"TGV" القنيطرة – مراكش سيربط 59 % من الساكنة الوطنية وسيخلق آلاف مناصب الشغل    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    الجزائر.. منظمة العفو الدولية تدين "تصعيد القمع" واعتقالات "تعسفية" وملاحقات "جائرة"    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    جرادة.. ضابط شرطة يطلق النار لتتوقيف ممبحوث عنه واجه الأمن بالكلاب الشرسة    إنزكان… توقيف شخص للاشتباه في تورطه في قضية تتعلق بالضرب والجرح باستعمال أداة راضة    الزلزولي يعود للتهديف ويقود بيتيس نحو دوري الأبطال    قبل 3 جولات من النهاية.. صراع محتدم بين عدة فرق لضمان البقاء وتجنب خوض مباراتي السد    عادل السايح: التأهل إلى نصف نهائي كأس أمم إفريقيا للفوتسال سيدات ليس وليد الصدفة    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    انهيار.. ثلاثة عناصر من "البوليساريو" يفرّون ويسلمون أنفسهم للقوات المسلحة الملكية    هذه توقعات الأرصاد الجوية اليوم الجمعة    الدليل العملي لتجويد الأبحاث الجنائية يشكل خارطة طريق عملية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    حين يصنع النظام الجزائري أزماته: من "هاشتاغ" عابر إلى تصفية حسابات داخلية باسم السيادة    من قبة البرلمان الجزائر: نائب برلماني يدعو إلى إعدام المخنثين    الشيخ بنكيران إلى ولاية رابعة على رأس "زاوية المصباح"    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    الوقاية المدنية تنظم دورة تكوينية في التواصل للمرشحين من السباحين المنقذين الموسميين بشواطئ إقليم العرائش    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    "بوكر" تتوّج رواية "صلاة القلق"    القرض الفلاحي يعزز التزامه برقمنة وتحديث المنظومة الفلاحية من خلال شراكات استراتيجية جديدة    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    الخط فائق السرعة القنيطرة-مراكش سيجعل المغرب ضمن البلدان التي تتوفر على أطول الشبكات فائقة السرعة (الخليع)    "اللبؤات" يبلغن نصف نهائي "الكان"    الحكومة تعتزم رفع الحد الأدنى للأجور الى 4500 درهم    بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة تصل إلى القاهرة للمشاركة في كأس إفريقيا    إحباط محاولة لتهرييب المفرقعات والشهب النارية ميناء طنجة المتوسط    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    97.6 % من الأسر المغربية تصرح إن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا!    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    السجن لشرطيين اتهما ب"تعذيب وقتل" شاب في مخفر الأمن    بايتاس: الاعتمادات الجديدة في الميزانية ممولة من الضرائب لسد الالتزامات ودعم القدرة الشرائية    رفع قيمة تعويض الأخطار المهنية للممرضين والإداريين والتقنيين.. وإقراره لأول مرة للأساتذة الباحثين بالصحة    واتساب تطلق ميزة الخصوصية المتقدمة للدردشة    الوداد ينفصل عن موكوينا ويفسح المجال لبنهاشم حتى نهاية الموسم    جماعة بوزنيقة تؤجل جلسة كريمين    نبيل باها: الأطر المغربية تثبت الكفاءة    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    روبي تحيي أولى حفلاتها في المغرب ضمن مهرجان موازين 2025    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منتديات الإصلاح فضاء للقاء كل الأطراف المعنية بالمسألة التعليمية
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 13 - 02 - 2010

محمد شابلي من مواليد مدينة فاس سنة 1954 خريج نظام التعليم الأصيل بمؤسسات القرويين الابتدائية والثانوية، تابع دراسته بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس شعبة التاريخ والجغرافيا، حاصل على الإجازة في التاريخ سنة يونيو 1978، مباشرة قضى سنة في المدرسة العليا للأساتذة بالرباط شعبة التاريخ والجغرافيا (كلية علوم التربية حاليا)، درّس في ميسور إقليم بولمان وفي سيدي قاسم قبل أن يلتحق بالمركز الوطني لتكوين مفتشي التعليم سلك الثانوي سنة 1986. ومارس التفتيش في كل من مكناس وفاس قبل تقلد مهمة النيابة في إقليم الصويرة سنة 2000 ثم إقليم العرائش سنة 2004، ثم بنيابة إقليم خريبكة مع بداية موسم 2007-2008، ليحط الرحال مع مطلع الموسم الدراسي الحالي في نيابة الصخيرات تمارة.
