«..طرف الخبز صعاب هاذ ليام» بهذه العبارة كشفت فتيحة عن الدوافع التي كانت وراء مغادرتها لقريتها الصغيرة باولاد فرج، عبارة تختزل واقع فئة من المجتمع تكدح من أجل تأمين مصاريف الحياة اليومية في مسيرة عمل مضن بالحي الصناعي بليساسفة. فتيحة، بمعية زميلاتها في العمل، اللائي يكتمن معاناتهن في صمت، حاورتهن الجريدة، بعيدا عن أعين مشغلهن وقت الغداء بأحد الأزقة. لم تخف (سعيدة) حجم المعاناة اليومية التي تتكبدها المرأة العاملة ببعض معامل ليساسفة، وصولا الى أماكن العمل، سواء مع معضلة التنقل بالنسبة للقاطنات خارج المنطقة ، أو المستنقعات والوحل الذي يغطي الطريق الموصلة الى الحي الصناعي في هذه الفترة من السنة، كما أن رائحة النفايات تقطع الانفاس، إلى جانب ما يتعرضن له من اعتداءات و سرقة من طرف المنحرفين خاصة عند نهاية كل شهر! أما المعاناة داخل اسوار بعض الشركات والمعامل فتلك حكاية أخرى ترويها لنا «السعدية» العاملة بقطاع النسيج منذ أزيد من 11سنة، حيث لاتزال تشتغل بأجر لا يتعدى الحد الادنى للاجور، لكن رغم ذلك تقول «اللهم تخدمي بريال و لا البطالة » ! أما عن التغطية الصحية و الضمان الاجتماعي و الوثائق التي تضمن للعامل حقوقه الاساسية فإنها تقول «غير تنسمع بها» ، موضحة أن تفانيها في العمل ، شأن مجموعة من العاملات، هو من يحول دون طردهن وتسريحهن من العمل مستدلة ببعض صديقاتها اللائي تعرضن للتسريح دون أن تشفع لهن السنوات الطويلة خلف آلة الخياطة، على حد قولها. هن عاملات لا يستطعن المطالبة بتسوية أوضاعهن القانونية وحمايتهن من استغلال بعض المشغلين، كما هو حال المعامل السرية المنتشرة بالعديد من الأحياء البيضاوية بأقبية المنازل (لاكافات) دون حماية من الاخطار المهنية .إضافة الى ان عدد الساعات التي يقضينها بالعمل اسبوعيا تفوق تلك التي تحددها مدونة الشغل دون ان نتحدت عن الساعات الاضافية غير المؤدى عنها و العمل ليلا، مع ما يصاحب ذلك من معاناة نفسية تتجرعنها في صمت. تقول (حكيمة 32 سنة ) عاطلة عن العمل «أنا كنت أعمل بإحدى الشركات بطريق الجديدة، وأثناء فترة حملي التي لم أستفد من عطلة خلالها وبعد أن وضعت مولودي فوجئت بعد عودتي بالاستغناء عن خدماتي و معها هضمت مستحقاتي»، إن «مصير العاملة ، تضيف حكيمة، يبقى بين يدي مشغلها ومعه مصير أسرة بكاملها، مادامت نسبة كبيرة من العاملات لا يتوفرن على وثائق قانونية». «كيف يعقل أن تتقاضى العاملة ببعض معامل النسيج «الكابلاج» أجرا يصل أحيانا الى 500 درهم شهريا بخلاف المحدد بورقة الدفع الخاصة بها «فيش دو بي»؟ تتساءل إحداهن. إنها مجرد عناوين لمسلسل«معاناة» تمتد حلقاته «الحزينة» لتشمل جوانب عديدة تهم المعيش اليومي لمئات العاملات بمجموعة من مصانع و معامل البيضاء سواء بليساسفة، سيدي معروف، مولاي رشيد، عين السبع .البرنوصي...