رحبت المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة بقانون الأسرة المغربي الجديد حين صدوره، لمنحه حقوقا غير مسبوقة للمرأة المغربية، لكن تلك الحقوق لا تستفيد منها بعض فئات الجالية المغربية في ألمانيا، ما يثير قلق نشطاء المجتمع المدني. يسعى نشطاء المجتمع المدني ومهتمون بقضايا المرأة المغربية المهاجرة في ألمانيا إلى توظيف فعاليات ثقافية واقتصادية مغربية تشهدها مدينة هامبورغ نهاية الأسبوع من أجل التوعية بالحقوق التي يمنحها قانون الأسرة المغربي والنظام القانوني للبلد المضيف ألمانيا. ويشارك خبراء ونشطاء المجتمع المدني في ندوة حول « قانون الأسرة وقضايا المرأة» تعقدها المؤسسة الأوروبية المتوسطية للتعاون (مقرها هامبورغ) ضمن الفعاليات التي تنظمها في هامبورغ، وقالت دنيا القرشي رئيسة جمعية ألمانية -مغربية للتبادل الثقافي والاجتماعي وإحدى المشاركات في تنظيم الندوة لدويتشه فيله، إن عقدها يهدف لتعريف أفراد الجالية بالإصلاحات الجوهرية التي تحققت من خلال قانون الأسرة المغربي الذي يعرف ب»مدونة الأسرة»، ويعتبر من أهم الإصلاحات التي أنجزت في عهد الملك الشاب محمد السادس. ولاحظت القرشي أن ضعف الوعي بتلك الإصلاحات القانونية يسبب مشاكل قانونية واجتماعية لعدد من أفراد الجالية المغربية في ألمانيا، خصوصا في قضايا الطلاق والنفقة وحضانة الأطفال. من أبرز الإشكالات التي ترصدها دنيا القرشي، وهي ألمانية من أصل مغربي، مسألة ازدواج القواعد القانونية التي تطبق على الأطفال المولودين في ألمانيا من زوجين مغربيين كان زواجهما طبقا للقانون المغربي. ويعتبر عدم الإلمام بمقتضيات القانون المغربي الجديد وكذلك بالنظام القانوني الألماني، مصدرا أساسيا للمشكلات المطروحة بالنسبة لأفراد الجالية المغربية، كما توضح دنيا القرشي:»ليس هنالك وعي من بعض أفراد الجالية بالإصلاحات الجوهرية التي تضمنتها مدونة الأسرة، بل أحيانا نلاحظ فهما خاطئا لبعض مقتضيات المدونة مثل بند تقاسم الممتلكات بين الزوجين عند الطلاق» وتعتقد القرشي أن ضعف وعي أفراد الجالية بحقوقهم القانونية مرده إلى»غياب التوعية والتعريف بمحتوى المدونة رغم مرور خمس سنوات على سَنِها». لكن الجهل بالحقوق والقوانين ليس وحده يسبب مشاكل قانونية بل أيضا عدم الانسجام بين النظامين القانونيين المغربي والألماني، فبعض أفراد الجالية يواجهون صعوبات في الاعتراف من قبل السلطات القضائية والإدارية الألمانية بإجراءات طلاقهم التي تمت وفقا للقانون المغربي، وخصوصا فيما يتعلق بحالات المغاربة الحاملين للجنسية الألمانية. وقد كلف ذلك بعض الأشخاص فسخ الزواج والقيام بإجراءات زواج جديدة طبقا للقانون الألماني. وتعتبر مسألة زواج أحد أفراد الجالية بامرأة ثانية من أكثر الحالات تعقيدا، فالقانون المغربي الجديد رغم تضييقه الشديد لإجراءات الزواج بثانية إلا أنه ترك المجال لإمكانية الزواج بثانية في حالة موافقة الزوجة الأولى، بينما يمنع القانون الألماني تعدد الزواج بشكل مطلق، وهو ما يطرح حالة تعارض بين قانوني البلد الأصلي وبلد الإقامة. ولاحظت القرشي أن المغرب وألمانيا يحتاجان الآن إلى تحديث الاتفاقيات القانونية والقضائية التي تربطهما كي تتلاءم مع التطورات القانونية التي حدثت خصوصا في المغرب، كما أشارت إلى أن بعض الإدارات الحكومية والمحاكم الألمانية ليست مطلعة بشكل كاف على القوانين المغربية الجديدة وخصوصا مدونة (قانون) الأسرة. [...]