حراسة أمنية مشددة وطوق من رجال الأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة يحيطون بالموكب الملكي، أصبحوا جدارا مانعا لرسائل استعطاف الملك، غير أنه ليس في كل مرة تسلم الجرة. قبل أربع سنوات استطاع شاب أن يتجاوز كل أشكال الحراسة المضروبة على الإقامة الملكية بعين الذئاب بالدار البيضاء ويتسلل قافزا على أحد أسوارها ليجد نفسه أمام الملك محمد السادس ويضع رسالة استعطاف في يد المرسل إليه دون وسائط. الحيل لا تغلب، وكلما اشتد طوق الأمن وضاق الخناق كانت الحاجة أم الاختراع، ليجد الملك نفسه في أكثر من مناسبة وجها لوجه أمام متسلل استطاع تمويه الحراس.. بين من يعتمد على حيل فردية ويسأل حظا يقتاده إلى ملاقاة ملك البلاد، وبين من ينسق في إطار شبكة محكمة التنظيم من مصادر معلومات لملاحقة الموكب الملكي وتصيده في المناسبات الرسمية وغير الرسمية، وهو ما كشفت عنه تحقيقات توصلت قبل سنتين إلى فك رموز شبكة تستطيع أن تقتفي أثر عاهل البلاد وتتصيد فرص لقائه وطلب إكرامية.. وأظهرت الأبحاث التي وقفت عليها الشرطة أن عددا من "السمايرية" يستغلون شبكة علاقات مع مسؤولين يمدونهم بمسارات تحرك الموكب الملكي، قصد اعتراضه وتقديم طلبات المساعدة وطلبات الحصول على مأذونيات نقل، لكن الأمن وقف من خلال التحقيقات مع موقوفين على شبكات متشعبة لاقتسام المعلومة الخاصة بتحرك الموكب الملكي. ولعل أبرز هذه القضايا تواطؤ اثنين من كبار الضباط في هذا الملف وتعرضهما للمحاكمة. ففي العام 2011، تابعت المحكمة العسكرية ضابطا برتبة كولونيل رفقة جندي عسكري وعنصر تابع للأمن الوطني. وأثبتت الأبحاث أن الضابط والعسكري اللذين ينتميان إلى وحدات القوات الملكية الجوية والشرطي الذي مثل أمام المحاكم المدنية، فضلا عن وسيط رابع، كانوا يستغلون معطيات التحركات الملكية، التي حازوها في إطار عملهم ومهامهم، وقدموها لشبكات منظمة تستغل هذه المعطيات لاعتراض سبيل الموكب الملكي قصد تقديم طلبات الاستفادة من مأذونيات للنقل. وتوبع الضابط العسكري إلى جانب "معاونيه" بتهمة "تكوين عصابة إجرامية من أجل النصب والاحتيال، وإفشاء أسرار مهنية والارتشاء واستغلال النفوذ ومخالفة ضوابط عسكرية". وقضت المحكمة العسكرية بإدانة الضابط العسكري في سلاح الجو بسبع سنوات نافدة، وأدانت المحكمة العسكري والوسيط بأربع سنوات نافذة لكل منهما، وأحيل ملف الشرطي على القضاء المدني بحكم طبيعته المهنية. سنتين بعد ذلك وفي العام 2013، شهدت المحكمة العسكرية محاكمة مشابهة للأولى، إذ توبع ضابط عسكري برتبة "كومندار"، كان يعمل ضمن الموكب المرافق للملك محمد السادس، بتهم إفشاء سر الزيارات الملكية ومخالفة الضوابط العسكرية. وكان "الكومندار" يقدم معطيات تحرك الموكب الملكي في الزيارات الرسمية لمجموعة أطلق عليها آنذاك شبكة "الكريمات"، كانت تترصد الموكب الملكي في تحركاته نحو أمكنة التدشينات ومسار العودة منها وتقدم للملك محمد السادس طلبات للحصول على مأدونيات للنقل، باستغلال أشخاص يتم وضعهم في الصفوف الأمامية للمجموعات التي يتقدم الملك للسلام عليها، ويقدمون طلبات استعطاف لهم ولأشخاص آخرين لعاهل البلاد. وأدانت المحكمة "الكومندار" بالتهم المنسوبة إليه، فيما قضت بخصوص المجموعة التي كان يتعامل معها بالحبس ثلاث سنوات في حق مفتش أمن ممتاز كان يشتغل بالموكب الملكي، وكان وسيطا للإخبار بمواعيد الزيارات الملكية، وقضت بحبس ضابط في القوات المساعدة كان يعمل بديوان وزير الداخلية، حيث كان مكلفا بنسخ مأدونيات النقل التي يتم التأشير عليها. الحدود