرات الصغيرة والنباتات أو بالصناديق المستعملة في التلفيف والتعبئة - تقليص انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون من الشاحنات المستعملة في النقل وذلك عبر فرض استعمال شاحنات تستجيب للمعايير الدولية والالتزام بعدم تجاوز الحمولة المرخص بها. إن المجموعة الفلاحية التازي التي تمثل أهم فاعل بالمنطقة، إذ تنتج في حوالي 500 هكتار من أصل حوالي 750 هكتارا من البيوت المغطاة بضواحي الداخلة تسعى من خلال الميثاق المبرم مع الأملاك الملكية إلى تعزيز قدرات المنطقة على استقطاب المزيد من الاستثمارات والاستفادة من محيطها البيئي الاستثنائي الذي يساعد على تحقيق مردودية في إنتاج الطماطم والبواكر تزيد بحوالي 20% عن المردودية المحققة في جهة سوس ماسة، ومن ميزات المنطقة أن شدة الضوء مرتفعة، بينما المناخ معتدل، حيث تتراوح درجة الحرارة بين 10 و 33درجة مائوية على عكس أكادير التي تتراوح فيها درجة الحرارة بين 2 و 45 دجة مائوية وقد تصل إلى 50 درجة مائوية، وفضلاً عن المردودية فإن طبيعة المناخ تحسن من مستوى الذوق وتزيد من نسبة الحلاوة. من الواضح أن الأمر يتعلق باستثمار متكامل يؤمن لسكان المنطقة إمكانية توفير فرص جديدة لخلق مناصب الشغل والرفع من مستواها الحالي الذي يصل في مجموعة التازي وحدها إلى 3000 منصب، إنه يتعلق كذلك بتحسين مستوى العيش في المنطقة من خلال استقطاب الاستثمار في الأنشطة غير الفلاحية ومن خلال الرفع من قدرات المنطقة على تسويق إنتاجها في الأسواق الدولية والوطنية، فالحفاظ على كل هذه المؤهلات استدعى التنصيص في الميثاق المبرم مع الأملاك الملكية على تكوين لجنة ثنائية ستتفرع عنها لجان فرعية متخصصة مع إمكانية الاستفادة من خبرات المتخصصين من خارج المجموعتين الإنتاج النظيف والتسويق لقد تحول احترام البيئة إلى معيار أساسي في العلاقات التي تربط بين كبريات الأسواق وزبنائها، فهذه الأسواق التي تستحوذ على توزيع حوالي 90% من الخضر والفواكه عبر أوربا صارت منذ 5 سنوات تتعامل بتشدد مع ممونيها وتركز في تعاملاتها على عاملين: - الأول يهم الأمن الغذائي، وهذا الاهتمام انطلق منذ خمس سنوات تقريباً، إذ أن الحرص المتزايد على حماية صحة المستهلك جعل المفوضية الأوروبية وكبراء زبناء المغرب عبر العالم يعملون استعمال بعض المواد الكيماوية ويقلصون، بوتيرة مرتفعة، من استعمال مواد أخرى،وتبعاً لذلك صار المنتجون ملزمين بتطوير الأنظمة الحمائية المتكاملة، ومع ظهور ذبابة «توتا أبسولوتا» اتسعت وتيرة تعويض المبيدات الكيماوية بالحشرات المساعدة - الثاني يهم احترام البيئة، ذلك أن ممثلي المستوردين يقومون بزيارات ميدانية إلى مراكز الإنتاج ويراقبون الآبار وطرق الري وكيفية التعامل مع المحيط البيئي وخاصة منه الغابة، كما يراقبون انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكاربون، وهذه المراقبة تصل عند الإنجليز إلى حد المطالبة بتحديد وزن الغاز المنبعث من تصدير كل حبة طماطم إلى بريطانيا، سواء تعلق الأمر بالعامل الأول أو الثاني، فإن الإنتاج المغربي واكب هذا التطور وتمكن من احترام المعايير، وبذلك حافظ على مكتسباته في الأسواق الدولية، بل أنه عززها في كثير من الحالات بدليل أن معزل صادرات المغرب من الطماطم إلى الاتحاد الأوربي خلال السنوات الخمس الأخيرة ارتفعت بمعدل 15% في السنة، بينما صادرات إسبانيا تراجعت خلال هذه المرحلة بنفس النسبة تقريباً. غير أن هذه الإحصائيات تستثني وضعية الموسم الحالي المتميز