أولا الأستاذ شابلي نرحب بكم ونتمنى لكم مسيرة تعليمية موفقة بنيابة الصخيرات تمارة .
*** بدوري أرحب بكم ومن خلالكم بجريدة الاتحاد الاشتراكي وبقرائها وأشكر لكم ما تقوم به الجريدة من أجل مواكبة ما تمور به الساحة التعليمية التربوية من أجل الإسهام في الارتقاء بالمنظومة التربوية خاصة في هذه المرحلة التي تتطلب تعبئة متواصلة لكل الإمكانيات والموارد بما في ذلك ما تمتلكه وسائل الإعلام على اختلاف حساسياتها للفعل في الاتجاه التوجيهي والنقدي.
تقلدتم المسؤولية بنيابات متعددة بربوع المغرب، وتكونت لديكم أفكار وقناعات بالطرق التي يمكن أن تكون أرضية للتغيير خاصة وأن المنظومة التعليمية تعيش حالة مخاض جذري تؤطره شعارات مكثفة من أجل النجاح وتحديث مفهوم المدرسة المغربية الحديثة. ما هي وجهة نظركم في كل هذه التطورات التربوية التي يمكن أن تكون بوابة لمداخل الإصلاح والوصول إلى مدرسة مغربية حديثة تضمن النجاح للجميع؟
لابأس من الإشارة أنه كان لي شرف تحمل مسؤولية النيابة مع انطلاق تنفيذ مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين، وفي مجال جغرافي ذي خصوصيات تستجمع ربما الكثير من القضايا الموجودة في نيابات الوزارة من مكونات العنصر البشري وغلبة الوسط القروي وهشاشة البنية المادية للمؤسسة التعليمية ولمحيطها وتلاشي التجهيزات وصعوبة التضاريس والولوجية وانخفاض نسب التمدرس في جميع الأسلاك وانتشار الأمية، وغياب إسهام الفاعلين المحليين والمحيط في تحمل مسؤولياتهم إزاء المدرسة وتواجد التعاون الدولي بكثافة إلى غير ذلك من مؤشرات ومدخلات الفعل التعليمي التعلمي، وكانت لي الفرصة كذلك للوقوف على امتداد أربع سنوات على واقع حصيلة فترة ما بعد الاستقلال في الميدان التعليمي، وفي نفس الوقت على نتائج أربع سنوات في مشوار تفعيل الميثاق على مختلف المستويات لا الكمية ولا النوعية، وترسخت القناعة أنه بالإمكان استدراك الزمن الفائت وطي المراحل إذا ما توفرت الشروط الضرورية.
