جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    دعوات لإحياء اليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين بالمدارس والجامعات والتصدي للتطبيع التربوي    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    «كوب-29».. الموافقة على «ما لا يقل» عن 300 مليار دولار سنويا من التمويلات المناخية لفائدة البلدان النامية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الدرهم "شبه مستقر" مقابل الأورو    نظام العالم الآخر بين الصدمة والتكرار الخاطئ.. المغرب اليوم يقف أكثر قوة ووحدة من أي وقت مضى    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    حارس اتحاد طنجة الشاب ريان أزواغ يتلقى دعما نفسيا بعد مباراة الديربي    نهيان بن مبارك يفتتح فعاليات المؤتمر السادس لمستجدات الطب الباطني 2024    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    افتتاح 5 مراكز صحية بجهة الداخلة    إقليم الحوز.. استفادة أزيد من 500 شخص بجماعة أنكال من خدمات قافلة طبية    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    موجة نزوح جديدة بعد أوامر إسرائيلية بإخلاء حي في غزة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    الأمن الإقليمي بالعرائش يحبط محاولة هجرة غير شرعية لخمسة قاصرين مغاربة    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    مظلات ومفاتيح وحيوانات.. شرطة طوكيو تتجند للعثور على المفقودات    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    "طنجة المتوسط" يرفع رقم معاملاته لما يفوق 3 مليارات درهم في 9 أشهر فقط    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تكتب بحثاً عن سينما الخليج في عشرة أيام

في إطار الدورة الثانية لمهرجان أبو ظبي السينمائي الدوليّ, والتي انعقدت فعالياتها خلال الفترة من 10 إلى 19 أكتوبر2009, كلف الناقد السينمائي المصري (سمير فريد) خمسة من النقاد العرب للكتابة عن صناعة السينما في العالم العربي, وتمّت مناقشتها في حلقات بحثٍ بحضور عددٍ قليل جداً من ضيوف المهرجان, وبغيابٍ تامٍ من الجمهور المُفترض بأن يستفيد منها .
واستهدف(سمير فريد) بأن " يتضمن كلّ بحثٍ رصداً شاملاً بالحقائق, والأرقام عن واقع السوق في كل بلد, من حيث عدد شركات دور العرض, وعدد الشاشات, وتوزيعها الجغرافي, وأسعار التذاكر, وعدد شركات الإنتاج, والاستوديوهات, والمعامل, وما تنتجه من أفلام كل سنة, وعدد شركات التوزيع, وجنسيات الأفلام المعروضة, وإيراداتها, وكذلك بحث العلاقة بين الدولة والسينما من حيث الرقابة, والنقابات, والتشريعات, والضرائب, والدعم, والجوائز المالية".
في المُقدمة (صفحة5), ينوّه الباحث (عبد الرحمن محسن المقدم) بأنّ: " المعلومات الواردة في البحث هي نتيجة مجهوداتٍ ذاتية شاقة, حيث لا تتوفر في بلدان الخليج مصادر محددة, وواضحة لتوثيق النشاط السينمائي, أما المعلومات الخاصة بإيرادات الأفلام, فقد تمّ الحصول عليها من شركات دور العرض التي لا تفصح بالضرورة بدقةٍ عن إيراداتها لأسباب خاصة بالمنافسة, وآليات السوق".
وبدوري, أؤكد بأنه حصل على معظمها من صفحات الأنترنت, وكان عليه الاعتماد على موقع "مُسابقة أفلام من الإمارات" لينقل منه على الأقلّ معلوماتٍ صحيحة.
الإمارات العربية المتحدة
يبدأ الباحث بنبذةٍ عن بدايات النشاطات المسرحية, والتلفزيونية في دولة الإمارات العربية المتحدة, ومن ثم يقدم (عابر سبيل) كأول فيلم روائي طويل من إخراج (علي العبدول), وإنتاج 1988(والتاريخ الأدقّ هو عام 1989 وُفقاً للمعلومات الواردة في موقع تظاهرة أفلام من الإمارات 2001).
