في الدورة ال15 لمهرجان دمشق السينمائيّ الدولي 2007, تضمنت مسابقة الأفلام الطويلة 20 فيلماً روائياً طويلا,ً وفيلماُ تسجيلياً واحداً, وتضاعف العدد في مسابقة الأفلام القصيرة, وبلغ مجموعها 54 فيلماً قصيراً. بدايةً, وللمُقارنة فقط, من المُفيد الإشارة إلى عدد الأفلام التي شاركت في مسابقات الدورة الثلاثين لمهرجان كليرمون فيران(فرنسا) 2008, وهو أهمّ مهرجانٍ للأفلام القصيرة في العالم: 59 فيلماُ في المسابقة الوطنية الخاصة بالأفلام الفرنسية. 75 فيلماً في المسابقة الدولية العامة. 42 فيلماً في المسابقة الدولية الخاصة بالأفلام التجريبية. كما أورد فقرةً تحت عنوان (قواعد اللعبة) مُترجمة حرفياً من قوانين (التنسيقية الأوروبية لمهرجانات السينما) : ...لا يمكن أن يكون المهرجان دوليّاً, أو (أوروبيّاً) إلاّ إذا تضمّنت اختياراته للمسابقة (8) أفلام روائية طويلة - على الأقلّ - من خمسة بلدانٍ مختلفة، و/ أو (25) فيلماً قصيراً من عشرة بلدانٍ مختلفة (50% - على الأقلّ - من أفلام سينماتٍ وطنية مختلفة) . وفي الوقت الذي يمكن تجاهل العدد الكبير للأفلام الطويلة المُتسابقة في مهرجان دمشق السينمائي, فإنه من الضروري نقاش مكانة الأفلام القصيرة في مهرجانٍ دوليّ تطغى على برمجته الأفلام الطويلة. وفرةٌ واضحةٌ لم تكن/ ولن تكون بالضرورة من صالح الأفلام القصيرة, والرغبة النبيلة بعرضها, والمُساهمة في انتشارها. ومن يتذكرها, أو من يستعيد قراءة ما كُتب عنها, سوف يتفق معي بأنّ مستوى غالبيتها لم يكن على درجة عالية من النوعية. والتفكير بتقليص عددها, سوف يُحتم على إدارة المهرجان دقةً, وصرامةً في اختيارها, والانفتاح أكثر على الفيلم القصير بتخصيص برامج(خارج المسابقة) تحتفي بإبداعاته, وتراثه, وإمكانياته على التجدد باستمرار, فقد كشفت متابعتي لدورتين متتاليتين للمهرجان عن جمهورٍ فضوليِّ, شغوف, ومخلص للأفلام القصيرة, والتي سوف تنطلق منها أفلام الغد. وعلى الرغم من وفرتها, فإنّ التدقيق في معلومات الدليل الرسميّ الضخم للمهرجان, يوضح تساهلاً كبيراً في برمجتها, اختيارها, إعدادها, وتوثيقها(مع أنه من المُفترض وصول معلوماتها من المخرجين, وشركات الإنتاج (آلياً) إلى إدارة المهرجان). (معظم) الأفلام بدون معلومات توثيقية ضرورية للصحفي, والناقد, والباحث. (معظم) الأفلام بدون الإشارة إلى تاريخ إنتاجها. (كلّ) الأفلام بدون نبذةً عن المخرج, وقائمةً بأفلامه. (كلّ) الأفلام بدون معلوماتٍ تقنية, وفنية, وإنتاجية. (معظم) الأفلام بدون الإشارة إلى جنسية إنتاجها. (بعض) الأفلام بدون أيّ معلومات. تتضمن (بعض) الأفلام أخطاءً في تسجيل المعلومات : كيف يُعتبر فيلم(في الحديقة, لمخرجه تيري بالادينو) فيلماً فرنسياً, وهو من إنتاج (معهد أندريه فايدا للإخراج السينمائي في بولونيا), بينما تمّت الإشارة إلى فيلم آخر(معاً طوال الليل, من إخراج مارسين كوسزالكا) من إنتاج نفس المعهد بجنسيته الإنتاجية الصحيحة. فوضى في ترتيب المعلومات : هل من المفيد الإشارة إلى مواقع التصوير في فيلمٍ, وتجاهل الإشارة إلى فريق العمل التقني, والفني ؟ مفاجآت : كيف يمكن أن يشارك فيلماً بطول 90 دقيقة في مسابقة الأفلام القصيرة(الفيلم التشيكي ثلاثة أحداب من دمشق لمخرجه أوريل كليمت)؟ وانطلاقاً من الدليل, ومعلوماته, فقد توزعت الخريطة الجغرافية لمُسابقة الأفلام القصيرة وُفق القائمة التالية : 22 فيلماً بدون الإشارة إلى بلد الإنتاج. فيلمان من سنغافورة. 3 أفلام من بولونيا (هناك فيلمان لنفس المخرج). فيلمان من فرنسا(واحدٌ من إنتاج بولونيا تمّ الإشارة إليه كفيلمٍ فرنسي). فيلمٌ واحدٌ من هنغاريا. 3 أفلام من الدانمارك 4 أفلام من ألمانيا. فيلمان من تونس. فيلمٌ واحدٌ من أثيوبيا/ألمانيا. فيلمٌ واحدٌ من كوريا الجنوبية. فيلمٌ واحدٌ من تشيكيا( فيلم طويل من 90 دقيقة). فيلمٌ واحدٌ من الولاياتالمتحدةالأمريكية. 4 أفلام من سورية. فيلمان من الإمارات. فيلمٌ واحدٌ من اليونان. فيلمٌ واحدٌ من بلجيكا. فيلمٌ واحدٌ من التشيلي. فيلمٌ واحدٌ من الجزائر. فيلمٌ واحدٌ من روسيا. المجموع 54 فيلما.ً هناك أفلام يمكن التخمين ببلدان إنتاجها بعد قراءة ملخصاتها, أو لأنني شاهدتها مُسبقاً في مناسباتٍ خاصة, أو عامة. وهكذا, سوف تزيد حصة ألمانيا, والدانمارك, وسورية, وتونس بفيلمٍ واحد لكلّ منها, والولاياتالمتحدة بفيلمين, وتُدرج العراق بفيلميّن, وتُضاف تركيا, والمغرب بفيلمٍ واحد لكلّ منهما, وتظهر مصر بأربع أفلام. وهذا يعني, بأنّ القائمة السابقة قد تغيرت خريطتها الجغرافية الإنتاجية تماماً. ولكنها في كلّ الحالات, تشير إلى فقدان التوازن الجغرافيّ إلى حدّ عشوائية الاختيار, واختفاء بلدانٍ كثيرة من برمجة مسابقة دولية : أفريقيا السوداء, أمريكا اللاتينية, وغياب فلسطين, ولبنان, وإيران,.. ومنها تنطلق الأفلام القصيرة, والتسجيلية الأكثر خصوبةً, ونضجاً. في اعتقادي, لم يبحث المهرجان عن الأفلام القصيرة خصيصاً للمُسابقة, ولكنها وصلت (بالصدفة), وهذا ما يُفسر العدد الوافر للأفلام الألمانية, والدانماركية . صلاح سرميني