ما هي هذه الشروط؟
يصعب حصرها وتحديدها بكيفية دقيقة وحسب الأولويات، ولكن أول شرط والذي لا يمكن للمنظومة التعليمية أن تحقق ما تسطره من أهداف أو نتائج يتجلى في ضمان انخراط المورد البشري الانخراط العضوي والواعي، وفي كل المواقع والمسؤوليات التي يتحملها بدءا من العون. قد يبدو هذا الأمر فيه مبالغة أو مزايدة، ولكن التجربة أبانت أنه عند توفر الموظف المنخرط المؤمن بالقضية التربوية ومهما كان لون إيمانه، والواعي بأهمية وخطورة دوره يمكن له أن يتغلب على العديد من الإكراهات والصعوبات ويحقق بالمتوفر من الإمكانيات نتائج أفضل لا تتحق في ظروف وشروط أفضل وأكبر، يمكن أن أسوق في هذا الموضوع العديد من الحالات التي وقفت عليها وعلى امتداد عشر سنوات، ويقف عليها كل المسؤولين يوميا في مختلف النيابات، أن تجد أستاذة أو أستاذا بمنطقة جبلية أو نائية صعبة ومعزولة وبدون كهرباء أو ماء أو طريق وغارقة في الأمية ولا تتوفر على وسائل العمل سواء بإقليم الصويرة أو العرائش أو خريبكة أو إقليم آخر، وتدخل إلى القسم وتوقف العديد من التلاميذ أمام السبورة ليكتبوا أو يقرأوا وتتصفح الدفاتر والتمارين وتجد مستواهم أفضل حتى من المطلوب، أن يبادر الأساتذة في وحدة مدرسية خاضعة حجراتها للإصلاح مثلا في إقليم العرائش ويخرجوا الطاولات إلى فضاء عادي ويعلقوا السبورات على جذوع الأشجار من أجل ألا تتوقف الدراسة ويكون مستوى التلاميذ متميزا، أن يبادر الأساتذة خلال أيام الآحاد في وحدات مدرسية نائية ومعزولة بتنظيم حصص لدعم التلاميذ وتقديم حصص محو الأمية لنساء ورجال القرية وأتكلم هنا عن بداية عشرية الإصلاح... هذا يؤكد دائما أهمية ومحورية المورد البشري، طبعا عندما تتوفر باقي الشروط الأخرى يكون دائما الأداء والمردودية أكبر .
الخلاصة أن تأمين وانخراط جميع فئات الموارد البشرية العاملة بالقطاع التعليمي مدخل أساس.
عرفت الفترة السابقة تنظيم منتديات الإصلاح، وكانت مناسبة للقاء كل الأطراف المعنية بالمسألة التعليمية لمناقشة القضايا المطروحة والسبل الكفيلة بإنجاز أهداف الميثاق، وأسفرت هذه المنتديات عن سيل من التوصيات والمقترحات، ما مصير كل ذلك؟
- بالفعل شكلت منتديات الإصلاح فضاء لالتقاء كل الأطراف المعنية بالشأن التعليمي والتربوي، وبالرغم مما كانت تتطلبه من جهود وإمكانيات الإعداد والتنظيم والمواكبة وحتى التحكم في التأطير لكي تبقى في الإطار المرسوم لها، إلا أنها كانت دائما تخرج باقتراحات وتوصيات وأفكار جديدة وتهدف إلى توفير شروط تجويد المردودية، ربما، وأنا أتذكر جيدا الأجواء التي كانت تمر فيها، لو توفرت للدولة آنذاك الإمكانيات المالية المرصودة حاليا للوزارة، وكذلك لو تمكنا جميعا من الوصول إلى درجة التعبئة الشاملة من أجل التعليم المسجلة حاليا، وتحولت تلك التوصيات والاقتراحات والأفكار إلى غلاف مالي، ورصد لكل إقليم ميزانية تفعيل نسبة ما من ذلك الغلاف قد تكون 10% أو 20% أو أكثر سنويا، ربما سنكون قد أعطينا الوقود اللازم لمشاركة أكبر عدد من المعنيين وتكبيلهم ليستمروا في الانخراط والدعم للمشروع الإصلاحي، وبذلك يتم الإسهام في تقصير المسافة التي تفصلنا عن سقف زمن الإصلاح، وتعلية سقف الإنجازات المنتظرة.