بتهاطل الأمطار بغزارة في سوس ماسة التي تصل حصتها الاعتيادية من مجموع الصادرات المغربية إلى 90% بالنسبة للطماطم وإلى 50% من الحوامض، فعلى عكس المنحى المسجل في السنوات الأخيرة، فإن تراجع صادرات الطماطم عند متم مارس 2010 بحوالي 22% مقارنة مع نفس الفترة من السنة السابقة لا يعود إلى الأزمة الاقتصادية العالمية، وإنما يعود إلى التقلبات المناخية، فالموسم الذي أوشك على الانتهاء كان صعباً ولكن يرتقب أن ينتهي بالتوازن المالي لجل الشركات، لأن ارتفاع الأثمنة عوض جزئياً الخسارات المترتبة عن نقص الإنتاج. لقد كان من الطبيعي أن تهتم مجموعة التازي بتطوير الإنتاج النظيف، ولذلك فإنها بادرت سنة 1998 إلى إنشاء شركة «بيوبيست ماروك» المتخصصة في إنتاج حوالي 15 صنف من الحشرات المساعدة، ومع أن كلفة الإنتاج النظيف تزيد بكثير عن الإنتاج المعتمد على المبيدات الكيماوية، فإن معايير المستوردين ساعدت على انتشار هذا النشاط، حيث صارت هذه الفرعية المتواجدة بأكادير تشغل 115 مستخدما وتسوق إنتاجها في المغرب وخارجه. وحتى على مستوى الضيعات، فإن اهتمام المراقبين الأجانب بالأوضاع الاجتماعية للمستخدمين ساعد على ارتفاع الأجور في القطاع الفلاحي وعلى الاهتمام بوضعهم الصحي، كما ساعد على نظافة الوسط الذي يتم فيه الإنتاج، ومن هذا المنطلق، فإن مجموعة التازي بادرت إلى الاستثمار في تكوين العنصر النسوي من خلال إنشاء ثلاث دور للطالبات باستثمار بلغت قيمته 6 ملايين و 600 مائة ألف درهم وبذلك بلغ عدد المستفيدات منذ الإنشاء حوالي 600 تلميذة. اللوجيستيك والنقل تحول اللوجيستيك والنقل إلى مكون أساسي من مكونات توفير المعايير البيئية الضرورية للاستمرار في التصدير، ذلك أنه وكما سبقت الإشارة إلى ذلك، فإن الزبناء الأ جانب صاروا يفضلون النقل البحري على النقل البري، لأنه أقل كلفة ويقلص بكثير من انبعاثات غاز الكربون ويحمي من حوادث السير، وتجاوباً مع هذا النهج فإن المصدرين المغاربة، وبعد تجربة الانطلاقة مع الشركة المغربية «إي إم تي سي» صاروا يتعاملون مع ثلاث شركات للنقل البحري لتصدير الخضر والفواكه والحوامض إلى عدة موانئ عالمية، انطلاقاً من ميناء أكادير، وبعد أن تأكدت جدوى هذا الصنف من النقل مقارنة مع النقل البري فقد صار من الضروري تعزيز المكتسبات بتسخير العقار المينائي في خدمة الأنشطة اللوجيستيكية المسايرة لحاجيات المصدرين وبفتح المزيد من الخطوط البحرية لمواكبة تزايد الإنتاج الوطني بفعل الشروع بعد حوالي سنتين في جني ثمار مخطط المغرب الأخضر. بالمناسبة، فإن التقدم الذي حققه المغرب في مجال احترام المعايير البيئية أسفر عن موافقة السلطات المختصة بالولاياتالمتحدةالأمريكية على استيراد الحوامض المنتجة في جهة سوس ماسة درعة، غير أن هذه الموافقة مشروطة بالامتثال لبروتوكول ومساطر معقدة، وبذلك، فإن مجموعة التازي تفكر في تصدير جزء من إنتاجها إلى القارة الأمريكية وتأمل في أن يتم ربط المغرب في أقرب الآجال بخط بحري مباشر مع الولاياتالمتحدة، لأن التصدير عبر الموانئ الأوروبية يطيل مدة النقل إلى أزيد من 10 أيام، مما يؤثر سلباً على جودة الطماطم وغيرها من الخضر والفواكه السريعة التلف على عكس الحوامض التي لها قدرة أكبر على الصمود، وفي كل الحالات، فالإقرار بأن الاتحاد الأوربي هو السوق الأكثر استيعاباً للصادرات المغربية لا يعفي من أن الاهتمام بتنويع الأسواق يمر عبر فتح خطوط بحرية مباشرة ويقتضي مواكبة الشركات المصدرة في المحافل والأسواق الدولية.