رفض باشا مدينة السعيدية تسلم رسالة من مواطن متضرر. بطبيعة الحال الرفض بُلغ به بشكل غير مباشر لأن الأوامر التي تصدر من فوق تنفذ من تحت! وتماديا في رفضه ، فقد امتنع أيضا عن تسلم حتى الرسالة الموجهة اليه في نفس الموضوع وتم التأشير عليها بعبارة (رفض الاستلام)!. ترى ما الذي يدفع باشا السعيدية إلى تصرف كهذا؟ هل هو «الخوف» من مضمون الرسالة وبالتالي المساءلة، أم أشياء أخرى علمها عند العارفين بخبايا الأمور في جوهرة الشرق؟ مضمون الرسالة كان مجرد استفسار بسيط ورغبة من مواطن لحقه الضرر من عملية اغتيال أشجار عمرت لعشرات السنين قبل أن يمتد منشار العابثين إليها لاغتيالها، المضمون كان بكل بساطة، هل أعطى السيد الباشا الأوامر بقطع الأشجار أم لا؟ لمعرفة الجهة التي تقف وراء هكذا سلوك... حكايات السيد الباشا مع الرفض كثيرة ساق لنا مجموعة من المواطنين البعض منها لايتسع المجال لسردها هنا لربما سنفرد حلقات في هذا الشأن بلسان رُواتِها. عرف غريب دأبت مجموعة من الإدارات على التعامل به في مواجهة كل من ولج مكتب ضبطها لوضع رسالة شكاية تظلم أو حتى مجرد طلب عادي. هذا العرف/ البدعة يقضي باستلام الرسالة أو الشكاية من دون التأشير على إقرار باستلامها، وبالتالي انتفاء الحجة في مواجهة الإدارة بأنها قد تسلمت بالفعل تلك المراسلة، وهو مايعني، بصريح العبارة، أن الرسالة لن تجد طريقها داخل دواليب الادارة خاصة إذا كانت تتضمن مضامين لاتروق صاحب الأمر والنهي بها وأحيانا عديدة يرفض الاستلام من دون تبرير مقنع. جرب بنفسك، منهم من يقول لك ضع الطلب وانصرف لقد تم تسجيله في مكتب الضبط، وآخرون سيطلعون على مضمونه لمعرفة إن كانوا سيستلمونه أم أنهم سيرفضون تسلمه بالمرة. فالأوامر الفوقية واضحة في هذا الشأن! حكايات كثيرة مشابهة لسلوك باشا السعيدية، مكاتب ضبط لاتضبط إلا المراسلات «غير المشاغبة»!، ادارات تتقن لعبة «سير حتى تجي»! والتي تتحول مع مرور الأيام إلى «سير بلا ماتجي»! فتضيع حقوق المواطنين البسطاء إرضاء للبعض! وفي انتظار أن تتغير مثل هذه العقلية، وفي انتظار أن تضبط مكاتب الضبط عقارب ساعة الإدارات والمصالح لن تجد مئات الآلاف من رسائل المواطنين طريقها الصحيح في مجموعة من الإدارات العمومية مادام أن المسؤولين بها قد حصلوا على نقطة 10/10 في شعبة التهرب خلال دراساتهم الأكاديمية، عندما اكتشفوا أن معادلة «سير حتى تجي!» قد تتحول في ظرف أسبوع فقط إلى «سير بلا ماتجي.. »!