أشرتم إلى مسألة التعبئة الشاملة حول الشأن التربوي وإلى المستوى الذي وصلته حاليا، ماذا تقصدون؟
لا يمكن لمن لم يتحمل مسؤولية تدبير قطاع التعليم في مختلف المستويات لا الإقليمية ولا الجهوية ولا المركزية في فترة العشرية وما قبلها أن يعرف ويقدر حجم التغيير الكبير الذي طرأ على مواقف الأطراف المعنية بالشأن التربوي عموما، العديد من هذه الجهات لم يستوعبوا بما يلزم من السرعة ما ورد في إحدى المقولات المركزية بالميثاق الوطني للتربية والتكوين من كون المسألة التربوية هي شأن الجميع، ولا زال العديد من المسؤولين التربويين يذكرون ردود الأفعال في بعض المجالس الرسمية عندما كان يطلب منها التدخل لتفعيل المقولة السابقة في واجهة من الواجهات، بل هناك العديد من المراسلات التي كانت تفد على النيابات من أن التعليم هو شأن الوزارة وليس شأن الآخرين.
طبعا هذا التغير في المواقف لم يأت بين عشية وضحاها ولكن جاء بفعل ما قام به كل المسؤولين وعلى اختلاف الأصعدة إلى أن أصبح أمرا مطلوبا ومحسوما فيه بفضل التنصيص عليه في العديد من الخطب الملكية السامية التي وضعت حدا لمسألة الاختيار أو المبادرة.
تقلدتم منصب المسؤول الأول بالإقليم عن شؤون التربية والتعليم، كيف تنظرون إلى طبيعة رهان إرساء مدرسة النجاح كمدخل أساسي للمخطط الاستعجالي بنيابة الصخيرات تمارة؟
إرساء مدرسة النجاح لا ترتبط ببداية محددة في الماضي أو الآن أو مستقبلا، لأن كل الأنظمة التربوية وتاريخيا تعمل من أجل النجاح ومن أجل الاضطلاع بالأدوار الموكولة إلى المدرسة، الهدف حسب ما يبدو من تبني شعار النجاح هو أولا إشعار وتذكير جميع المعنيين بالهدف أو الأهداف التي تعمل المدرسة من أجلها حتى يصبح النجاح المعيار الذي يقيس به كل متدخل دوره وما قام به، ثانيا، هو بكيفية أو بأخرى، محاصرة خطاب الفشل المروج بكيفية مبالغ فيها حول المدرسة المغربية وكأن هذه المدرسة توجد في وضعية إفلاس كلي، في حين كل النخب التي تتحمل المسؤوليات المختلفة بما فيها التي تتحدث عن الفشل هي نتاج هذه المدرسة، كما أن ما نسجله سنويا من نتائج كمية ونوعية يفيد أن هناك مردودية محترمة للمدرسة وأن الأضواء يجب أن تسلط على الدوائر التي تشكو من القصور.
وبالنسبة لنا في نيابة عمالة الصخيرات تمارة، فقد قمنا بتنفيذ ما ورد في المذكرات والمراجع المؤطرة لجيل مدرسة النجاح منذ انطلاقة الموسم الدراسي الجاري، ويمكن الجزم أن الطاقم الإداري بالمؤسسات التعليمية وجهاز التفتيش انخرطا بفاعلية على مستوى وضع كل الترتيبات ولا يزال يواصل جهوده، كما أننا بصدد تهييء جهويا ومحليا العدة للوقوف والمواكبة لما تم إنجازه ومن تم التدخل بالتوجيه والتقويم، وقد تم الاتفاق على مستوى الأكاديمية أننا سنشتغل في إطار المناطق التربوية لترسيخ العمل بهذه المقاربة وجعل كل المنتمين للمنطقة التربوية الواحدة ينخرطون ويواكبون جيل مدرسة النجاح.
