يبدو أن أنفلونزا الخنازير قد بلغت مستوى أكبر مما نتوقع، وأن المرحلة التي وصلتها في بعض المناطق تدعو إلى خطة استعجالية لوقف الزحف الحنزيري. وهذا ما نستفيده من الأخبار القادمة من محمية باب لوطا- الصميعة، بتاهلة، في شرق البلاد.. فقد خرج السكان باللافتات منددين بالهجوم البري الذي تقوده الخنازير ضدهم. وكما يفعل العمال إزاء باطرون ظالم ولا يعترف بالحقوق الاجتماعية والنقابية والتغطية الصحية، خرج السكان منددين بالخنزير الباطرون. واتفقوا معي يا أولو الألباب أنه في بلدنا العزيز وحده يمكن للخنزير أن يصبح باطرونا (ويمكن العكس أيضا في بعض الحالات!!). فقد أفادنا مصدر محلي بأن سكان الدواوير المحيطة بمحمية باب لوطا قد «نظموا وقفة احتجاجية يوم الأربعاء 06 يناير2010 أمام مقر جماعة الصميعة، رافعين لافتات وشعارات تنديدية بخطورة الوضع المعيشي بالدواوير نتيجة تكاثر الخنزير البري داخل المحمية والذي أصبح يهدد محاصيلهم الزراعية، كما خلق الرعب لدى أبنائهم، مما حرمهم من الذهاب إلى المدرسة». وحمل المحتجون المسؤولية للسلطات الوصية والجماعة القروية - الصميعة - باعتبارهم رخصوا للمستثمر الفرنسي بإقامة المحمية دون مراعاة مصالح الساكنة، وطالب المحتجون بإلغاء الاتفاقية، حيث أصبح الضرر باديا للعيان. وكما يحدث في كل معركة حقوقية ضد الحلاليف من كل نوع، فإن الجمعية المغربية لم تتردد في القيام بواجبها النضالي ضد الحلوف البري. وهكذا قال مصدرنا أن «الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتاهلة قد آزار المحتجين خلال الوقفة، حيث ألقى رئيس الفرع كلمة أشار فيها إلى ضرورة رفع الظلم والحيف عن الدواوير وحماية الساكنة وممتلكاتها التي تعرضت لخسائر كبيرة من خلال معاينة الفرع لها، وحمل المسؤولية كذلك للسلطات الوصية وجماعة الصميعة فيما يقع. وقد وصلت التحلوفيت إلى درجة أنها أصبحت جزءا من التراث الاحتجاجي المغربي، حيث أن السكان المغلوبين على أمرهم بفعل الاستثمارات الخنزيرية، رفعوا شعارات تكشف عمق الأزمة والمعاناة، ومنها الشعار الذي يفسرون فيه وقفتهم «علاش جينا واحتجينا.. على الضرر اللي بينا». وفي كل بلدان العالم اليوم، هناك حديث عن التلقيح والمعالجة، وعوض أن نجيب عن سؤال التلقيح والشك الذي يحيط به، ونسأل لماذا لم تبادر المحامية الوزيرة إلى إعطاء إشارة إيجابية، إلى جانب الوزراء الآخرين والشخصيات العمومية، ليطمئن من بهم توجس، جاء الحلوف «برجليه» لكي يذكرنا «بأصالتنا» وتميزنا الخنازيري، أو الحلاليفي. ففي بلادنا لا يخاف الناس من أنفلونزا الحلاليف، وإلا كانوا سيتسابقون إلى مراكز التلقيح خوفا من الإصابة، بل الناس في بلدي يخافون من الحلوف نفسه، لأنه «يتحالف» مع الطبيعة والحاجة والفقر أحيانا ضدهم.. والحلوف اليوم كائن عالمي، وتقام له الدنيا ولا تقعد، ويتحدث عنه الناس بكل اللغات، ويبدو أنه أصبح عدوا أكثر من بن لادن ومن كارلوس، وأكثر ترويعا من قنابل أحمدي نجاد المخصبة بالدم. على كل، لا أدري ما إذا كان البيض يمثل رادعا للأنفلونزا أو أنه يفيد في تقوية المناعة ضدها، لكن المفيد هو أن المغاربة يتناولون 4 ملايير بيضة في السنة، أي بمعدل 130 بيضة لكل مغربي. ويبدو أن لذلك معاني عديدة، منها أن المغاربة يلتهمون كل هذا القدر من البيض نكاية بأمه الدجاجة، التي سبق وأن روعهم بأنفلونزا الطيور، وروعتهم، وهي الدجاجة المغلوبة والخائفة.. وتركتهم مرعوبين من منقارها الضعيف. وقتها كان الوزير الأول إدريس جطو قد التهم دجاجة أمام الكاميرا لكي يؤكد للمغاربة أن «لو كنا نخافو من الدجاج، وكون ما كلناه». ولكي يقول لهم بالحرف بأن الدجاجة، ما هي في النهاية سوى بيضة تضع بيضة أخرى، وهكذا .. وقد اعتدنا بالفعل أن نعيش باستعارات بيضوية، بحيث أن الذي يسرق بيضة قد يسرق عجلا، وكأنه في البلاد السعيدة يمكنك أن تبدأ مباشرة من العجل ..الذي يعيش في بحبوحة. وربما من هنا جاء تبييض الأموال، ولا نعني بها غسل الأموال حتى تعود بيضاء بدون سوء، بل نقصد بذلك وضع البيض الذهبي. وهو ما يجعل البلاد في النهاية دجاجة تبيض ذهبا للبعض القليل. ويتركوننا «نقاقي» وهم يبتسمون ويدركون أن «الذي يأكل البيض عليه أن يصبر لقوقأة الدجاج»!! وعندما تسرق بيضة يمكن أن تنتهي في اغبيلة أو أي سجن قريب منك، أما إذا سرقت عجلا، فليس مؤكدا أن تذهب إلى السجن، بل ربما تذهب إلى ... البرلمان!! وفي معنى أربعة ملايير بيضة أيضا، أن أغلب المغاربة يفضل البيض مع المطيشة، كحل جذري للإطاحة بالجوع. ولا شك أن الكثير من الطلبة يتذكرون الأسماء التي كانت تعطى للبيض وللمطيشة، وهي الأسماء التي لا أعتقد بأن كبار المستهلكين يعرفونها، وهي من قبيل (فكاك لوحايل- «بيام» أي «بي» للبيض ، و«إم» للمطيشة)، وغيرها من الأسماء اللطيفة التي تكشف الألفة والصداقة حتى بين بيضنا وإنساننا. وإذا كانت وزارة الصحة تريد منا أن نلقح، فلا يمكنها إلا أن تعمل بالحكمة التي تقول إنه لا يمكن أن «تصنع الأومليت بدون أن تكسر البيض»!