حتى قبل بضع سنوات قليلة مضت، كانت المجتمعات المخملية، بما تضمه من ساسة وفنانين ومشاهير، تحرص على اخفاء الجوانب الشخصية من حياتها، كي تظل صورتها التي تظهر بها أمام الرأي العام مثالية وبراقة. وحتى وقت قريب جداً، كان المجتمع الفني بمنأى عن عيون المراقبين، ربما لأن يومهم أصلاً يبدأ ليلاً والناس نيام حتى تبقى تصرفاتهم طي الكتمان، وربما لارتباط بعضهم بدوائر وعلاقات مع شخصيات نافذة لأسباب مختلفة، فلم يكن معلوماً عنهم الا أقل القليل.. فالغالبية منهم يعمدون الى تجاهل ماضيهم، ويخفون حاضرهم، ويتكتمون على ما يخططون له مستقبلاً حتى يسهل تغييره أو التلاعب ببعض مفرداته. «القبس» تفتح «الصندوق الأسود» لبعض مشاهير الوسط الفني، بما يحويه من علاقات وأسرار، ليس بهدف البحث عن فضائحهم، بقدر ما هو كشف حساب قد يبرئ هؤلاء، أو يدين تصرفاتهم التي تخلو في بعض الأحيان من الحكمة والكياسة، وضعف نفوسهم أمام النزوات. في مقال نادر كتبت غادة عادل من لندن، حيث اعتادت قضاء رأس السنة مع أولادها وزوجها، لجريدة «الدستور» المصرية، التي كانت على رأس الصحف المعارضة للرئيس مبارك في يناير 2010، عن أحلامها وطفولتها، فقالت: «كنت طفلة مخلصة قوي لأحلامي، وكل حلم عندي لازم ياخد وقته وحقه. يعني أنا مثلا: عشت كام سنة وجوايا حلم إني أكون مُدرسة. أخرج من بيتي كل يوم وفي إيدي شنطة زي بتاعة «الميس» اللي في الفصل عندنا. بعدها بوقت طويل، حلمت ان أكون مطربة مشهورة، وطبعا أغني أغاني عاطفية، ويكون ليا معجبين مستنيين الأغاني بتاعتي. وقتها كنت لما أحكي لأخويا خالد عن حلمي ده، ألاقيه هو كمان له أحلامه «الكبيرة» و«المهمة» زي إن بابا يجيب له عربية كبيرة بتشتغل بالريموت كنترول! البنت اللي كانت بتحلم تبقى مدرسة وبعدين مغنية، لف الزمن بيها وبقيت ممثلة.. الناس تعرفها». هكذا غادة على الدوام، عفوية وتلقائية، لكنها عنيدة وتسعى وراء أحلامها مثل كل الذين ينتمون إلى برج الجدي، لكنها بالنهاية مَثّلت حالة خاصة في الوصول إلى النجومية، وفي إدارة حياتها الشخصية، من أجل البقاء في الأضواء لأطول فترة ممكنة. غادة عادل عاشت طفولة غير عادية، أمها من اصل سوري. ولدت في مدينة بني غازي الليبية في ديسمبر 1974 بسبب عمل والدها هناك، وتنقلت في الإجازات ما بين القاهرة وبني غازي، وفي الرابعة من عمرها توفيت والدتها، ولم يلبث الأب أن تزوج من أخرى، وهي التي قامت بتربيتها. وفي بداية التسعينات انتهى عمل الأب في ليبيا فعادوا إلى القاهرة لتبدأ حياة جديدة وهي في مقتبل الشباب، فلم تكن تجاوزت العشرين من عمرها. سر شمس البارودي أحد أسرار غادة والذي كان لا يعرفه سوى المقربين جداً منها، أن خالتها، شقيقة والدتها الراحلة، هي الفنانة المعتزلة شمس البارودي، وعندما توفيت والدتها كانت شمس البارودي في أوج نجوميتها، وأخذت تتابع تربية غادة عن كثب، سواء عبر الهاتف أو في الإجازات، وبعد اعتزالها الفن في عام 1985 زاد اهتمام شمس بغادة. وبسبب حب غادة لشمس تعلقت بالفن. تالياً قررت غادة العمل في الإعلانات التجارية كموديل فلم تعترض شمس البارودي، وإنما نصحتها بالحرص. لكن المهم في هذه العلاقة أن غادة