الطريف, بأنّ الباحث يكتب: " وتختلف الآراء حول ترتيب هذا الفيلم على مستوى الخليج, فيعتبره الناقد سمير فريد الخامس, على مستوى الخليج بعد أفلام خالد الصديق الثلاثة (ما هي عناوين تلك الأفلام؟), وفيلم محمد هاشم في الكويت (أيّ فيلم يقصد ؟), في حين تُورد عدد من المصادر ترتيبه السابع بعد الأفلام الكويتية (ما هي الأفلام المقصودة ؟), وفيلم الشراع الحزين الذي أنتج في قطر عام 1976 من إخراج المصري محمد نبيه, وفيلم حارس الفنار(من إخراج من ؟), الذي أنتجه مركز التدريب الإذاعي, والتلفزيوني لدول الخليج في عام 1982".
ومع أنّ عدد الأفلام التي يتحدث عنها قليلة جداً, إلاّ أنّ الباحث لا يحسم ذلك الخلاف.
ولاحقاً, يُشير إلى الدور الذي قدمته المُسابقات, والمهرجانات في تشجيع المخرجين على إنجاز أفلامهم, وعرضها من خلالها : " بدأت تجربة المهرجانات بتظاهرة أفلام من الإمارات التي نُظمت في عام 2005, وبسعة أفقٍ, وإحساسٍ بالمسؤولية, قام سعود أمر الله منذ الدورة الأولى للتظاهرة بتوسيع نطاقها لتشمل عروضاً لأفلام من السعودية, وقطر, والكويت, والبحرين, وعُمان لتصبح بالفعل, ورغم تسمية أفلام من الإمارات مهرجاناً مصغراً لأفلام من الخليج, وهو الأمر الذي حدث بالفعل في الدورة الثانية منها, حيث تغير العنوان ليصبح مهرجان الخليج السينمائي"(صفحة 8).
هذه الفقرة الواحدة, والمُكونة من خمسة سطورٍ فقط, تمتلئ بأخطاءٍ من المُفترض بأن لا يرتكبها صحفيّ مبتدئ, فما بالك إذا كان باحثاً ؟
انعقدت "تظاهرة أفلام من الإمارات" خلال الفترة من 10 إلى 12 أبريل عام 2001, وليس في عام 2005.
اسم مؤسّسها, ومديرها "حتى دورتها السادسة " هو السينمائي "مسعود أمر الله", وليس "سعود أمر الله (وسوف أعتبر الأمر خطأ مطبعياً).
كانت الدورة الأولى مُخصصة بكاملها للأفلام الإماراتية (39 فيلماً في فئة الطلبة, و19 في فئة العام), ولم تُوسع التظاهرة نطاقها لتشمل عروضاً من دول الخليج إلاّ مع الدورة الرابعة في عام 2005 (البانوراما العربية), وتأسيس مسابقة خاصة بالأفلام الخليجية مع دورتها الخامسة 2006.
تخيّرت الدورة التجريبية اسم "تظاهرة أفلام من الإمارات", وبدأت الدورة الأولى باسم "مسابقة أفلام من الإمارات", ولم يتغير العنوان في الدورة الثانية ليُصبح "مهرجان الخليج السينمائي", وهو مهرجانٌ آخرٌ تماماً انعقدت دورته الأولى في دبي عام2008, ولا علاقة له شكلا,ً وتنظيماً, وتمويلاً ب"مسابقة أفلام من الإمارات" التي استمرت في أبو ظبي بنفس الاسم حتى دورتها الأخيرة/الثامنة بإدارةٍ جديدة.
وكان "مسعود أمر الله" مديراً ل"مسابقة أفلام من الإمارات" حتى دورتها السادسة, ومن ثم انتقل إلى دبي ليؤسّس "مهرجان الخليج السينمائي" التي انعقدت دورته الأولى في شهر ابريل من عام 2008.