5) إذا ما سمحتم، لننتقل الآن إلى موضوع آخر ذي علاقة باستقلالية المدرسة في تدبير قضاياها المحلية وعقلنة قراراتها كمدخل لمفهوم المدرسة الجديدة، فكيف ترون هذا المدخل ضمن المداخل المعتمدة في التنزيل الميداني للمخطط الاستعجالي بنيابة الصخيرات تمارة؟
- عندما نتحدث عن ضرورة انخراط الفاعلين التربويين والإداريين في تحمل مسؤولياتهم في الدوائر التي يتحملون فيها مسؤولياتهم، هذا لا يعني أن الأمر يتعلق بتنفيذ ما يؤمرون به فقط، بل يقتضي كذلك فسح المجال للذكاء أو الذكاءات الجماعية التي تزخر بها المؤسسات التعليمية لتشتغل وتبدع وتشعر بديمومة الارتياح والرضى المهنيين، وهذا يقتضي أن تصبح المؤسسة قادرة على أن تخطط انطلاقا من حاجياتها الحقيقية وأن تواجه بنفسها ومباشرة القضايا اليومية الثابتة والطارئة والاستجابة السريعة لمختلف حاجيات المؤسسة بالسرعة المطلوبة، لم يعد من الممكن أن تستمر الوضعية الحالية في اتصال المدير بالنيابة أو النائب ليخبره بأن هناك تسربا للمياه أو حدث عطبا بالتيار الكهربائي أو المؤسسة في حاجة ماسة لاقتناء تجهيز عادي، إن الاستقلالية التي ابتدأناها مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين يجب أن تذهب إلى أبعد مداها، أي إلى المؤسسة، خاصة وأن الأخيرة اليوم تتوفر على آليات ستكون قادرة مع مرور الأيام على القيام بكل ذلك، فهناك مجلس التدبير واليوم توجد جمعية دعم مدرسة النجاح، وتجربة اقتناء العدة المدرسية كانت تمرينا مهما سيدعم بتمرين جديد هو مشروع المؤسسة. فمن غير المعقول أن نسلم لإدارة المؤسسات والأساتذة بناية تقدر قيمتها بملايين الدراهم ونسلم لهم أمر أغلى ما تمتلكه الشعوب والأمم أعني تربية أجيال ولا نسلم لهم أمر التدبير اليومي والسنوي للمؤسسة.
وطبعا لتأمين أداء هذه الاستقلالية للأهداف المتوخاة منها لا بد من التعجيل باتخاذ بعض الإجراءات مثل دعم المدرسة الابتدائية بالأطر الإدارية والخدماتية اللازمة، وتعزيز الثانويات بالأطر الإدارية، وكذلك مواصلة ما اتخذ لحد الآن في مجال التكوين الأساس والتكوين المستمر في مجال تأهيل ودعم القدرات التدبيرية للموارد البشرية.
تميز الدخول المدرسي الحالي برفع شعار: جميعا من أجل مدرسة النجاح، هل كان الدخول المدرسي 2009-2010 بنيابة الصخيرات تمارة في مستوى تطلعاتكم؟ وما هي العوائق التي واجهتكم؟ وكيف تم التغلب عليها؟
جرت العادة أن نتخذ لكل موسم دراسي شعارا يؤطره ويستثير همم الجميع للاشتغال في أفقه، وهذا بحكم التجربة يعطي نفسا جديدا ومتكأ صلبا في مختلف وضعيات التواصل حول المدرسة، بالنسبة لهذا الموسم ركز الشعار على دعوة الجميع للعمل من أجل توفير أو مواصلة توفير الشروط والمداخل المنتجة لمدرسة النجاح، كما أن كل موسم دراسي وفي كل نيابة يعرف خصوصيات وقضايا قد تتشابه أوتختلف حسب السياقات والأولويات.. وبالنسبة لنا في الصخيرات تمارة عملت النيابة منذ نهاية الموسم الداسي الماضي كباقي النيابات على توفير شروط دخول مدرسي أسهمت في انطلاقة عادية وفي الوقت المبرمج لها، كما أسهمت مختلف اللقاءات التي تمت مع الفاعلين التربويين في توفير أجواء الانخراط والمواكبة والتتبع، ومع ذلك فقد كان لأثر تأخر تسلم بعض المؤسسات التعليمية المحدثة (ثانوية سلمان الفارسي التأهيلية، ثانوية الإمام البخاري التأهيلية، ثانوية 18 نونبر الإعدادية، مدرسة النصر) بعض الصعوبات في إيجاد وتصريف الحلول، وللإشارة فهذا التأخر كان ناتجا عن عوامل موضوعية وخارجة عن إرادة النيابة، وقد تم التغلب على ذلك باتخاذ حلول مؤقتة أسهم فيها الجميع من تلاميذ وأسر ومؤسسات تعليمية وفاعلين محليين.