احترمت خالتها طيلة سنوات صعودها وحتى نجوميتها، فلم تشر لعلاقتها بها ولم تتحدث عنها، ولم تستغل اسمها من أجل الشهرة. واضطرت بعد 11 سنة من عملها في الفن إلى الحديث عن شمس البارودي، وكشف سرها، بعدما سرت إشاعة أن غادة في طريقها لاعتزال الفن، على خلفية مشاهدتها لأكثر من مرة تتردد على منزل شمس البارودي، متأثرة بوفاة والدها في أحد مستشفيات القاهرة. رحيل السند كانت وفاة والد غادة المهندس عادل إبراهيم فرج صدقي في أغسطس 2008، أقسى لحظات عمرها الأليمة. فقد تعلقت منذ الطفولة بوالدها، وكان يعني لها كل شيء، وهي بالنسبة إلى والدها، كما يقول أشقاؤها، كانت «دلوعته»، ولم تكن تقدم على شيء في حياتها إلا بعد استشارته. وعندما دخل المستشفى في مرضه الأخير متأثراً بمشاكل في القلب، لم تتركه لحظة. وعندما رحل وقفت بنفسها تتلقى العزاء داخل مسجد الحامدية الشاذلية في المهندسين. وجلست غادة عادل طوال العزاء في حالة صمت تام، تبكي وتقرأ القرآن وتسلم على من يأتي لمواساتها من دون أن تنطق بحرف واحد، وبدت مقبلة على أزمة نفسية سيئة. وفي هذه اللحظات الصعبة شاهدها البعض تتردد على بيت خالتها شمس، فسرت إشاعة اعتزالها، فاضطرت لأن تفصح عن السر. والغريب أن هناك ممثلة أخرى من العائلة، وهي ابنة خالها ريم البارودي، وهي الأخرى لا تتحدث عن شمس البارودي. وتالياً سيفشل الجميع في جر غادة للحديث بتوسع عن علاقتها بشمس البارودي، ناصحة الجميع باحترام خصوصيتها، قائلة: «إذا كانت هي ترفض الحديث منذ اعتزالها الفن فكيف اسمح لنفسي بالحديث عنها؟!». زواج تقليدي عقب عدد من الإعلانات التجارية عرضت على التلفزيون المصري، ارتبطت غادة عادل، قبل أن يعرفها أحد، بالمخرج مجدي الهواري. عاشا قصة حب، فارق السن بينهما لا يذكر، أربع سنوات فقط. في البداية، هي حالمة بالفن وقادمة من الغربة، وهو عاشق للإخراج قادم إلى العاصمة من محافظة قنا بصعيد مصر. تخرج في المعهد العالي للتكنولوجيا، ودرس الإخراج، وبدأ يبحث عن تجربته الأولى. وفيما ظهرت بكليب أغنية «تخسري» مع المطرب هاني شاكر في 1997 الذي كان يتصدر عالم الطرب وقتها، وبدأ يلتفت إليها الجمهور، كانا يتزوجان بشكل تقليدي في أحد فنادق القاهرة، بعد مباركة والدها. بدا الزواج بوابة السعد بالنسبة إليها، أو بطاقة الفأل الحسن. فلم تمر أيام حتى كانت تشارك في بطولة فوازير «أبيض وأسود» بالتلفزيون المصري، وتشارك في بطولة مسلسل «زيزينا» الجزء الأول. وفي العام التالي 1998 كانت تشارك بدور عمرها، والنقلة التي صعدت بجيل كامل للسينما، في فيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية».، ثم تتالت أعمالها كنجمة. وفي المقابل، أخذ مجدي الهواري يتنفس الصعداء كمخرج ومنتج عبر فيلم «55 أسعاف» في 2001، الذي جمع بين غادة وأحمد حلمي ومحمد سعد في عمل واحد. وعلى الرغم من عدم نجاح الفيلم بالشكل المتوقع، لكنه كان إعلانا عن تواجده بالساحة. إجازة فنية عقب هذا الفيلم توقفت غادة عن العمل لثلاثة أعوام متتالية، لم تظهر في السينما أو التلفزيون، الأمر جاء للتفرغ لتربية ابنائها الذين توالوا واحتاجوا منها لبعض التفرغ، فأنجبت: محمد، وحمزة، ومريم، وعبد