أرخى الخصاص المادي بظلاله و بشكل قوي على واقع و مستقبل رياضة الريكبي بوجدة هذا الموسم، كان من نتائجه أن قرر فريق الإتحاد الرياضي المحلي تجميد نشاط الفريق الأول في الريكبي 15، و اقتصار مشاركته على الريكبي السباعي و الفئات الصغرى و كأس العرش، بينما قاطع اللاعبون الأساسيون لفريق المولودية اللعب للفريق، ما لم يتم الاستجابة لمطالبهم المادية. و عن دواعي تجميد مشاركة كبار فريق الإتحاد الرياضي الوجدي في الريكبي 15، قال محمد عسو الكاتب العام للفريق في تصريح خص به " الحدود المغربية" " هناك دافعان و راء هذا القرار، الدافع الأول يكمن بالأساس في ضعف الإمكانيات المادية، ثم من جهة ثانية افتقار للفريق لتركيبة بشرية متكاملة، و التي بإمكانها المنافسة على ألقاب هذا الموسم، في ظل غياب تكافئ الفرص مع أندية وطنية أخرى، تتوفر على موارد مالية مهمة، ما جعلها تستقطب أحسن العناصر على المستوى الوطني، و ما يؤهلها بالتالي لحصد كل الألقاب." و أضاف ذات المسؤول " بالمقابل ستقتصر مشاركتنا على الفئات الصغرى، بما فيها فئة الشباب في الريكبي 15، و منافسات كأس العرش، ثم الاهتمام بمجال التكوين، إذ يتلقى مؤطرو جميع فئات النادي تكوينا بشكل شبه يومي، يشرف عليه مسؤولون تقنيون من النادي نفسه". و كشف عراد بوزيان لاعب الإتحاد الوجدي عن واقع مأسوي يعيشه لاعبو رياضة الريكبي بوجدة، حيث لا وجود لأجور شهرية، و لا تحفيزات ، و لامنح الفوز في المباريات و أو بالألقاب، فضلا عن ظروف التنقل الصعبة و الشاقة طيلة الموسم الرياضي. و أسف اللاعب الوجدي لقرار مكتب الفريق في تجميد مشاركة الفريق الأول في الريكبي15، معتبرا حظوظ الفريق ضعيفة جدا في المنافسة على لقب بطولة الريكبي السباعي، بفعل قلة المنافسات بالنسبة للاعبين الوجديين، مقارنة مع المنافسين المشاركين في الريكبي 15، فضلا عن احتمال إقصاء الفريق في الدور الأول من منافسة كأس العرش ". و عن موقفهم كلاعبين من المشاركة في ظل غياب أدنى حقوقهم المشروعة، تابع اللاعب الوجدي " تعودنا على مثل هذه الظروف، فرياضة الريكبي لا يمارسها إلا من يحبها، و مع ذلك كنا نرغب في المشاركة في منافسة الريكبي 15، بالرغم من شعورنا بالحيف و الإحباط، حين نقارن حالنا مثلا، بلاعبي الفتح الرباطي الذين يعيشون أوضاعا مادية شبيهة بمثيلاتها عند لاعبي كرة القدم". و بخصوص تعليقه على مبرارات مسؤولي الفريق، بغياب موارد مالية كافية، قال الدولي السابق " نحن نتفهم هذا المعطى، لكننا دائما نقول، إنه من عجز عن تدبير شؤون فريق المادية و الإدارية، عليه الانسحاب و ترك المجال لمن هو قادر على تحمل مسؤوليته كاملة". و يعيش الفريق الثاني بمدينة وجدة المولودية، فصلا آخر من المعاناة، لكن بسيناريو مقلوب عن جاره الإتحاد المحلي، فالفريق حافظ على سيره العادي في مختلف المنافسات الوطنية، لكن إضراب لاعبيه الأساسيين و الدوليين، و البالغ عددهم عدد فريق بكامله في مباراة الريكبي، بات يشوش على مستقبل