مدريد «القدس العربي»: تحمل التطورات السياسية في أوروبا معطيات غير مريحة للمغرب في نزاع الصحراء الغربية، فبعد ظهور حزب قوي في اسبانيا يؤيد جبهة البوليساريو بشكل لافت، تشهد بريطانيا ظاهرة جيريمي كوربين، المرشح لتزعم «حزب العمال» والذي يترأس لجنة التضامن مع البوليساريو في البرلمان البريطاني. وتعتبر بريطانيا من الدول الأوروبية التي تتبنى مؤسساتيا مواقف مناهضة للمغرب في نزاع الصحراء الغربية. وكانت مختلف الحكومات المتعاقبة على الحكم في لندن تنص على تقرير المصير وتبرز ملف حقوق الإنسان في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتبدي تحفظات على إدماج الصحراء في اتفاقيات تجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي. ومن أبرز الأمثلة تحفظها على تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي والتنصيص على تخصيص جزء مباشر لساكنة الصحراء تراقبه المفوضية الأوروبية. ورغم مواقف بريطانيا، لم تكن الأحزاب السياسية تهتم كثيرا بهذا النزاع بحكم غياب منطقة المغرب العربي في الأجندة الحزبية والدولة البريطانية. لكن يقع العكس خلال السنتين الأخيرتين، فقد تنافس البرلمان البريطاني مع نظيره الإسباني في التعاطي مع نزاع الصحراء الغربية، علما أن إسبانيا كانت قوة استعمارية وستستشيرها الأممالمتحدة في البحث عن الحل. وحصل الاهتمام بالصحراء في بريطانيا بفضل النائب العمالي جيريمي كوربين، وهذا الأخير تحول الى أكبر مرشح لشغل منصب الأمين العام ل»حزب العمال البريطاني» خلفا لميلبناد الذي استقال بعد الهزيمة التاريخية للحزب في الانتخابات التشريعية التي جرت خلال أيار/مايو الماضي. وفي حال نجاحه في شغل المنصب الجديد في الانتخابات التي ستجري الأسبوع المقبل، فسيمنح بعدا قويا لملف الصحراء الغربية في البرلمان البريطاني، ودائما في صالح البوليساريو وضد مصالح المغرب. ويعتبر هذا النائب العمالي الذي يمثل الجناح اليساري لحزب العمال رئيس لجنة التضامن مع البوليساريو في البرلمان البريطاني، وعمل على استحضار هذا النزاع في البرلمان في مناسبات عديدة بشكل لم يسبق في الماضي. وكان جيريمي كوربين قد زار الصحراء الغربية خلال فبراير/شباط 2014 على رأس وفد برلماني بريطاني ووقعت توترات مع السلطات المغربية، حيث اتهمه بيان لوزارة الداخلية المغربية يوم 16 شباط/فبراير 2014 بتحريض الصحراويين على العنف والتظاهر. ونظم كوربين أسبوعا بعد هذا في البرلمان البريطاني ندوة حول الصحراء. وكان من الأسباب الرئيسية التي جعلت وزارة الخارجية تستقبل في مارس/آذار من السنة نفسها وفدا للبوليساريو للتباحث حول جوانب هذا النزاع من حقوق الإنسان وتقرير المصير وإشكالية استغلال الثروات الطبيعية. ويعتبر برزو نجم كوربين من التطورات السياسية التي تشهدها القارة الأوروبية، وهي تطورات لا تصب في صالح المغرب عموما، بسبب ظهور قوى سياسية تميل إلى جبهة البوليساريو في نزاع الصحراء. ومن أبرز الأمثلة، نجاح حزب «بوديموس» في إسبانيا وتحوله إلى ما بين القوة السياسية الثانية والثالثة يقلق المغرب بسبب مواقف هذا الحزب المنخرطة في أطروحات البوليساريو. وما حدث في إسبانيا، يحدث في إيطاليا واليونان ودول شمال أوروبا. حسين مجدوبي