إذا أردتُ التساهل مع أخطاء كتابة الأسماء(هيفاء منصور, بدل هيفاء المنصور), إلاّ أنني لن أتجاهل الأخطاء الأخرى المُتكررة, فبعد قليلٍ من السطور يكتب: " وبجانب أفلام من الإمارات التي تحولت إلى مهرجان الخليج السينمائيّ".
وأستغربُ من باحثٍ عندما يتحدث عن ظهور عددٍ من الأفلام الروائية الخليجية الطويلة المُصورة بتقنية الفيديو الرقمية بدون الإشارة إلى مخرجيها, أو تاريخ إنتاجها(صفحة 9), ويتحدث عنها بالجُملة : "شباب كول, وكيوت في الكويت, وأزي الحال(بدل كيف الحال), والقرية المنسية, وصباح الليل في السعودية, وزائر في البحرين, وطرب فاشون, وعقاب في الإمارات.
وسوف نلاحظ, بأنّ بعض المعلومات, أو الفقرات, تتكرر في نفس النصّ, بسبب اعتماد الباحث على عملية القص, واللصق من الأنترنت.
وفي القائمة البيانية (صفحة 12) يشير إلى تواجد شركتيّن للإنتاج في الإمارات : شركة أفلام اليمامة, والمجموعة الفنية, وهما اللتان ورد ذكرهما في الحديث عن أول فيلم إماراتي روائي طويل (عابر سبيل) من إخراج (علي العبدول) إنتاج عام 1989(وليس 1988), ولا أعرف إن كان الباحث قد تحقق من وجودهما الحالي, أم أنهما اختفيا بعد إنجاز الفيلم .
ويؤكد الباحث عدم وجود نقاباتٍ, وجمعياتٍ للسينمائيين في الإمارات, والمعلومة صحيحة بالنسبة للنقابات, ولكن, لو تصفح موقع "مسابقة أفلام من الإمارات", أو المواقع المُزدهرة للمخرجين الإماراتيين, لاكتشف دزينة من التجمعات السينمائية الغير رسمية, والتي لا يمكن تجاهلها.
وعندما يشير إلى دعم الإنتاج السينمائي, يتحدث عن "مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي" في أبو ظبي, ويبدو بأنه لا يمتلك أيّ معلومةٍ عما يحدث في "مهرجان دبي السينمائي الدولي" المُجاور جغرافياً.
والأكثر طرافة, يُنهي الباحث قائمته بجدولٍ بعنوان "أهمّ الأفلام", وكأنّ الدول الخليجية قد أنتجت آلاف الأفلام كي نُخصص لها قائمة ب"أهمّ الأفلام".
والغريب, بأنّ الباحث, وعلى الرغم من إشارته إلى الأفلام الروائية القصيرة, إلا أنها لا تدخل في حساباته, وأرقامه, وإحصائياته, مع أنها الأغزر, والأهمّ, والأجدر بتسليط الأضواء عليها.
ومع أنّ القائمة التي يُدرجها تتضمّن خمسة أفلام روائية فقط, إلا أنه ينسب فيلم (طرب فاشون) إلى (ميساء المغربي), بينما كانت بطلة الفيلم الذي أخرجه الكويتي (محمد دحام الشمري).
المملكة العربية السعودية
بعد نبذةٍ قصيرة عن الوضع العام في السعودية فيما يخصّ العروض السينمائية, يكتب الباحث:
"ورغم هذا الوضع المتشدد في مجال العروض السينمائية إلا أن المملكة عرفت مبكراً من خلال مبادرات فردية صناعة الأفلام السينمائية التسجيلية قبل أن تتحول هذه المبادرات مع الثورة الرقمية إلى حركة فيلمية نشطة وواعدة في السنوات الأخيرة, وصلت إلى حد إنتاج خمسة أفلام روائية طويلة, وعدداً يزيد عن مائة فيلم تسجيلي, وروائي قصير".