الفريق. و يربط اللاعبون 15: هنوف، و محمد حجاجي، و توفيق قاري، و عمر حجاجي، و أحمد العاقل، و خالد حتيكي، و ميمون بن أحمد، و محمد عزيزي، و عبد المجيد ميمي، و رشيد حاجي، و عادل حدوش، و عبد الوهاب حجي، و محمد قلوش، و ياسين الداسولي عودتهم لمجاورة فريقهم الأم، بتوفير مسؤولي الفريق لمجموعة من مطالبهم، منها التوصل بمنح الفوز في المباريات و التي حددوها في مبلغ 300 درهم عن كل مباراة، و أجور شهرية، و تحسين ظروف التنقل نحو باقي المدن المغربية، و توفير التغطية الصحية. و عبر هشام أوباجا الكاتب العام للمولودية في تصريح ل " الحدود المغربية " عن تفهم مكتب الفريق ظروف و مطالب اللاعبين المضربين " بعد توصلنا بموقف اللاعبين المضربين و الإطلاع على مطالبهم التي تبقى مشروعة و معقولة، اجتمع المكتب المسير للفريق لدراسة هذه الوضعية الطارئة، و بعد دراسة موضوعية و دقيقة، و صلنا إلى نتيجة، وهي أن مطالب لاعبينا تعادل مجموع الميزانية السنوية للفريق و التي تقدر ب 30 مليون سنتيم، في حين نحن ملزمين بنفقات أخرى، تخص الفئات الصغرى و منافسات كأس العرش و غيرها ، ما ستجعلنا أمام ضائقة مالية خانقة، و عجز مادي مهول، ينضاف إلى ذلك الذي نسجله في الأحوال العادية في كل موسم" ، و أمام هذه الوضعية، لم يكن من جواب مكتب الفريق يضيف أوباجا سوى " التعبير عن الأسى و الأسف لعجز مسؤولي الفريق عن تلبية هذه الحقوق، بل أكثر من ذلك، عبرنا لهم عن تضامننا المطلق معهم، وهم الذين قدموا إنجازات كبيرة للريكبي المحلي و الوطني، دون أن يجدوا من يكافئهم على ذلك، في وقت تنعم فيه رياضات أخرى بالعطاء الجزيل، و لم تخلف وراءها بالمقابل سوى الخيبات و الانكسارات". وواصل المسؤول الوجدي حديثه " لم نجد من خيار سوى تقدير موقف هؤلاء اللاعبين، و تعويض الخصاص البشري على مستوى فئة الكبار بلاعبين شباب، مع ترك الباب مفتوحا في وجه اللاعبين المضربين للعودة إلى أحضان فريقهم الأم متى شاؤوا، لأننا مهما يكن لا ننكر جميل أفضالهم على الفريق و لا نبخس تضحياتهم السابقة من أجل تشريف الفريق و المدينة بأكملها". واقع بئيس إذا، تعيشه رياضة الريكبي بمدينة وجدة، مهد هذه الرياضة على الصعيد الوطني، و التي تبقى الرياضة الوحيدة التي حافظت على تألقها على مر السنين بعاصمة المغرب الشرقي، متحدية عواتي الزمن و تقلبات الدهر، حتى بات من غير المقبول عند أبناء مدينة الألف سنة، أن تخلف هذه الرياضة موعدها مع الألقاب، و من غير المعقول أيضا أن يغيب ممثلا وجدة عن البطولة الوطنية، مهما كانت الظروف و الأحوال، و إلا أصبحت الأخيرة بلا طعم إن لم نقل إن صح التعبير شبيهة ب " طعام بلا بملح". و من غريب الصدف، أن تطفو هذه المشاكل على واقع الريكبي بوجدة، و الأخيرة مقبلة على افتتاح الملعب البلدي (الروك)، التي تشرف عملية تجديده على نهايتها في غضون الأيام القليلة القادمة، و الذي يعد تحفة رياضية رائعة للعبة الريكبي لا مثيل لها على المستوى الوطني.