وما دمنا نتحدث على الصعوبات التي عرفها الدخول المدرسي الجاري، يمكن الوقوف على مسألة تدبير الموارد البشرية الذي تطلب من النيابة بذل مجهود استثنائي للقيام بتكليفات تعد بالعشرات للاستجابة إلى حاجيات المؤسسات المحدثة أو حاجيات المؤسسات التي تغيرت بنيتها التربوية بفعل حركية ولا ثبات النسيج الديمغرافي الذي يميز بعض المجالات الجغرافية بتراب العمالة، وما ينتج عن ذلك من ردود أفعال من لدن من كلفوا ومن لدن الأسر.
لا يختلف اثنان في أن إنجاح مدرسة النجاح رهين، كما سبق أن أكدتم، بالموارد البشرية والمالية الموضوعة رهن إشارة المؤسسات التعليمية، ما هي التدابير المتخذة لتأهيل أطر القطاع حتى تكون في مستوى انتظارات مغرب الألفية الثالثة والمغرب الرقمي، والتحديات المطروحة على القطاع عموما؟
يجب الاقتناع أن للمرحلة التي نمر منها عناوين كبرى، لعل من أبرزها هو عنوان التكوين وخاصة التكوين المستمر، فالوزارة دخلت مرحلة جديدة غير مسبوقة بفعل ما توافر من شروط وإمكانيات في هذا المجال، كما أن التكوين غطى وسيغطي تدريجيا كل مكونات المنظومة وكل الأسلاك وكل التخصصات، لإيمان الجميع بمركزية العنصر البشري، ويمكن الإشارة هنا إلى بعض التكوينات التي تعتبر من مفاتيح التغيير وبالأساس تغيير السلوك الأدائي الصفي والإداري، فهناك بيداغوجية الإدماج التي يمكن إذا ما ضمنا لها الانخراط المتواصل الفردي والجماعي للفاعلين المباشرين، وحصناها بالتتبع المستمر، من شأن كل ذلك أن يؤهل كل أستاذ وكل مدير وكل مفتش ليصبح ليس فقط واعيا بالأثر الذي يحدثه أداؤه، ولكن يصبح قادرا على قياس ذلك الأثر، وقادرا على التدخل للرفع من إيقاعه ودرجاته لإحداث التغيير المنشود، كما أن هناك برنامج جيني في صيغته الثانية الذي تعلق عليه آمالا كبيرة في تجاوز ما أسفرت عنه الصيغة الأولى من أجل إدخال المؤسسة التعليمية إلى العصر الرقمي، وما سجل من تجارب في بعض النيابات والمؤسسات يعد بالنتائج الإيجابية في هذا المجال، كذلك هناك تجربة إحداث عدة معلوماتية من أجل تدبير مختلف العمليات على مستوى المؤسسة التعليمية، وبغاية إيصال المعطيات وتبادلها في نفس اللحظة وعند الحاجة، وتمرين الإحصاء الذي انطلق الموسم الماضي، وما نجربه اليوم في إطار تدبير الزمن المدرسي يعد بفتح آفاق رحبة للمنظومة التربوية ليس فقط على مستوى الحصول على المعلومة واتخاذ الإجراب الواجب اتخاذه، ولكن في ما ستحدثه بكيفية مباشرة أو غير مباشرة على مستوى تغيير السلوك اليومي وعادات العاملين بالقطاع.
