غزت المؤسسات التعليمية، في السنوات الاخيرة، مجموعة من السلوكيات الجارفة والهدامة، نتيجة تزايد استهلاك المخدرات . ولميتوقف الأمر عند التلاميذ الذكور، بل دخلت التلميذات بدورهن على الخط و أصبحت أعداد مستهلكات الحشيش والأقراص وما يسمى ب «الكالة»، في ارتفاع مقلق! هذا المخدر ، الذي بات ينتشر بين صفوف التلاميذ والتلميذات مثل النار في الهشيم بمجموعة من المؤسسات التعليمية بالدار البيضاء، مما زاد من مخاوف المسؤولين والتربويين والآباء من أن تتسع رقعة المدمنين بشكل أوسع. لا شك أن المتتبع لظاهرة العنف في مجموعة من المؤسسات التعليمية، سواء بين التلاميذ، أو بين التلاميذ وأساتذتهم، سيكتشف مدى حضور المخدرات كسبب من أسباب هذا العنف . فمن خلال جولة ميدانية، وقفنا على مدى انتشار ما يصطلح عليه ب «الكالة»، وهي «تقنية تخديرية يلجأ إليها التلاميذ من أجل الانتقال من مرحلة الوعي إلى اللاوعي، تستهلك بشكل كبير وسط المتمدرسين صغارا و كبارا، إذ هناك «توغل» لهذا المخدر حتى بين أوساط المدارس الابتدائية! في هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن بعض «مروجي» المخدرات ينشطون ببعض الأحياء القريبة من المؤسسات التعليمية مثل درب الكبير، حي عمر بن الخطاب (درب ميلان سابقا) بالفداء، وسيدي الخدير ليساسفة «التوينشات»... بالحي الحسني، وبمولاي رشيد، والتشارك بسيدي مومن البرنوصي... رغم المجهودات الأمنية التي تقوم بها المصالح المعنية اعتمادا على الامكانيات المتاحة. ورغم الغموض الذي يلف العناصر المكونة لهذا المخدر، فهناك من يتحدث عن خليط من مخدر «الطابا» وبعض مستخلصات «الكيف» ممزوج بالرماد يوضع بين إحدى الشفتين و اللثة، ومما شجع على ترويجه ثمنه الرخيص (درهم واحد)، يباع أمام ابواب المدارس من طرف التلاميذ أحيانا، وكذا من قبل بعض باعة السجائر بالتقسيط! يقول «رويبة 17 سنة»: «بيع السجائر ليس سوى خطوة نحو ممارسة الاتجار على مستوى اوسع، وأغلب زبناء «الكالة» من التلاميذ»! بإحدى المدارس بمقاطعة الحي الحسني، عاينا بعض التلاميذ وهم يعدون لفافات «الكلينيكس» الذي لا يكاد جيب أحدهم يخلو منه! تمهيدا لوضع مسحوق النفحة او «الشتوكية»! يقول «عصام»: «أنا ما نقدرش ندخل للقسم بلا ما نكالي»! يرى أحمد (مؤطر تربوي) أنه «يجب القيام بحملات تحسيسية داخل المؤسسات التعليمية بمساهمة جميع المتدخلين، من مربين وآباء ومسؤولين أمنيين وأخصائيين وجمعيات آباء وأولياء وأمهات التلاميذ لمعالجة الإدمان، وذلك قصد دراسة هذه الظاهرة و إيجاد حلول ومقاربات عملية تساهم في القضاء عليها، لأنها تعيق العملية التعليمية و التربوية و تسقط صغارنا في مخالب الإدمان والإفلاس». كما أن «هذه المخدرات تساهم في التدهور النفسي والعقلي و في الإخلال الأسري والمجتمعي، وهذا بدوره يساهم في ارتكاب الجرائم و انتشارها بصورة مهولة»!