حتى الأمس القريب، ونحن نسمع ونعيش هيمنة الدولة ومؤسساتها على كل مجالات الحياة، لكن منذ حوالي عشر سنوات، بدأنا نطلع على بعض القرارات والأوامر والأحكام الصادرة عن القضاء الإداري تؤكد فعلا سلطة القضاء على الجميع، مما شجع المواطنين على مقاضاة الدولة وموظفيها. الحكم رقم 111 في الملف عدد 2008/1/99 الصادر في 2008/4/8 عن رئيسة المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء بصفتها قاضية للمستعجلات، والقاضي بالإيقاف المؤقت لإجراءات تحصيل الضريبة على الدخل (I.G.R) إلى حين البث في الموضوع، ندرجه كدليل على حسن اجتهاد القضاء الإداري وتطبيقه لمبدأ المساواة. «بناء على المقال الاستعجالي المقدم من طرف المدعي بواسطة نائبه إلى كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 2008/03/05 والمؤدى عنه الرسم القضائي بمقتضى الوصل عدد 82377 بتاريخ يومه، يعرض فيه، أنه توصل من قابض قباضة الفداء بمستخرج ضريبي مؤرخ في 2008/02/08 بخصوص الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة برسم السنوات موضوع الجدول عدد 45326730، وأكد العارض بأن طلبه جاء مستوفيا لكافة الشروط القانونية، كما أنه غير ملزَم بتقديم أية مطالبة اعتبار ل ما استقر عليه الاجتهاد القضائي، وأن الثابت من تاريخ الشروع في التحصيل، أن هذه المسطرة أصبحت تهدد العارض في ماله، مما يجعل عنصر الاستعجال قائما، فضلا على أن المبالغ المطالب بها تبقى غير مستحقة الأداء، والتمس العارض في الشكل قبول الطلب، وفي الموضوع التصريح بإيقاف إجراءات استخلاص الدين الضريبي موضوع الجدول عدد 45326730 الصادر عن قابض قباضة الفداء بالدارالبيضاء إلى حين البث في الموضوع. وبناء على جواب قابض البيضاء الفداء مفيداً من خلاله أن المدعي لم يسلك مسطرة المطالبة المقررة قانوناً، الأمر الذي يجعل دعواه معيبة شكلا، ومن حيث الموضوع، فإن عنصر الاستعجال غير متوفر في النازلة لعدم وجود خطر حال أو وشيك الوقوع يتهدد المدعي، ويصعب تداركه مستقبلا مادام المحاسب العمومي لم يعمد مطلقاً إلى سلك مسطرة التحصيل الجبري التنفيذية في مواجهة الملزم، فضلا على عدم توفر شرط الجدية، فمجرد القول بتقادم الضرائب لا يفيد جدية المنازعة، إضافة إلى كون المدعي مدينا بعدة مبالغ مالية، مما حدا بالعارض إلى تقديم طلب بيع أصله التجاري بتاريخ 22 يونيو 1998 والتمس القابض رفض الطلب موضوعاً. وبناء على طلب الإدلاء بالحجج المقدم من طرف نائب المدعي بتاريخ 2008/04/01 المرفق بنسخة من مقال الطعن بالإلغاء، والجدول الضريبي موضوع الطعن. وبناء على إدراج القضية بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 2008/04/01، أكد الطرف الحاضر ما ورد في مقاله الاستعجالي، فتقرر اعتبار القضية جاهزة وحجزها بالتالي للتأمل لجلسة 2008/4/8. وبعد التأمل طبقا للقانون: وعليه، نحن قاضي الأمور المستعجلة: حيث إن مؤدى الطلب هو الأمر بإيقاف تنفيذ الأمر بالتحصيل الصادر عن قابض قباضة الفداء الدارالبيضاء بتاريخ 2008/02/08، موضوع الجدول عدد 45326730 إلى حين البث في موضوع الطلب. وحيث يختص قاضي المستعجلات باتخاذ جميع التدابير الوقتية والإجراءات التحفظية التي تقتضيها حالة الاستعجال دون المساس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر، شريطة توافر عنصري الاستعجال وحجية الوسائل المعتمدة من ظاهر الوثائق. وحيث إنه وبعد الاطلاع على ظاهر وثائق الملف، وردود الأطراف تبين لنا أن عنصر الاستعجال قائم في النازلة مادام الفقه والعمل القضائي قد تواترا على اعتبار كل منازعات التنفيذ الرامية إلى الإيقاف أو التأجيل منازعات استعجالية بطبيعتها ويندرج ضمنها قطعاً طلب إيقاف إجراءات تنفيذ الأمر بالتحصيل باعتباره سنداً مذيلا بالصيغة التنفيذية. وحيث إنه فيما يتعلق بدفع القابض بوجوب تقديم ضمانات من طرف الملزم للأمر بوقف الأداء حسب المادتين 117 و118 من مدونة تحصيل الديون العمومية، فإن العمل القضائي الإداري استقر على كون المقتضيات القانونية المذكورة موجهة أساسا إلى موظفي الخزينة العامة وتتعلق فقط بمسطرة وقف الأداء إداريا، وبالتالي فهي غير ملزمة للقضاء عند بثه في مسطرة إيقاف التنفيذ قضائياً. وحيث إنه وبالنظر إلى جدية الوسائل المثارة من الظاهر وتجنباً لأخطار مواصلة إجراءات التنفيذ التي قد تصيب المدعي وهي أخطار يصعب تداركها أو إزالة آثارها لاحقا، فإننا نرى بأن الطلب وجيه ويتعين الاستجابة له مؤقتاً إلى حين انتهاء «المنازعة الضريبية». وحيث يتعين إبقاء الصائر على الطرف المدعي».