ما هي أهم نقط القوة التي لاحظتم أنها تميز نيابة الصخيرات تمارة؟
من غير السهل القيام بجرد لنقط القوة، بفعل كثافة ما أنجز بتراب النيابة، وبفعل ما تراكم من تجارب لدى الفاعلين التربويين والفاعلين من خارج التربية الوطنية، ولكن يمكن إلقاء الضوء على بعض الدوائر التي تميز مجال الصخيرات تمارة:
- أولا: الانخراط الجلي للفاعلين من خارج التربية الوطنية سواء تعلق الأمر بالسلطات الإقليمية من خلال البرامج أو المصالح التابعة لها (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ? الإنعاش الوطني...) أو تعلق الأمر بالفاعلين الاقتصاديين والمنعشين العقاريين (العمران، ديار المنصور)، وبالفاعلين الدوليين خاصة من الخليج وبالفاعلين الجمعويين، ويكفي إعطاء رقم يعكس وزن إسهام ما سبق في مجهودات المشاريع المنجزة أو المفتوحة بالقطاع حيث وصل إلى حدود 35 بالمائة تقريبا خلال الموسم الدراسي الجاري، وهذا يفرض على النيابة ومصالحها أن تبذل جهودا إضافية لتتمكن من مواكبة حاجيات ومتطلبات جميع المتدخلين.
تعرف عمالة الصخيرات تمارة نموا ديمغرافيا متسارعا كل سنة، وبالمقابل تستحوذ النيابة على حصة الأسد من ميزانية البناء، هل يمكن أن نصل إلى أقسام لا تعرف الاكتظاظ على المدى القريب؟
بالفعل وكما سبقت الإشارة إلى ذلك النمو الديمغرافي لساكنة هذه العمالة هو الأول على المستوى الوطني، نظرا لعوامل معروفة لديكم، الأمر الذي يتطلب من النيابة والأكاديمية وباقي المتدخلين المعنيين مواكبة مستمرة لحركية النسيج السكاني، فعند ترحيل أي حي صفيحي إلى فضاء جديد يصبح لزاما توفير البنية التحتية التربوية اللازمة، والموارد البشرية الضرورية للمسكنين الجدد، وما يتطلب ذلك من عمليات موازية على مستوى «ترحيل» الموارد البشرية (كلمة ترحيل بين مزدوجتين) والتجهيز...
أما ما يتعلق بقضية الاكتظاظ فيجب التمييز بين أسبابه، إذ هناك الاكتظاظ الناتج عن رغبة وضغط الأسر في تسجيل أبنائهم في مؤسسات معينة نظرا لقربها من السكن أو وجودها في طريق العمل أو وجود علاقات اجتماعية ما ...، كما أن هناك اكتظاظا ناتج عن عدم وجود بنية استقبال في أماكن التعمير الجديدة بفعل عمليات ترحيل دور الصفيح أو الأحياء السكنية الجديدة، أو بفعل عدم وجود وعاء عقاري بها. وعموما فنسبة الاكتظاظ المسجل في الثانوي التأهيلي بالخصوص ببعض المؤسسات محدود، وما فتح هذا الموسم من مؤسسات تعليمية بمختلف الأسلاك سيسهم في توفير عرض مدرسي أفضل، كما أن ما سيفتح من مؤسسات تعليمية خلال مدة البرنامج الاستعجالي سيجعل الكثافة الصفية في مستوياتها العادية.