الله، وعز الدين.. وهم من غيروا حياتها على الإطلاق، جعلوها تودع حياة الفتاة المُنطلقة، إلى حياة الأم الملتزمة. نزوات الزوج صارت حياة غادة عادل نموذجية باستثناء وعكاتها الصحية، التي توجت بإصابتها بحساسية في التنفس، مما جعلها تحتفظ بدواء دائم في حقيبتها لإنقاذها من النوبات التي تتعرض لها من آن لآخر. لكن في قمة نجاحها عام 2006 وقع ما لم تتوقعه. كانت مشغولة بتصوير فيلم «جعلتني مجرماً» مع أحمد حلمي، وكان زوجها الهواري يصور فيلمه «العيال هربت» لحمادة هلال، وشاعت في الوسط قصة غرام بين الهواري والوجه الجديد وقتها نرمين ماهر. لم تصدق غادة.. وقررت مفاجأته في استراحة التصوير، فوجدته مع الممثلة الشابة في غرفته في أحد الفنادق، وفق ما روى المتواجدون.. ونشبت معركة بالأيدي بين غادة ومجدي، وفاصل من الشتائم. انتظر الوسط الفني نبأ انفصالهما، لكن والدها والمقربين تدخلوا، واعتذر مجدي عن النزوة، وقررا مواصلة الحياة. الزوجة الرابعة الأمر تكرر في عام 2012، ففي مايو الساخن كان يصور مجدي الهواري مسلسل «الزوجة الرابعة»، فجأة اقتحمت غادة موقع التصوير، وانفجرت في وجه زوجها بوصلة من السباب والإهانة وسط حالة من الذهول انتابت جميع العاملين، لم يستطع الهواري السيطرة على انفعاله وكاد أن يصفعها على وجهها. فاتجهت مسرعة الى سيارتها منهارة في بكاء هستيري، فأسرع وراءها، وجلس إلى جوارها داخل السيارة وأغلقها من الداخل، وفاجأها بوصلة جديدة من الشتائم، مما اضطر مصطفى شعبان لكسر زجاج السيارة وإخراجهما منها حتى لا تقع كارثة. المشكلة هذه المرة كانت أكبر، لكن للمرة ثانية تدخل الأصدقاء وأصلحا بينهما، بعد اتفاقهما على عدم تدخل أحد منهما في عمل الآخر، ولا في اتفاقاته المالية. وتحمل الهواري تكاليف رحلة سفرهما وأولادهما إلى باريس لقضاء أعياد الميلاد، ولترضيتها. أزمة السيارات الدبلوماسية في عام 2009، اخترقت سياج حياتها الخاصة أزمة السيارات الدبلوماسية التي كانت حديث مصر، ما بين النميمة والوقائع، عن اختلاط السياسة بالشهرة والثروة. راجت في القاهرة وقتها ظاهرة تداول سيارات الهيئة السياسية بين النجوم. وعندما تحدث الإعلامي مفيد فوزي مع زميله عمرو أديب في برنامج «القاهرة اليوم» على قناة الأوربت، عن حقيقة تهرب بعض الفنانين من دفع جمارك سياراتهم بالتحايل والاتفاق مع بعض السفارات الأفريقية على دخول هذه السيارات حاملة لوحات «هيئة سياسية» حتى يتم إعفاؤها من الضرائب مقابل مبالغ زهيدة، وطرح اسم المطربة آمال ماهر والفنانة غادة عادل. اتصلت غادة بالبرنامج، وأقسمت بالله وبأولادها أكثر من مرة، بأنها لم تمتلك لا هي ولا أحد من أقاربها أو أصدقائها سيارة بهذه الطريقة، واتهمت الصحافة بتشويه صورتها أمام جمهورها، وقال أديب إنه مقتنع بكل كلمة قالتها غادة، وانه يثق بأنها لن تقسم بحياة أبنائها كذبا! لكن النجمة أقسمت كذباً. في اليوم التالي أعلن البرنامج عن تلقيه ردا من وزارة الخارجية، التي أرسلت مستندات تثبت صحة الواقعة التي نفتها غادة، خاصة أن «الخارجية» هي الجهة صاحبة قرار مصادرة السيارات ومطالبة السفارات التي تنازلت عن هذا الحق بدفع رسوم