يعيش اليوم بالديار الفرنسية ما بين 200 و400 ألف مهاجر في وضعية غير قانونية تتجاذب قضيتهم كل من الجمعيات المعنية بالهجرة والمهاجرين ووزارة الهجرة والإدماج، والمستفيدين من بعض أصحاب المقاولات من وضعيتهم هاته. فبالموازاة مع الجهود التي تبذلها الجمعيات المعنية بشؤون الهجرة والمهاجرين في فرنسا لأجل العمل على إيجاد حل لوضعيتهم «اللاإنسانية» والسعي لادماجهم في المجتمع الفرنسي، والحد من استغلالهم من قبل بعض المقاولات في قطاعات مختلفة عبر «تشغيلهم» دون ضوابط قانونية ما يشبه «الاشتغال في السوق السوداء»، وبالموازاة مع من يجد في عملية ترحيل «المهاجرين غير الشرعيين» حرب ارقام، انخرط فيها «عمال» «العمالات» على مستوى التراب الفرنسي لأجل تحقيق 29 ألف عملية ترحيل، ورصدت جمعيات عددا من الحالات المخالفة للقانون، بموازاة كل هذا تقوم في ذات الآن الحكومة الفرنسية وعلى الخصوص وزارة الهجرة والإدماج والهوية الوطنية والتنمية المتضامنة، بمساع حثيثة لأجل الحد من ظاهرة الهجرة غير القانونية بمجموع التراب الفرنسي. وزير الهجرة إريك بيسون، أكد أنه ماض في تدبير ملف الهجرة «السرية» بالديار الفرنسية، إذ سيكون واحدا من بين الملفات الاساسية السنة الجارية، حيث تروم الوزارة تحقيق توازن ما بين الهجرة ذات الدوافع المهنية والهجرة المرتبطة بالتجمع العائلي التي تعتبر واحدة من أهم بوابات الوصول الى التراب الفرنسي. ومن أجل الحد من تنامي «الهجرة غير القانونية» أعلن بيسون أن فرنسا قامت خلال السنة الماضية بترحيل 29 ألف مهاجر غير شرعي، ليتجاوز بقليل الرقم، أي أكثر من ألفي شخص، الذي حدده الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في 27 ألف عملية ترحيل سنويا ك«كوتا». وقال إريك بيسون إن من بين المرحلين ال29 ألفا، 12 افغانيا تم ترحيلهم إلى بلادهم شهري أكتوبر ودجنبر الماضيين، بالرغم من ظروف «اللا استقرار» و«خطورة الأوضاع» في هذا البلد، وانتقادات المنظمات الحقوقية الفرنسية والمعارضة الفرنسية الواسعة ضد خطوة بيسون هاته، مستشهدا ببريطانيا التي قامت بترحيل ألف افغاني. وكانت قوات الامن الفرنسي قد داهمت في أكتوبر الماضي مخيما مؤقتا للاجئين أنشأه المهاجرون بصورة غير شرعية شمال فرنسا إلا أن العملية لم تسفر إلا عن احتجاز نصف اللاجئين حيث هرب كثيرون بعد علمهم بالعملية. هكذا التزم إريك بيسون بمعدل الترحيل الذي أعلنه سابقه، بريس أورتوفوه، حيث قامت فرنسا بترحيل ما يقارب 29799 مهاجرا غير شرعي من التراب الفرنسي. ويذكر ان الحكومة الفرنسية قد حددت ما بين 25 و29 الفا يتم ترحيلهم كل عام في سعيها للحد من الهجرة غير الشرعية. فحسب وثيقة تحليلية للجمعية العامة الفرنسية، بخصوص وضعية «المهاجرين غير الشرعيين» وعمليات الترحيل التي عاشتها فرنسا خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الماضية، يأتي المغاربة في المرتبة الثالثة، حيث شمل الترحيل حوالي 1550 مغربيا في وضعية غير قانونية، وجاء الجزائريون في المرتبة الثانية بزيادة شخصين، والرمانيون بحوالي 4346 مهاجرا في وضعية غير قانونية. ومن بين المغاربة المرحلين من فرنسا، التي أشارت مصادر إعلامية، إلى أن عددهم فاق 3600 شخص سنة 2009، من أتى عبر قوارب الموت، والتحق بفرنسا بعدما استقر سواء في اسبانيا أو