لا جدال في الأفلام الروائية السعودية الخمسة, ولكن, كنت أتمنى من الباحث بأن يحصر لنا 50 فيلماً تسجيلياً, وقصيراً, وليس 100 كما يذكر, هذا العدد الذي لا تصل إليه بلدان عربية أخرى سباقة في الإنتاج السينمائي.
وعلى عكس ما كان يبتغيه (سمير فريد), لا يتعدى البحث المُفترض سرداً تاريخياً مكرراً أحياناً, ومتناقضاً أحياناً أخرى, ويتضمّن أخطاءً في حالاتٍ ثالثة.
ولأنّ السعودية لا تتحمل بحثاً عن إنتاجها السينمائي, فقد عمد الباحث إلى التوقف عند الأفلام التي أخرجها "عبد الله المحيسن", واستشهد بما كتبه (سمير فريد) عنها في كتابه (السينما المُعاصرة في العالم العربي), وهذا يعني بأن الباحث لم يشاهدها.
ولا أفهم أيضاً الكتابة عن (هيفاء المنصور) لمُجرد أنها أول مخرجة سعودية, وإغفال دزينة من المخرجين السعوديين الشباب, وهم يواصلون خطواتهم الأولى مثلها تماماً.
وبافتراض النزعة الرجولية التي تحتفي بما تُنجزه المرأة العربية, لماذا لم يتحدث في صفحاته السابقة عن "نجوم الغانم" كأول مخرجةٍ إماراتية ؟
وبينما يتحدث عن الدورة الأولى ل"مهرجان جدّة للعروض المرئية" في عام 2006, الذي أصبح في عام 2007 "مهرجان جدة للأفلام", ينتقل فجأة إلى فقرةٍ دخيلة, وغريبة: "ثم جاء مهرجان أفلام من الإمارات الذي استوعب عدداً من التجارب الخليجية, ومن بينها السعودية, قبل أن يتحول إلى مهرجان للسينما الخليجية".
"مسابقة أفلام من الإمارات" لم تأتِ بعد "مهرجان جدة للأفلام", ولكنها بالأحرى شجعت كلّ المُبادرات الخليجية اللاحقة, ولم تتحول إلى "مهرجان للسينما الخليجية".
وفي حديثه عن مبادرة سعودية أخرى, وهي "مسابقة أفلام من السعودية" لا أدري لماذا أدرج الباحث قائمة بالأفلام الفائزة في المسابقة الروائية, والوثائقية والسيناريو, ولم يفعل ذلك مع المهرجان الأقدم "مهرجان جدة للأفلام, ولا مع الأقدم منهما "مسابقة أفلام من الإمارات", ولا مع المهرجانيّن الدوليين في دبي, وأبو ظبي ؟
ولأنّ الباحث لا يمتلك مادة كثيرة عن الإنتاج السينمائي في السعودية, فإنه يلفّ, ويدور حول الأفلام الروائية الخمسة المُنتجة هناك, ويقدم ملخصاتها, ويُدرجها في قائمةٍ تحت عنوانه المُفضل "أهمّ الأفلام", وهذه المرة لا يُخطئ في كتابة عنوان فيلم" كيف الحال", ويجعله "إزي الحال".
ورُبما لم يشاهد الباحث 5% من مُجمل الأفلام الطويلة, والقصيرة التي يتحدث عنها, ولا تخفي سطوره هذا الخطأ المهني الكبير عندما يكتب عن فيلم "القرية المنسية": "هو فيلم روائي يصفه صُناعه بأنه أول فيلم رعب سعودي".
حسناً, كان من الأفضل بأن يترك "صُناع السينما الخليجية" ينجزون بحوثاً عن أنفسهم بدل تلك المهمّة الشاقة التي تكبدها.
وفي القائمة الطريفة التي وضعها في آخر النصّ, وحيث كلمة "لا يوجد" تُلخص حال الصناعة السينمائية في السعودية, كان عليه في خانة النقابات, والجمعيات السينمائية الغير موجودة, بأن يُشير على الأقلّ إلى "مجموعة سينماك" التي تُساهم في إنجاز الأفلام القصيرة لأعضائها, ومنها "السينما 500 كلم" ل"عبد الله أل عياف".
