لفلسطين بذاتها، باسمها المطلق المستعصي على التقسيم والتفتيت، هذا الملحق الذي تتشرف «السفير»(*) بأن تصدره في جهد متواضع لحفظ ما تتوالى المحاولات لتبديده بالانحراف أو تحريفه بالتزوير أو طمسه بالنسيان. لأن زماننا يبدأ بفلسطين، ويمتد مع فلسطين من الماضي الى المستقبل الذي سوف تشكله فلسطين بموقعها فينا وموقعنا منها. فالعروبة فلسطين. الوطنية فلسطين. الدين فلسطين. القضية فلسطين، والأمة فلسطين. تكون فلسطين فنكون بها. تحضر فلسطين فيحضر التاريخ جميعاً. تغيب فلسطين أو تغيَّب فنغيب عن المستقبل جميعاً. من أدنى الأرض الى أقصى الأرض العربية، لا حرية بلا فلسطين، لا تقدم بلا فلسطين. لا استقلال بلا فلسطين. لا وحدة بلا فلسطين، لا عروبة بلا فلسطين ولا عرب. النصر بفلسطين. الهزيمة باغتيال فلسطين تشويهاً وتقزيماً وتفتيتاً. من قبل سايكس بيكو: الهدف فلسطين! من قبل وعد بلفور: الهدف فلسطين! من قبل المؤتمر الأول للحركة الصهيونية في بال: الهدف فلسطين! فلسطين الشعب، كل الشعب، فلسطين الأرض كل الأرض. فلسطين ما قبل 1948 والنكبة. فلسطين ما بعد 1967 والهزيمة. فلسطين ما بعد النصر الموءود في 1973. فلسطين ما قبل الحرب الأهلية في الأردن وما بعد الحرب الأهلية في لبنان. ينتثر جسد فلسطين الآن على خريطة العالم كله، كفاءات وطاقات مميزة، علماء وجامعيين، شركات هندسة وبنائين، مخيمات لجوء تتوزع اللاجئين والنازحين وحاملي جنسيات دول أخرى ودويلات مجهولة لكنها تبيعهم جوازات السفر حتى لا يموتوا في المطارات أو في خيم منصوبة على الحد الفاصل بين دولتين أقيمتا حتى لا تكون فلسطين. في الشرق فلسطين، في الجنوب فلسطين، في الشمال فلسطين، في الغرب فلسطين. قضية كل الأمة. قضية كل الشعوب: ولا فلسطين. القوة فلسطين. المنعة فلسطين. الوحدة فلسطين. الحرية فلسطين: ولا فلسطين! تحضر فلسطين فتحضر الأمة. تغيب فلسطين فلا أمة ولا هوية لمئات الملايين من المحسوبين عرباً، ولا غد لهم جميعاً. هذا الملحق مساحة للتلاقي مع فلسطين القضية، فلسطين العروبة، فلسطين المستقبل. انه محطة لإعادة تجميع ما تفرق: لا منظمة ولا تنظيم بالذات. انه »أرض« من لا أرض لهم، من لا دولة لهم، من يمتلكون الكثير من أسئلة القلق، والأفكار القادرة على إعادة تجميع من تفرق وما تمزق، لتستعيد القضية نصابها بأهلها جميعاً، بالعرب جميعاً. سيحضر الماضي ليدلنا على الخطايا والاخطاء التي ضيعت الحاضر، لنحمي المستقبل. وسيحضر «العدو» لنعرف أكثر الأجوبة عن الأسئلة القاتلة: لماذا وكيف نجحت القلة فغلبت الكثرة؟! لماذا وكيف نجح المزوِّر والمدعي فغلب الحق والحقيقة؟ لماذا وكيف انقلب العنصري الى صاحب قضية محقة، وصاحب القضية الى مزور للتاريخ وغاصب للأرض؟ هذا الملحق تقدمه «السفير» لتؤكد شعارها »جريدة لبنان في الوطن العربي، جريدة الوطن العربي في لبنان«، وكل هذه معاً فلسطين. إنه »صوت الذين لا صوت لهم« بعنوان فلسطين. ... وفلسطين هي لبنان وسوريا، الأردن والعراق على الصليب، الجزيرة والخليج جميعاً واليمن السعيد، مصر التي كانت محروسة والسودان الذي كان المتكأ وأرض الخير واللاءات الثلاث وما غيب بعدها، ليبيا التي كانت «القدس» كلمة السر في ثورتها قبل بدعة «إسراطين»، تونس التي كانت المعبر الى الخطيئة، والجزائر حيث استشهد الثوار عن آخرهم، والمغرب الذي صارت صفة »الأقصى« اسم علم وليست مجرد اشارة للبعد الجغرافي. هذا الملحق لفلسطين مطهرة من السلطة والسلطات المضادة: لفلسطين الغد... أما محرروه فهم الفلسطينيون جميعاً، أي العرب كلهم. لانه العدد الاول، و«النكبة تاريخه»، فقد تقصدنا ان يكون قراءة جديدة لوقائع قديمة مع وثائق تاريخية يفرضها السياق، كمدخل للحديث عن المستقبل. (*) ننشر هذا الملف باتفاق مع «السفير» اللبنانية ضمن اتفاقية النشر المشترك المبرمة بين جريدتنا