ناقش المشاركون في الملتقى الدولي الأول حول «الهجرة النسائية المغربية: تشخيص الأسباب، الأحلام، الواقع والتطلعات» الذي نظمه مسلك الدراسات الإسبانية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية يومي 20 و21 نونبر الجاري العديد من المواضيع المرتبطة بتأنيث الهجرة، وهل هذه الهجرة معطى ثابت أو متغير، ما هي دلالتها وعواقبها وأثرها على الأسرة والمجتمع؟. وساهمت مجموعة من الأساتذة والباحثين في هذا الملتقى بمداخلات ركز بعضها على الهجرة النسائية في جانبها الحقوقي، ومنهم من وقف عند نماذج متعددة، سواء هجرة النساء نحو الدول الأوروبية أو هجرتهن نحو دول الخليج، ومن المداخلات، من قدمت شهادات حية وأحداث معيشة، برهنت من خلالها عن طبيعة الهجرة النسائية. وقد تكلم محمد العربي المساري في المداخلة التي ساهم بها في الملتقى عن وضع المرأة المغربية المهاجرة حاليا في إسبانيا، وأكد على أنها تتحمل الضغوط أكثر من غيرها، لأنها أولا امرأة ضعيفة وثانيا لأنها مهاجرة. وقال إن عبء هذه المرأة يزداد خاصة في الدول المصنعة، وربط ذلك بالأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعرفها هذه البلدان مما يساهم في التزايد المستمر لمسألة التعصب والعنصرية في الكثير من الدول الأوروبية. واعتبر المساري في حديث خص به «العلم» أن دولة إسبانيا ليست استثناء، بحيث أكد أن المرأة المغربية تعاني من الميز والعنصرية والاستغلال. وأشار إلى أنه بعد 11 مارس المرتبطة بانفجارات القطارات بمدريد وقعت حملة قوية في الإعلام والكنيسة بهدف تربية المواطن الإسباني وتوعيته بأنه رغم أن الذين كانوا من وراء هذه التفجيرات من أصول مغربية، فهذا لا يعني أن المغاربة إرهابيين ولكن الذين قاموا بهذه التفجيرات هم مجرمون، ولهذا نظمت حملة لتهييء الإسبان ولتغيير تعاملهم مع المغاربة. والمرأة المغربية المهاجرة على علم تام بأن المجتمع الإسباني عرف تطورا ملحوظا وأن المرأة الإسبانية تقدمت كثيرا واستفادت في علاقتها بالديمقراطية وبالحرية. ولابد للمرأة المغربية المهاجرة بإسبانيا أن تتأثر بكل هذا خاصة وأنه منذ عشر سنوات مضت وقعت مسألة جد هامة وهي أن هناك امرأة مغربية استنجدت بديوان المظالم الإسباني لتحصل على الطلاق بمقتضى القانون الإسباني، وأضاف المساري مثالا آخر، فمنذ أقل من عشرة أيام وبمدينة طنجة حكمت المحكمة لصالح امرأة مغربية مقيمة في إسبانيا بالاستفادة من حضانة طفلتها، وكان هذا بمقتضى المدونة الجديدة التي حصنت للمرأة حقوقها أكثر. في حين اعتبر فؤاد بن مخلوف مدير بنية الشراكة والتعاون بمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج هذا الملتقى الأول حول الهجرة النسائية، موضوعا يكتسي أهمية كبرى نظرا لأن النساء يمثلن 50% من المهاجرين المغاربة، وبلغة الأرقام لدينا ما يناهز مليون و600 ألف مهاجرة مغربية ووضعيتهن تختلف من دولة إلى أخرى. وقال بن مخلوف في تصريح «للعلم» إن وضعية المرأة في إسبانيا لا تشبه وضعيتها في ليبيا أو في كندا وفرنسا كذلك ويتجلى هذا الاختلاف خاصة في جانب العمل الجمعوي لأن هناك دول عرفت الهجرة النسائية منذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كفرنسا وهولندا وبلجيكا، ويوجد بهذه الدول كذلك مشاركة فعلية للمهاجرين في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي، بحيث نجد العديد من النساء اللواتي تقلدن مناصب حساسة في البرلمانات المحلية والوطنية وحتى في البرلمان الأوروبي، وهذا الوضع يختلف عنه بالنسبة لدولة إسبانيا لأن المرأة هناك لازالت تدخل العمل السياسي من بابه الواسع وهذا راجع إلى أن هجرة النساء المغربيات إلى إسبانيا مازالت حديثة العهد. وركز ابن مخلوف على التأطير الثقافي واعتبره مسألة جد هامة مشيرا إلى أن مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج تستند إلى برنامج يتوخى تعليم لغة وثقافة الوطن الأم، واعترف بنجاح هذا البرنامج لكن المؤسسة لا تمتلك الإمكانيات الكافية لتطبيقه في إيطاليا وإسبانيا ولأن المسألة لابد لها من إطار اتفاقية بين الدول. وقال إن مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ترمي من خلال عملها إلى جانب المؤسسات الأخرى التي تعمل في قضايا الهجرة على تقريب وجهات النظر. وللإشارة فالملتقى الدولي الأول حول الهجرة النسائية المغربية افتتح بكلمات وحضور ممثلي مجموعة من الهيئات والمؤسسات المهتمة بقضايا الهجرة، ونظم هذا الملتقى بدعم من البرنامج الإسباني الجامعي المغربي، وزارة الثقافة الإسبانية وبشراكة مع مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالجالية المقيمة بالخارج، مجلس الجالية المغربية في الخارج، المنظمتين الإيطاليتين «اوزفيك» و«ملال» و«الجمعية الوطنية للهجرة، التنمية، الحق والكرامة». وعزا المشاركون غياب المرأة كموضوع للدراسة في آداب الهجرة، على الخصوص، إلى كون حركات الهجرة الأولى كانت رجالية، وأن هجرة النساء التي صاحبت ذلك كانت تدخل في إطار التجمع العائلي فقط. ويسعى هذا الملتقى، حسب المنظمين، إلى المساهمة في التعريف وتشخيص أسباب الهجرة النسائية المغربية، ومساراتها ومشاريعها وواقعها الجديد في مجتمع الاستقبال. وفي كلمة بالمناسبة، أكد الوزير المنتدب لدى الوزير الاول المكلف بالجالية المغاربية المقيمة بالخارج محمد عامر، أن الوزارة تسهر على إدماج مقاربة النوع في بلورة مختلف السياسات القطاعية الموجهة إلى الجالية المغربية في الخارج وفي برامج الشراكة الدولية الموقعة مع بلدان الاستقبال. وذكر في هذا السياق، بأن الوزارة قامت ببلورة مخطط وطني خماسي2008 -2012 للنهوض بأوضاع وشؤون المغاربة المقيمين بالخارج، والرامي على الخصوص، إلى تحسين الأوضاع القانونية والسوسيو اقتصادية للمرأة المغربية المهاجرة سواء على مستوى بلدان المهجر أو داخل موطنها الأصلي. وأكد أن النساء المغربيات المقيمات بالخارج، الذي يشكل وجودهن50 في المائة من التركيبة الديمغرافية للجاليات المغربية بالخارج، يواجهن مشاكل قانونية جديدة وتصاعد حدة التعقيدات المرتبطة بتنازع القوانين المنظمة للعلاقات الأسرية. وأضاف، في ذات السياق، أن هذا التواجد طرح صعوبات من نوع جديد لها علاقة بصعوبة التأقلم السوسيوثقافي وتأثيراته، يضاف إلى ذلك وضعية الهشاشة التي توجد فيها العاملات