ارتطام نفس الحادثة... تقريبا.. و في نفس اللحظة... خلاف بسيط، في الأولى سُمعت فرقعة قوية .. بينما في الثانية حدثت طرطقة واحدة مكتومة و سريعة... و هكذا وقف الصبي جامدا في مكانه مرعوبا يبكي و يداه يتقاطر منهما سائل بيضتين لزج، بينما على مبعدة خطوات منه، وسط الطريق، سيارتان شبه محطمتين تماما يتصاعد من مقدمتهما دخان... الرائحة ما أن دخل الصبي بيته، عائدا من المدرسة، حتى ذهب و ارتمى على قدمي أمه يقبلهما و يمرغ وجهه في باطنيهما... مستغربة رفعت الأم ولدها و احتضنته و هي تمسح وجهه: ما بك يا عزيزي؟ لا شيء يا أمي، فقط أريد أن أشم رائحة الجنة. الزلزال ذهب الناس إلى مضاجعهم وفي قلوبهم هاجس الزلازل التي استيقظت بغتة محدثة خرابا و دمارا. ذهبوا إلى النوم و هم يتساءلون في استغراب: «لماذا الزلازل لا تضرب إلا في عمق الليل حين يكون الناس يغطون في سبات عميق».. و لأن تساءلهم لا مجيب عليه، سلموا أمرهم للواحد القهار. أما الأطفال، فناموا و كل أملهم أن يهدأ الثور و لا ينقل الكرة الأرضية مرة أخرى من قرن إلى قرن.. استيقظوا صباحا، الأطفال ذهبوا إلى مدارسهم و هم يثنون على الثور الذي كان عند حسن ظنهم. أما الكبار فحمدوا الله على سلامتهم، لكنهم ما لبثوا أن فجعوا بسماع هدير مدو هز أركان الأسعار... تحد إلى كمال عبد اللطيف لحظة سقوط القلم من يد الكاتب اليمنى، أثناء الكتابة، شعر بألم.. لم تصدمه اللحظة، لم يصرخ أو ينتحب، ظل هادئا، كما لو كان على علم مسبق بما سيؤول إليه فتور العلاقة بين الآمر العصبي و الأداة المنفذة.. بل تماسك وحمل القلم بيده اليسرى و شرع مبتسما يدربها على الكتابة...