كلمة أخيرة
كلمة أو كلمات، بل قبل تلك أوهاته، لابد من إعادة التركيز وذكر بعض القضايا التي تتطلب تدخلا آنيا وممتدا في زمن الإصلاح لتحصين ما أنجز وما سينجز، وهي كالتالي:
اهتمام التكوين المستمر على الأقل في أغلب مصوغاته على آليات «الصنعة» أي «الحرفة» أي على ما يوظفه الأستاذ بالقسم، يعني أن يركز على بناء الجذاذة، على إعداد تحضير أو تخطيط الدرس، على تصريف ما يخططه بالصف الدراسي، على ما يجب القيام ليقيس الأثر الذي أحدثه، والكيفية التي يجب أن يعالج بها ما لم يتحقق، ولو اقتضى الأمر الرجوع إلى تقنيات التعليم المصغر والدروس التطبيقية والتجريبية المخطط لها بدقة. لأن أساتذتنا في حاجة ماسة إلى ذلك مع تغير البرامج وتقادم ما تم تلقيه و... وهذا دور مراكز التكوين وجهاز التفتيش.
_تنظيم دورات تكوينية حول موضوع آليات التواصل المندمج أوالممزوج مع حقوق وواجبات الموظف، لأن ما نسجله يوميا هو هدر زمن وطاقات وجهود كبيرة في خلافات سواء بين مكونات المؤسسة الواحدة أو بين المؤسسة ومحيطها والمتعاملين معها، مما يكون له انعكاسات سلبية على مردودية وسمعة المؤسسة والمنظومة ككل.
_ تحدثت عن ضرورة إعطاء الاستقلالية للمؤسسة التعليمية من أجل الاستجابة إلى حاجياتها العادية والطارئة، ذلك لن يتم إلا إذا عززت باستقلالية على مستوى تدبير مواردها البشرية في البعد المتعلق بالتدخل المباشر من أجل تعويض من مرض أو تغيب في يومه، وهذا يقتضي أن يكون لكل مؤسسة نسبة مئوية معينة حسب بنيتها التربوية بمذكرة من الزائد عن الحاجة الفعلية، وأن يشتغل هذا الفائض في العديد من المهام اليومية الإدارية والمكتبية والإعلامية وحتى الدعم المدرسي، على أن يتقلد مسؤولية القسم عند وجود طارئ. لأن ما يهدر حاليا من زمن للتلميذ، وما يتطلب أمر التعويض من زمن للإدارة المعنية بالتدبير لا يمكن استدراكه أو استرجاعه. وهنا لابد أن تتفهم الجهات المالية المسؤولة خصوصيات المؤسسة التعليمية والقسم الدراسي التي هي عكس خصوصيات مؤسسة إدارية يمكن لموظف فيها أن يقوم بعمل زميله أو زميلته عند التغيب، أو يمكن إرجاء ذلك العمل إلى حين. عندما يقع طارئ ويتغيب أستاذ واحد فقط يبقى 30 أو 40 تلميذ بدون دراسة، وكلما ارتفع عدد الطوارئ يرتفع معه نوع من الهدر المدرسي.
_ في اتجاه وسائل الإعلام، وإيمانا بالأدوار الحاسمة التي تسهم بها في تشكيل وتعبئة وتوجيه الرأي العام، يمكن التركيز على ضرورة توسيع دائرة الاهتمام بقطاع التربية الوطنية، لأن ما أنجز وما ينجز على المستوى الماكرو، ونفسه على مستوى الميكرو أي في إطار تجارب ذاتية لمؤسسات تعليمية عديدة مبثوثة هنا وهنا في أرجاء الوطن تتطلب المواكبة والتعريف بها، كما أن المرحلة تتطلب نقدا بناء أثناء التعاطي مع قضايا مؤسسة ما أو مجال ترابي ما ليسهم كل من موقعه في تعميق ترسيخ الثقة بالمدرسة العمومية التي أدت ولا زالت تؤدي وستبقى تؤدي أدوارها بسقف عال من الجودة والمردودية.
كلمة أخيرة
أولا: الشكر لجريدة الاتحاد الاشتراكي على حضورها المستمر لمواكبة القطاع التربوي؛
ثانيا: تحية تقدير وإكبار لكل منتسب ومنتسبة لقطاع التعليم والتربية يجعل من وظيفته قضية كل القضايا؛
ثالثا: سنة سعيدة للجميع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.