وكما ذكرتُ أعلاه, يمنح الباحث الأهمية الكبرى للأفلام الطويلة, ولهذا, فإنه يحصر شركات إنتاجها, ويُهمل الجانب الأكثر نشاطاً, وغزارةً في الإنتاج السعودي, والخليجي بشكلٍ عام, وهي الأفلام القصيرة, والتي يُنجزها مخرجوها عن طريق شركاتٍ خاصة بهم, حتى وإن لم تكن متخصصة بشكلٍ حصريّ بالإنتاج السينمائي, منها على سبيل المثال "شركة رواد" لصاحبها "ممدوح سالم" الذي أنتج من خلالها أفلامه التسجيلية, والقصيرة, وعن طريقها يدير "مهرجان جدة للأفلام" الذي أشار إليه الباحث في سطوره.
سلطنة عُمان
من أكثر النصوص طرافة, ذلك الخاصّ بسلطنة عُمان, في (الصفحة 22) يكتب الباحث:
"وقد حاول هذا الجيل من المخرجين الذين درسوا الفن السينمائي في الولايات المتحدة, ومصر, وسوريا".
وهذه أول مرة في حياتي أعرف بأنّ أحداً ما درس السينما في سورية التي لا يوجد فيها حتى هذا اليوم معهداً خاصاً, أو حكومياً لدراستها.
ولم أكن أدري بأن العُماني "خالد الزدجالي" أنجز فيلماً روائياً طويلاً بعنوان "عودة زاهر", وتأتي المعلومة تاريخياً قبل العام 1995 : "وفي عام 1995 قام خالد الزدجالي بمشاركة محبوب موسى العائد من القاهرة, وعدد من الفنانين بتأسيس ما سمى بجماعة السينمائيين العمانيين, وبعد عودته من حضور عدد من المهرجانات السينمائية الدولية مثل مهرجان كان, ومهرجان نانت, بدأ خالد الزدجالي في الإعداد لتنظيم مهرجان مسقط السينمائي, ودورته الأولى في عام 2000".
هل كان "الزدحالي" في بعثةٍ دراسية إلى تلك المهرجانات العالمية كي يعود, ويبدأ بالإعداد, والتنظيم لمهرجان ؟
وكان الأحرى بالباحث الإشارة بأنّ "الزدجالي" استفاد من متابعته للمهرجانات العالمية التي رُبما منحته فكرة تأسيس مهرجان سينمائي في مسقط.
ويجدر الآن الانتباه إلى الفقرة التالية : "وبعد الدورة الثالثة لمهرجان مسقط السينمائي, بدأ الإعداد لتنفيذ أول فيلم عماني روائي طويل من إخراج خالد الزدجالي...الذي حمل اسم البوم".
قبل سطورٍ فقط من نصّ/بحثٍ يتكوّن من صفحةٍ, ونصف, كتب الباحث السطر التالي حرفياً:
"وبدعم من وزارة التراث, والثقافة, أخرج خالد الزدجالي أول فيلم عماني طويل, والذي حمل اسم عودة زاهر".
ما رأيّ القارئ بهذا البحث عن دولةٍ خليجية لم تُنتج إلا فيلماً روائياً واحداً, فكيف يكون الحال لو كتب الباحث أطروحة عن السينما الهندية (1000فيلم في العام).
كيف مرت تلك المعلومات الخاطئة أمام عينيّ الناقد, والمُؤرخ السينمائي "سمير فريد", وهو المُتابع, والقارئ, والعارف لكلّ صغيرةٍ, وكبيرة تحدث في الوسط السينمائي العربي ؟
وهنا, أتبرع بالتصحيح : بدأ "خالد الزدجالي التحضير لفيلمه الروائي الطويل, وكان يحمل عنوان "عودة زاهر"' ومن ثم تحوّل إلى "البوم", اسم المنطقة التي تدور فيها الأحداث, وهذا يعني, بأنه أنجز فيلماً روائياً طويلاً واحداً, وعُرض في الدورة الرابعة لمهرجان مسقط السينمائي, وليس في الدورة الخامسة كما يذكر الباحث في نصّه.
