أحاديث المجالس المنتخبة بالدارالبيضاء، تناقش نقطة واحدة هذه الأيام، وهي مشروع التنمية بالعاصمة الاقتصادية! شيء محمود أن نناقش تنمية المنطقة التي نعيش فيها، لكن أعتقد أن النقاش في هذا الموضوع قد طال كثيرا، حتى أن عمره فاق العشرين سنة دون أن يحدث أي جديد في حياة الساكنة... في كل مرة يطلع علينا مسؤول من المسؤولين ليبشرنا بأن الدارالبيضاء سيصلح حالها في سنة 2016 أو 2018، أو يخبرنا بأن المشروع الفلاني ستنطلق أشغاله في سنة 2020، وبأننا سنعيش في مدينة «أنيقة» تشبه باقي مدن العالم، ولكن الى غاية سنة 2030، ويسترسل آخر بأن البطالة سيبدأ امتصاصها مع انتهاء المشاريع المقبلة التي ستحدث في سنة 2024... بمعنى أن حياة البيضاويين/ المواطنين الآن مؤجلة، في انتظار الجيل المهيأ بيولوجيا في السنوات التي يذكرونها. وللتوضيح أكثر، فإن الإنسان البيضاوي الحالي لن تطأ قدمه وسيلة النقل التي ستحدث في 2020 ولن يرتشف القهوة في مشروع لامارينا ولن يتجول في شارع محمد الخامس بكل اطمئنان، ولن يركب حافلة ذات جودة في الخدمات، والشاب العاطل الآن عليه مراقبة المشاريع المستقبلية ليشتغل فيها شباب آخر في العشرية القادمة. كل ما على الساكن البيضاوي الآن، هو استلال سيفه الوهمي يومياً ليحارب الحفر المنتشرة ويراوغ المتسولين المنتشرين في كل الشوارع، وينتظر الحافلة لمدة ساعة ومايزيد، مع الدعاء أن لا يحصل لها عطب، وأن يبحث عن دواء «لانسولين» لدى المحسنين، وأن يواجه الأتربة والأزبال المؤثثة لأحيائه، وأن يتجول في الشوارع التي لا تحمل أي تشوير، وأن يصبر على الأعطاب الحاصلة في الإشارات الضوئية... أي عليه أن يناضل صبراً من أجل حياة الآخرين المستقبلية!! كلنا نسعد حينما نسمع بمشاريع مستقبلية ولا يمكن إلا أن نساهم في إنجاحها، لكن بالموازاة مع ذلك، يجب نهج سياسة القرب والاهتمام بالهموم الآنية واليومية للساكنة في أفق مستقبل واعد، لا أن نؤجل حياة الناس إلى مواعيد قد تنجز فيها المشاريع/ الأحلام وقد لا تنجز، بفعل أولويات طارئة، كما حصل في العديد من المخططات التنموية، لتظل الحياة مؤجلة.