نشرت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية تقريراً تناولت فيه نبأ ايداع العقيد القذافي بطريقة سرية مبلغ 3 مليارات جنيه استرليني لدى احد مدراء استثمار الثروات الخاصة في حي "ماي فير" الراقي في العاصمة البريطانية الاسبوع الماضي في سعيه، كما قالت الصحيفة، لحماية ثروة عائلته. وقد كشف الغطاء عن تلك العملية في وقت فرضت فيه الولاياتالمتحدة عقوبات على الحكومة الليبية ليل الجمعة - السبت بتوقيع الرئيس الاميركي باراك اوباما امرا تنفيذيا يجمد فيه ممتلكات العقيد القذافي وعائلته وكبار المسؤولين الليبيين، اضافة الى ممتلكات الحكومة الليبية ومصرفها المركزي واموال الثروة السيادية. وقد توسط في صفقة "ماي فير" بالنيابة عن العقيد القذافي وسيط مقيم في سويسرا كان اتصل من قبل بمؤسسة تجارة سندات معروفة في حي "سيتي" للمال والاعمال في لندن قبل خمسة اسابيع بهدف ايداع تلك الاموال. لكن تاجر السندات نصح الوسيط، عندما اكتشف الهوية الحقيقية لمصدر تلك الاموال، بان يتجه الى مكان آخر. وقال الرئيس التنفيذي لتلك المؤسسة لصحيفة "ذي تايمز" انني "رفضت قبول المعاملة لانني شخصيا لم اكن اشعر بالارتياح في التعامل مع طغاة قتلة لطخت الدماء اياديهم". بعد ذلك قام الوسيط بالبحث عن مؤسسة اخرى لايداع تلك الاموال لديها. واكدت مؤسسة "ماي فير" للايداعات انها كانت تخشى ان يكون الزعيم الليبي، الذي امضى نظامه 42 عاما في الحكم اقترب من حافة الانهيار اكثر من أي وقت سابق، قد اختلس سرا تلك الاموال من ابناء الشعب الليبي الثري بالنفط ولكن الفقير ماديا، لايداعها في حسابات خاصة في اماكن متفرقة من العالم. وقامت وزارة المالية البريطاني امس برفع مستوى جهودها للكشف عن ممتلكات العقيد القذافي في لندن وتجميدها، ومن المعتقد انها تشمل حسابات مصرفية بمليارات الدولارات وعددا من العقارات التجارية ومنزلا فاخرا بقيمة 10 ملايين جنيه في لندن. وفي تشرين الاول (اكتوبر) العام 2007 قامت وحدة الكشف عن الممتلكات التابعة لوزارة المالية البريطانية الموكلة بموضوع العقوبات المالية الدولية وادارتها، بالاشراف على هذه الاعمال. وفي الليلة الماضية، اغلق اوباما السفارة الاميركية في ليبيا بعد تجميد الممتلكات الليبية في الولاياتالمتحدة، وقال ان مشروعية العقيد القذافي "لم يعد لها وجود". وقال في بيان انه "بناء عليه فان هذه العقوبات تستهدف حكومة القذافي في ذات الوقت الذي نحمي فيه ممتلكات الشعب الليبي". واضاف ان "حكومة معمر القذافي انتهكت بكل المقاييس القواعد الدولية واللياقة العامة، ويجب محاسبتهم على ذلك". من ناحية اخرى، قالت وزارة المالية الاميركية ان الاجراء سيجمد مبالغ كبيرة من الاموال الليبية ويمنع حكومة القذافي من الاستيلاء عليها، لكنها رفضت الكشف عن قيمتها بالدولار. وكان اوباما قد بحث خطة العقوبات الاميركية مع قادة بريطانيا وفرنسا وايطاليا ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان هذا الاسبوع. اما الحكومة السويسرية فقد ابلغت مصارفها امس تجميد اي ممتلكات تخص العقيد القذافي واصدرت امرا شاملا بالتجميد فيما يتعلق ب29 شخصا، بينهم زوجة الدكتاتور وابناؤه، وعدد من اقارب زوجته وب6 من مسؤولي النظام. ومن المعتقد ان من المحتمل ان تكون عائلة القذافي قد حولت اموالها الى خارج سويسرا. وقد حدث ذلك في اعقاب الخلاف الدبلوماسي عندما القت الشرطة السويسرية القبض قبل ثلاث سنوات على هنيبعل ابن الدكتاتور نتيجة ادعاءات بانه ضرب الخادم الخاص به في احد فنادق جنيف. وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة المتاجرة بالسندات التي طلب منها في البداية تسلم الاموال لصحيفة "ذي تايمز" ان الوسيط السويسري الذي اتصل به قال له انه يريد استثمار مبلغ ثلاثة مليارات دولار بالنيابة عن احدى العائلات الليبية. يجب ان نتذكر ان التعامل مع ليبيا كان الى ما قبل خمسة اسابيع عملا مشروعا. الا انه كان هناك الكثير من تلك المعاملات – ونعتقد ان لدى القذافي 10 مليارات في مدينة المال والاعمال بلندن". وقال ايضا ان الوسيط لمح الى انه لا بد من استخدام هذه الاموال في شراء سندات. وقد لفت نظر تجار السندات ومدراء الاستثمار وجود تدفق كبير من اموال شمال افريقيا والشرق الاوسط خلال الشهر الماضي. وقال محامون للصحيفة البريطانية ان مدير الاموال في "ماي فير" لا يفترض فيه طلب موافقة هيئة الخدمات المالية، التي تراقب التحركات المالية في مدينة المال والاعمال بلندن، بمقتضى الانظمة الخاصة بمكافحة تبييض الاموال لأن الوسيط كان من الزبائن.