حدد الأستاذ عبد الحفيظ شافي، منسق «ماستر» الإيكولوجيا بكلية العلوم بوجدة، أربع نقط يتعين على الحكومات الاتفاق بشأنها لإنجاح قمة كوبنهاغن. وفند شافي القول المتحور حول أن المغرب والبلدان الفقيرة ليسوا في حاجة إلى وعي بيئى مقارنة مع أولويات اقتصادية واجتماعية أخرى * تحتضن كوبنهاجن خلال الفترة 7/18 ديسمبر 2009 مؤتمر الأممالمتحدة للتغير المناخى على مستوى رؤساء الدول، ما هي برأيك الملفات المطروحة ذات الأولوية على المستوى البيئي في هذا المؤتمر؟ ** الهدف من محادثات قمة كوبنهاكن هو ضمان ألا ترتفع معدلات الحرارة العالمية بأكثر من درجتين مئويتين، لأن ذلك هو الحد الأدنى، حسب علماء هيئة مابين الحكومات (فرع من لجان الأممالمتحدة) بشأن التغيير المناخي، وإذا تجاوزه فمن المحتمل أن يصبح التغيير المناخي كارثيا. ومن أجل البقاء في الحد الأدنى ينبغي على الحكومات الاتفاق على أربع نقاط : 1 يجب أن تضع البلدان الصناعية أهدافا لتخفيف الإنبعاثات في الآجال المحددة عموما عام 2020. 2 التزام الإقتصادات الناشئة باتخاذ إجراءات معينة للحد من نمو انبعاثاتها. 3 يجب انجاز بنى مالية تضمن تدفق الأموال من البلدان الغنية إلى البلدان الفقيرة ألمساعدتها على كبح انبعاثاتها والتكيف مع آثار الاحتباس الحراري. 4 تشكيل مؤسسات للإشراف على حوكمة هذه الالتزامات ثم إحراز التقدم بشأن جميع هذه المجالات. * كثر الحديث منذ سنوات عن التغيرات المناخية في العالم وتأثيرها على البيئة، ترى ما هي تأثيرات ذلك على المغرب؟ ** اقتصاد المغرب يعتمد إلى حد كبير على رأسمال يتكون من موارد الأرض والبحر، التي ما فتئت تتدهور بسبب تنامي حاجيات السكان واستغلالهم المفرط للأراضي والغابات وموارد المياه ومنتجات البحر التي أصبحت تواجهها تحديات المناخ منذ الثلاثين سنة الأخيرة، فارتفاع متوسط درجة الحرارة السنوي بحوالي درجة مئوية واحدة بتراجع حجم التساقطات المطرية بحوالي 4 في المائة سنويا وتزايد وتيرة فترات الجفاف وحدتها في جنوب وشرق المغرب مما يتسبب في انخفاض مستويات الفرشة المائية الجوفية وملوحتها وتدهور جودة المياه وبالتالي تقلص مدة الدورة الحياتية للمزروعات وانخفاض النشاط الفلاحي وتعرض الأراضي لمختلف عوامل التعرية. وهي عوامل لها آثار اجتماعية واقتصادية بالنسبة لمستوى معيشة السكان تتجلى نتائجها في الهجرة القروية المرتبطة بسنوات الجفاف * البعض يقول إن ملف التنمية الاقتصادية والاجتماعية هو أهم من ملفات البيئة في الظرف الراهن. هل تشاطرهم الرأي؟ ** لا يمكن فصل الانشغالات البيئية عن الرهانات الاقتصادية والاستثمارية والإحتماعية، بل لقد أصبحت البيئة معطى إيجابي للتنمية المندمجة والمستدامة، تمكن من خلق أنشطة مذرة للدخل وتخلق فرص الشغل. * ما هو تقييمك للوضع البيئي في المغرب؟ ** يواجه المغرب منذ مطلع القرن الواحد والعشرين مشاكل معقدة على مستوى البيئة والتنمية، فموارده الطبيعية الترابية والمائية والبحرية تتهددها أخطار متزايدة، ذلك لأن التوجهات الحالية لاستغلال الموارد المائية والغابوية تتجاوز بشكل كبير القدرات الطبيعية لهذه الموارد على التجدد، فالفلاحة غير الملائمة تؤدي إلى تدمير مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية بكيفية لا رجعة فيها، كما تعاني المجالات السياحية من سياحة مكثفة لا تولي أي احترام للبيئة وتؤدي إلى الأضرار بمواقع بيولوجية تكتسي أهمية بالغة، وفي الحواضر تتواصل المناطق الصناعية نوها مع وجود خصاص بارز في مجال التطهير ومعالجة المياه المستعملة، مما يحول هذه الفضاءات إلى نقط سوداء على المستوى البيئي و الصحي. * سعت قمة ريو ديجانيرو إلى دق ناقوس الخطر الذي يهدد الكرة الرضية بسبب وجود خطر حقيقي يرتبط بارتفاع استهلاك الفحم والنفط والغاز الطبيعي، ألا تعتقد بأن هذه الأخطار البيئية لا تسري على البلدان العربية و بخاصة المغرب الذي لا يعتبر بلدا صناعيا؟ ** فعلا، إن إنتاج واستخدام الطاقة هما المصدران الرئيسيان للغازات الدفينة التي تلفظها البشرية، فاحتراق الفحم والنفط والغاز الطبيعي مسؤول عن زهاء 80 في المائة من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، هذا إلى جانب عملية استخلاص واستخدام الوقود الأحفوري الذي يتسبب في لفظ الميثان و كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون,,, فالقطاع الصناعي مسؤول عن 43 في المائة من عملية التلوث، والزراعة 4 في المائة,,, وبناء على هذه المعطيات يتضح أنه لا يمكن اعتبار حماية البيئة من الغازات الدفينة مسألة مقتصرة على الدول الغنية والصناعية دون الدول السائرة في طريق النمو، وهذا لعمري ما خلصت إليه قمة الأرض المنعقدة في ريوديجانيرو التي تبنت تصورا جديدا معترفا به عالميا ويتعلق الأمر بالتنمية المستدامة ومسايرة للإدارة الدولية لحماية البيئة، وتطبيقا للمذكرة 21 اعتمد المغرب إستراتيجية جديدة أكثر دينامكية أخذت بعين الاعتبار الانشغالات الدولية الجديدة في إطارنظرة عامة على المدى المتوسط والطويل تضمن للبلاد تنمية مستدامة، فالمغرب كسائر الدول النامية يعاني من اختلالات بيئية كزحف الرمال والتعرية الريحية الناتجة عن التقلبات المناخية والاستغلال المفرط للثروات الطبيعية، هذا إلى جانب التلوث الناتج عن المقذوفات الصناعية بالبحار وكذا الإنبعاثات الغازية من المعامل الكيماوية التي تعد من أكثر الإختلالات البيئية خطورة في المغرب، وكذا المتلوثات الناجمة عم قطاع الصناعة في المغرب، ذلك لأن الصناعات المغربية ترمي سنويا ما يناهز 964 مليون متر مكعب من المياه المحملة بالرواسب أي ما يمثل 89 في المائة من الحجم الإجمالي للمياه المستعملة. * ألا ترى بأن الإتفاقيات البيئية التي خلصت إليها قمة ديجانيرو، والخلاصات التي ستنتهي إليها قمة كوبنهاجن، تخص بالدرجة الأولى الدول الصناعية، ولا تخص دولة كالمغرب الذي يعاني من شبه انعدام التصنيع في نسيجه الإقتصادي وبالتالي لا يمكنها أي الإتفاقيات البيئية، أن تكون بديلا عن ملفات الفقر والبطالة والهاشاشة؟ ** ثمة علاقة مزدوجه ما بين الفقر والبيئة وهذا ما أكده العديد من الخبراء في المجال البيئي ذلك لأن الفقر هو أحد مسببات التدهور البيئي لأن احتياجات الفقراء وظروف عيشهم تضطرهم في الكثير من الأحيان للقيام بممارسات وسلوكات مدمرة للبيئة، مثل قطع الأشجار والصيد والرعي وتلويث المياه. إن الأولويات التي تحكم نظرة الفقراء إلى البيئة هي أولويات تأمين الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس ومشرب ومأوى وتعليم. وهناك، أيضا، علاقة مباشرة بين الفقر وظاهرة التصحر التي تهدد نوعية التربة والأراضي في ثلث مساحة اليابسة في العالم. فالتحول الذي تشهده البيئة وموجات الجفاف المرافقة يقودان إلى تصحر الأراضي الزراعية وزيادة فقر الدول النامية. فتصحر الأراضي الزراعية يلحق الضرر ب 250 مليون إنسان ويهدد كيان مليار إنسان في الدول الفقيرة. حاوره :عبد المجيد بن الطاهر http://www.alwatan-press.info/def.asp?codelangue=23&id_info=4765&date_ar=2009-12-13 13:10:00