الجمارك. وكشف البرنامج عن صور ضوئية للمحاضر التي تضمنت وقائع ضبط الفنانة غادة عادل، وهي تقود سيارة عليها لوحة «هيئة سياسية»، وبالكشف عن صاحبها تبين أنه زوجها المخرج مجدي الهواري، وتمت مصادرة السيارة! وأبدى الإعلامي عمرو أديب أسفه على ما حدث ومن الموقف الحرج الذي أوقعته فيه غادة، بعد أن أعلن للجميع أنه يثق في كل كلمة قالتها.. تضررت غادة بسبب هذه الكذبة أمام جمهورها، وفي عملها الفني في وقت كانت تشهد حراكا سياسيا كبيرا. ولم يكن غريباً أن يترك هذا بصمته على أدائها، فقد فشل جماهيرياً تالياً فيلم «الوتر»، الذي أخرجه وانتجه لها زوجها، رغم إشادة النقاد به. السحر والمشايخ وفي العام نفسه قيل أن الزوجين دخلا أزمة نفسية بسبب هذا الفشل، لكن المؤكد أنهما دخلا في حالة صوفي،. ترددا على الموالد بعد أن قيل لهما أن ما أصابهما نوع من الحسد، وقد يكون له علاقة بالسحر. وعندما شاعت أخبار ما يقومان به للإعلام نفت غادة، لكن ما يعلمه المقربون أنهما لجآ إلى أحد مشايخ الطريقة الحامدية الشاذلية في شبرا، ليحل لهما أزمتهما الفنية، وهو شيخ كان يلجأ له العديد من الساسة بحكومة أحمد نظيف والمشاهير لحل مشاكلهم. وبعدها تحول مجدي الهواري لراعي مولد سيدي سلامة بمنطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، وأكد ابناء المنطقة أنه يقوم بذبح الذبائح وتوزيعها على الفقراء والمساكين في السر. حقيقة مؤهلها التعليمي عقب تنحي مبارك مباشرة في فبراير 2011، دخلت غادة أزمة أخرى تتعلق بمؤهلها التعليمي. فبينما كانت غادة تروج طيلة الوقت منذ ظهورها الفني بأنها درست إدارة الأعمال في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة قار يونس بليبيا، ثارت حملة ضد أشرف زكي، نقيب الممثلين، اتهمته بمحاباة بعض الممثلات، منهن غادة عادل، ومنحهن عضوية النقابة، رغم أنهن لا يحملن سوى شهادة الإعدادية. ووُضعت مصداقية غادة على المحك، فكشفت عن أنها حاصلة على مؤهل فوق المتوسط من الجماهيرية العربية الليبية، من معهد الإعداد الوظيفي – قسم إدارة، وبتقدير جيد والشهادة موثقة. ولم يرض ردها البعض الذين طالبوها باظهار الشهادة، فاستنكرت طلبهم، وانفلتت أعصابها لتقول: إن «نوعية الشهادة التي تحملها سواء كات دكتوراه ولا حتى ابتدائية لن تؤثر على علاقتها بجمهورها». لا كلام في السياسة يلفتك ذكاء غادة الدائم في عدم خلط الفن بالسياسة. فرغم كل ما تعرضت له مصر من 2011 إلى الآن لن تجد لها تصريحاً واحداً حول ما يحدث، تفضل ألا تتكلم عن اتجاهاتها أو رأيها. والأمر يسري على زوجها الهواري. هي ترى أن السياسة تفسد الفن. ورغم تجاهلها لعشرات الأحداث في القاهرة، خرجت عن صمتها لتعلق على ما يحدث في ليبيا في نوفمبر 2011، فأعربت عن أسفها وحزنها لسقوط العديد من القتلى، ونددت بالجرائم التي ارتكبها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في حق شعبه الأعزل. وأكدت غادة أنها كانت تداوم على الاتصال يومياً بصديقاتها في ليبيا من أجل الاطمئنان عليهن أثناء الثورة الليبية، مشيرة إلى أنها كانت تتوقع نجاح الثورة الليبية، وذلك ليقينها وقناعتها بصلابة الإنسان الليبي وقوته.