ومن أكثر الأخطاء طرافة, نجدها في القائمة الإحصائية (الصفحة 24) لشركات الإنتاج في السلطنة, وفيها يُشير الباحث إلى " تعاونية عَمّان لصناعة الأفلام ".
خلال تزوّده من الأنترنت بمعلوماتٍ عن الأفلام في سلطنة عُمان, وبطريقة النسخ, واللصق' ظهر له اسم تلك " التعاونية ", فاعتقد بأنها شركة إنتاج "عُمانية ".
ولو كان متابعاً للسينما الخليجية, والعربية بشكلٍ عام, لما وقع في ذاك الخطأ البشع.
في الحقيقة, "تعاونية عَمّان لصناعة الأفلام" أردنية الجنسية أسّسها, ويديرها السينمائي الطموح, والنشيط (حازم بيطار), وهي تضمّ في قائمتها عدداً وفيراً من الأفلام الروائية, والتسجيلية القصيرة لمخرجين شباب.
ولا تتوقف سلسلة الأخطاء الخاصة بسلطنة عُمان عند ذلك الحدّ, ففي(صفحة 25), يختتم الباحث قائمته الإحصائية بذكر "أهمّ الأفلام", وهي: "البوم" من إنتاج عام 2000
قبل سطورٍ فقط, كتب الباحث عن عرض الفيلم في الدورة الخامسة لمهرجان مسقط السينمائي عام2008, فكيف يكون من إنتاج عام 2000 ؟ (الفيلم من إنتاج عام 2006).
مملكة البحرين
بعد سردٍ تاريخيّ مُختصر, يُلخص فيها الباحث مسيرة السينما في البحرين, والتي لا تتعدى مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة, ينتقل فوراً إلى الحديث عن "غياب", الفيلم القصير لمخرجه "محمد راشد بوعلي", وكأنه لا يوجد في البحرين غيره, وقبل ذلك لم يتعرض لفورة الأفلام القصيرة في الخليج, وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة, ويصبح انتقاله المُفاجئ من مسيرة الأفلام الطويلة في البحرين إلى الفيلم القصير "غياب" مفاجأة, ويثير تساؤلاً بحثياً جوهرياً :
لماذا لم يتطرق للأفلام القصيرة الأخرى التي أُنتجت في البحرين, وقبل ذلك بصفحاتٍ, لم يتحدث عن أيّ فيلم قصير؟
وما يُثير الاستغراب أكثر, معلوماته المُبتسرة, والمنقولة عن الأنترنت, حيث يعتبر بأن "غياب" هو أول فيلم خليجي يقدم معالجة سينمائية لنصّ شعريّ للشاعر الكبير "قاسم حداد".
قطر
"في الخمسينيّات بدأ عدد من وجهاء قطر في اقتناء آلات عرض سينمائي مقاس 8 مم, و16 مم وكذلك آلات تصوير سينمائي, واعتاد الوجهاء أن يعرضوا في مجلسهم يعض الأفلام العربية على أشرطة سينمائية مقاس 8 مم, و16مم, وراجت في تلك الفترة تجارة, وتوزيع هذه الأشرطة في قطر".
وعلى حدّ علمي, لم تُحول السينما العربية أيّ فيلمٍ من أفلامها على شرائط 8 مم, لاستحالة ذلك تقنياً, حيث لا تتجاوز علبة الشريط الخام منها أكثر من 3 دقائق, وفي تلك الفترة كان الهواة يستخدمون هذا المقاس " الذي توقف تصنيعه حالياً "..