ايطاليا، أو عبر شبكات «التهجير»، أو اختار «الاستقرار» بفرنسا بعد انتهاء مدة صلاحية التأشيرة المحصل عليها بشكل قانوني سواء لمتابعة الدراسة أو الزيارات العائلية أو السياحة. والارقام المحصلة الى حدود الآن بعد سنتين من تولي نيكولا ساركوزي رئاسة فرنسا، بالرغم من كونها تبين أن عدد المقيمين غير الشرعيين انخفض بحوالي 17 بالمائة، وعدد المهاجرين بدافع التجمع العائلي انخفض بنسبة 13 بالمائة، فعملية الترحيل وتدبير مراكز الإيواء باتت عبئا ماليا كبيرا على الحكومة الفرنسية، التي يصل عددها اليوم في فرنسا لحوالي 26 مركزا، إذ تكلف عمليات الترحيل ما يقارب 232 مليون أورو سنويا، أي حوالي 12 ألف أورو لكل عملية ترحيل. والى جانب كل هذا، فقد عرفت فرنسا السنة الماضية، دخول 175 ألف اجنبي وصلوا الى فرنسا ولديهم تأشيرات أمد طويلة الامد العام الماضي، كما منحت فرنسا الجنسية لحوالي 108 ألف أجنبي، أي بزيادة 1000 بالمقارنة مع السنة الماضية، أزيد من نصف عددهم ينحدرون من دول المغرب العربي، ويأتي المغاربة في الصدارة، في حين تأتي كل من افريقيا جنوب الصحراء وآسيا في المرتبة الثانية ب13 بالمائة، والاتحاد الأوربي في المرتبة الثالثة ب6بالمائة، وباقي الدول الأوربية ب7.2 بالمائة في المرتبة الرابعة، وأمريكا في المرتبة الخامسة ب5 بالمائة. وفي اسبانيا أعلن وزير الداخلية الاسباني ألفريدو بيريث روبالكابا، أول أمس السبت، أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى السواحل الاسبانية انخفض خلال سنة2009 بأزيد من45 في المائة. وأوضح روبالكابا خلال تقديمه للحصيلة السنوية لمكافحة الهجرة السرية في إسبانيا السبت بمدريد، أن قوات الأمن الاسبانية اعترضت 7285 من المهاجرين غير الشرعيين الذين حاولوا دخول الأراضي الإسبانية خلال سنة 2009 وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة 45.7 في المائة مقارنة مع سنة 2008 . وعزا وزير الداخلية الاسباني انخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى السواحل الاسبانية إلى المجهودات التي تبذلها قوات الأمن الإسبانية وعمليات ترحيل المهاجرين السريين، ولكن أيضا بفضل التعاون القائم مع البلدان الاصلية أو بلدان العبور من بينها المغرب والسينغال وموريتانيا ومالي. وأوضح المسؤول الاسباني، أنه إذا كانت الأزمة الاقتصادية قد ساهمت بشكل كبير في الحد من قدوم المهاجرين غير الشرعيين عبر المطارات الاسبانية، وخصوصا من أمريكا الجنوبية، فإن الحد من وصول المهاجرين السريين عبر السواحل الاسبانية يعزى إلى الضغوط التي تمارسها الشرطة وإلى الاتفاقيات الموقعة مع البلدان الاصلية. وأكد أن بلاده ستعمل خلال رئاستها الدورية للاتحاد الاوروبي على بحث «ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي تؤثر أساسا على البلدان الواقعة بجنوب الاتحاد الأوروبي بشكل جدي وحاسم فضلا عن مكافحة الاتجار بالبشر وذلك من خلال توحيد الجهود مع البلدان الأصلية وبلدان عبور الهجرة غير الشرعية». كما شدد روبالكابا على عزم الحكومة الإسبانية خلال فترة رئاستها للاتحاد الأوروبي على الرفع من المؤهلات العملية والبشرية والمادية للوكالة الأوروبية المكلفة بتدبير التعاون العملي على الحدود الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي «فرونتكس».