لاحديث للأسر المغربية هذه الأيام إلا عن الزيادات المتتالية في أسعار الخضر، والتي تجاوزت نسبتها بالنسبة للبعض 100 % . البعض ربط الأمر بالأحوال الجوية، والبعض الآخر اعتبر أن المضاربات هي التي تلهب الأسعار كل مرة وأن مجموعات معروفة تتحكم في ميزان الأثمنة وبشكل مزاجي، في حين اكتفى آخرون بإبداء استيائهم من قطاع لاتحكمه ضوابط ولامنطق للقانون فيه. غلاء أسعار الخضر وبشكل قياسي يعيد إلى الواجهة مشكل ارتفاع تكلفة المعيشة بالمغرب وضعف القدرة الشرائية للمواطن في ظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه فئة كبيرة من الشعب المغربي، هذه الزيادات انعكست بشكل واضح على أثمنة السلع والمواد الغذائية الأكثر استهلاكا ،الأمر الذي عمق من المشاكل المادية لغالبية الأسر المغربية والتي عجزت عن مواجهة موجة الغلاء. فبعملية حسابية بسيطة لتكلفة القفة بالنسبة لأسرة متوسطة الدخل مكونة من خمسة أفراد لاتقل عن 100درهم في اليوم الواحد، وهي التكلفة التي تفوق بكثير في الشهر الواحد الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي يطرح أكثر من علامة استفهام حول الطريقة التي تتدبر بها فئة كبيرة من المواطنين أمورها المعيشية. أمام هذا الوضع ومن أجل ضمان تغطية باقي المصاريف الأخرى يتم الضغط على مصاريف القفة من خلال محاولة تقليصها إلى أقل مستوى لها مع محاولة ضمان التغذية اليومية. تكلفة المعيشة بالمغرب تختلف ليس فقط حسب الطبقات الاجتماعية، بل داخل نفس الطبقة، أيضا مصاريف القفة لاتضاهيها إلا مصاريف فواتير الماء والكهرباء والتي، وبالرغم من المحاولات الحثيثة للإقتصاد فيها بالنسبة للفئات المتوسطة الدخل أو الضعيفة، إلا أنها تنزل بثقلها نظرا للزيادات المتتالية فيها. لعبة المزاجية في الأسعار ببلادنا لعبة قديمة حديثة ، وهي التي فجرت موجة من الاحتجاجات قبل سنوات في مجموعة من المدن المغربية، هي التي دفعت مجموعة من فعاليات المجتمع المدني إلى انشاء تنسيقيات لمناهضة ارتفاع الأسعار، لكن هي أيضا التي أغنت البعض على حساب شريحة كبيرة من المواطنين، هي التي استنزفت ميزانية الأسر وقلصت مستويات الادخار لديها، بل وأدخلت البعض في متاهات الاقتراض ودوامة الديون، وبكل بساطة هي التي ساهمت في تعميق الأزمة ببلادنا. المثير للاستغراب أن الخطابات الرسمية وفي كل مناسبة تتحدث عن تدابير لحماية المستهلك من ارتفاع الأسعار لكن في واقع الأمر ليس هناك من استراتيجية لحماية هذا المستهلك الذي يستحق الشفقة، اللهم خرجات إعلامية من حين لآخر وحملات لذر الرماد في العيون ليس إلا...