في السنوات الأخيرة، ومع الدينامية الملحوظة للنقاش العمومي الذي عرفه المغرب السياسي حول المداخل الممكنة والمتاحة لإنجاز إصلاحات جوهرية تمس مختلف الحقول من إعلام و ثقافة و اقتصاد و سياسة أيضا. ومع التحولات الإستراتيجية التي تعرفها الدولة في تعاطيها مع القضايا الوطنية الملحة. تزاحمت الأسئلة والانتظارات والكل .. من فاعلين سياسيين و إعلاميين يسعى إلى بلورة العلاقة الممكنة وفق تصوره بين السلطة والصحافة. تطور كبير عرفه الحقل الإعلامي أفضى إلى تعددية حقيقية في المشهد الإعلامي، تناسلت معه العديد من العناوين والإصدارات.. فيها الجاد المهني .. وفيها المخدوم/الموجه الذي ينفذ أجندة معينة للوبيات مالية واقتصادية وسياسية. ووسط كل هذا، تحولت الأسئلة ذات الطابع السياسي إلى مادة دسمة في التناول والتحليل والنشر. أصابت الصحافة أكثر من مرة في كشفها للعديد من الملفات وأخطأت أكثر من مرة .. عندما اعتبرت بعض الأقلام أنه يمكن لها أن تمارس معارضة سياسية سارقة بذلك وظيفة الأحزاب. وهنا تطور النقاش .. ما هي الأدوار الحقيقية و الفعلية للصحافة؟ إسناد البناء الديمقراطي؟مؤكد. تعبئة الرأي العام؟ أكيد. لكن الصحافة اليوم هي نتاج سياقها الوطني، فحالة التوتر بينها وبين السلطة السياسية تعكس مسار الانتقال الديمقراطي في المغرب الذي يحتاج اليوم إلى تعاقدات جديدة تحدد واجبات وحقوق كل الفاعلين... بكل موضوعية ووضوح شديد.. أخطأ صانع القرار في محطات متعددة عندما كان يصل الاحتقان إلى مداه، وأخطأ المهنيون عندما اعتقد بعضهم أن الديمقراطية تتيح لهم مسح الطاولة.. وكأن البلد لم يكن و لم يخرج إلى الوجود إلا مع بداياتهم الصحفية. وتناسى بعضهم أيضا أن هناك صحافة وطنية عانت وناضلت وقاتلت من أجل أن يعيش هؤلاء ما يعيشونه اليوم. لا يمكن اختزال التاريخ السياسي والإعلامي عند شهادة ميلاد جريدة. كما لا يمكن بالنتيجة القول أن الحرية غير المسؤولة تبيح ذبح كل من لا يتفق مع تصوراتهم . نعم .. تطور الحقل الإعلامي وحصلت تغييرات إيجابية وكسرت العديد من الطابوهات ودخلت أجيال جديدة لم تعش ويلات ومحن الصراع السياسي الذي عرفته بلادنا. ونفس الوضع تعيشه السلطة أيضا. وَسْطَ هذا التجاذب والاصطدام تسرب الاحتقان والتوجس و التوتر في العلاقة بين الطرفين.. وكان لابد من هيكلة النقاش وضبطه لإنتاج علاقة طبيعية ليست بالضرورة هادئة ومهادنة.. ومن هنا جاءت مبادرة الحوار الوطني من قلب المؤسسة البرلمانية وأمام ضغط وملحاحية السؤال الإعلامي في تقاطعاته السياسية والمهنية اختارت جريدة الاتحاد الاشتراكي دعم هذا النقاش الوطني بفتحه على مختلف المهنيين والمتخصصين في أفق المساهمة في إرساء معالم حقل إعلامي ناضج وبدون وصاية.