ستبدأ عما قريب المخرجة المغربية فريدة بورقية في تصوير مسلسلها التلفزيوني " سيدي عبدالرحمن المجذوب "، بعد الموافقة التامة للقناة الثانية حول هذا العمل الإبداعي والتاريخي والمتعلق بجزء مهم من ذاكرتنا المغربية الصوفية، ويتعلق الأمر هنا بشخصية " سيدي عبدالرحمن المجذوب " المغربية بامتياز، فحينما نقول عبدالرحمن المجذوب نستحضر حقبة تاريخية مهمة من تاريخ المغرب، إنها فرصة للنبش في هاته الحقبة في أفق معرفة ما ميز عصر هذا المجذوب من الناحية الاجتماعية والدينية والسياسية.... إن فريدة بورقية وهي تنفتح على هاته الحقبة، من الممكن أن يشكل هذا العمل الفني مرحلة ولبنة أخرى في مسارها الفني، وهنا نذكر القاريء الكريم بأن فريدة بورقية هي خريجة المعهد المسرحي السوفياتي سابقا والملتحقة بعد دخولها إلى المغرب بالقناة الأولى، وقد سبق لها من خلال هاته القناة أن قدمت مجموعة من الأعمال ذات الطابع الاجتماعي والتاريخي مثل " جنان الكرمة " و " دواير الزمان " و " حوت البر " و " جنب البير " .... كمسلسلات بالإضافة إلى فيلمها الأول " الجمرة " وفيلمها السينمائي الأخير " طريق العيالات " الذي عرض بعدة مهرجانات مثل المهرجان الوطني التاسع بطنجة ومهرجان أبو ظبي بالإمارات .... إن العودة إلى " سيدي عبدالرحمن المجذوب " ينبغي أن تشجع بل هي عودة محمودة في زمن أصبح العديد يتحدث بلغة غير لغة العمق الباطني الصوفي الإنساني.... فما أحوج اليوم إلى الإصغاء إلى ما كانت تجود به عفوية هذا المجذوب من أقوال وأمثال وأفعال ... والتي كلها كانت تصب في البحث عن علاقات إنسانية وجدانية تتميز بالنقد الهادف لفعل الإنسان اللا أخلاقي في أفق أن يكتسب هذا الإنسان فعلا أخلاقيا من هنا سيكون هذا المسلسل بمثابة قراءة لواقع اليوم بعيون الماضي وأي عيون كعيون هذا المجذوب مما يعطينا الفرصة لاستخلاص العبر وتوليد الحكم والقيم .... فما أحوجنا إلى هاته العودة، بل وما أحوج أجيال اليوم إلى معرفة " سيدي عبدالرحمن المجذوب" هذا الصوفي المغربي الأصيل الذي تحضر العديد من تحفه الكلامية في العديد من التجارب الغنائية والمسرحية ... من هنا وجب التنويه بهذا النوع من الأعمال الفنية والتي نتمنى أن تكون هاته التحفة الفنية قمة العطاء الدرامي، كل ذلك في أفق تحفيز أسماء فنية أخرى لتقتحم جزءا آخر من ذاكرتنا التاريخية المغربية المتميزة بالتعدد والتنوع والتلاقح الحضاري بيننا وبين بقية الشعوب والأمم الأخرى، كل ذلك يكتسي صبغة جوهرية وهامة في هذا الزمن الموحش والذي يسمى بزمن العولمة كزمن احتلت فيه القيم رتبا متأخرة ... بل إن هذا النوع من المسلسلات التاريخية والاجتماعية ، أداة فنية وتربوية ونقدية ستدفع المتلقي لها إلى الرغبة في معرفة جزء مهم من تاريخه... ولنا عودة أخرى للموضوع لتفصيل القول فيه وتقديم العديد من الرؤى الفنية والتاريخية والدلالية لهذا القطب الصوفي/التاريخي، سيدي عبدالرحمن المجذوب.