ورُبما تكون المعلومات الواردة عن المُحاولات السينمائية في قطر أكثر غزارة, ودقة, ومتابعة, ويعود ذلك إلى إقامة الباحث في هذا البلد, ومعايشته ما يحدث فيه, وحتى مساهمته الفعلية في أنشطته السينمائية, والتلفزيونية.

الكويت
ينتهي الحديث عن السينما في الكويت بحسبةٍ بسيطة, حيث يُسجل الباحث في خانة الأفلام المعروضة عام 2007 الأرقام التالية :
187 فيلماً أمريكياً.
101 فيلماً هنديا.ً
20 فيلماً عربيا.ً
ليكون المجموع, بالنسبة له, 308 أفلام بدل 318 فيلماً.
فإذا كانت الأرقام تفتقد الدقة, والتدقيق, فكيف للقارئ الاقتناع بأصالة البحث, وجديته.
وكيف نثق ببحثٍ يذكر في (الصفحة 42) بأنّ "عبد الله السلمان" مخرج الفيلم الكويتي الروائي "منتصف الليل", وفي القائمة الإحصائية يذكر بأنه من إخراج "محمد العمان".
و"جسوم أيّ شيئ " من إنتاج عام 2008, بينما هو من إنتاج 2004.
وتنتهي القائمة المُكونة من 9 أفلام روائية طويلة بفيلم "مغامرات نفوط" بدون الإشارة إلى تاريخ إنتاجه.
***
بمُقتضى البحث, يمكن استخلاص النتائج التالية :
الإمارات العربية المتحدة: 5 أفلام روائية طويلة.
المملكة العربية السعودية: 5 أفلام روائية طويلة.
سلطنة عُمان : فيلم روائي طويل واحد.
مملكة البحرين: 4 أفلام روائية طويلة.
قطر: 11 فيلماً (يخلط الباحث هنا الأفلام الروائية الطويلة, والقصيرة, والتسجيلية).
الكويت: 9 أفلام (يخلط الباحث هنا الأفلام الروائية الطويلة, والقصيرة, والتسجيلية ).
ويعني, بأنّ الباحث أنجز بحثه من أجل حوالي 25 فيلماً روائياً طويلاً (لم يشاهد منها 5 على الأكثر) بينما تناسى, أو تجاهل مئات الأفلام القصيرة المُنتجة حتى اليوم في دول الخليج.
وكان الأحرى بالباحث منح هذه الأفلام حقها, لأنها المخزون الأهمّ كماً, ونوعاً (باستثناء بعض الأفلام الروائية الطويلة المُهمّة).
لم يتطرق الباحث للمُؤسسات التعليمية, الجامعات, وكليات التقنيات العليا التي تضخّ العشرات من المخرجين, والمخرجات سنوياً.
تجاهل مصادر تمويل مئات الأفلام القصيرة.
أغفل الباحث عشرات المخرجات من دول الخليج, وأشار فقط إلى السعودية "هيفاء المنصور".
أدرج الباحث أرقاماً جافة, لا أعرف مدى صحتها, كان من المُفيد تأمل حصة الأسواق من جنسيات الأفلام التي تعُرض فيها, سيطرة ثلاثة بلدانٍ على أسواق العرض في دول الخليج' هي أمريكية, هندية, وعربية (والمقصود مصرية) بدون أن يدق ناقوس الخطر, والتأكيد على أهمية المُسابقات, والتظاهرات, والمهرجانات التي تنعقد هناك, وتعتبر نافذة يشاهد المتفرج من خلالها أفلام بلدان أخرى.
ما هي فائدة بحث عن السينما في بلدان الخليج, إذا كانت حصيلة الإنتاج الروائي فيها منذ بداياته, وحتى اليوم لا يتعدى 25 فيلماً(5 أفلام لكلّ بلد), وبالأخصّ, إذا امتلأت خانات القوائم الإحصائية بكلمة "لا يوجد".
أخيراً, فإنّ الانطباع العامّ الذي يفرض نفسه بعد قراءة صفحات البحث هو: الإحباط.
صلاح سرميني باريس
''الفوانيس السينمائية''


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.