تحولت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر مع اقتراب موعد الانتخابات، الى حلبة صراع بين "الحراك" الاحتجاجي الرافض لها وما يطلق عليه "الذباب الإلكتروني" الداعم للنظام. وظف الجزائريون تويتر وفيسبوك ضد "النظام" وانتقلت شعارات الشارع التي تنتقد السياسيين الى وسوم من قبيل #الجزائر_حرة_ديموقراطية و#لا_انتخابات_مع_العصابات و#يتنحاو_قاع، وتعني "ليرحلوا جميعا". ظهرت هذه الوسوم غير المسبوقة في فبراير الفائت على مواقع التواصل الاجتماعي تلبية لنداء الاحتجاج في الشوارع ضد ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة ما دفعه لاحقا للاستقالة في أبريل بعد عشرين عاما قضاها على رأس السلطة. ولكن مع اقتراب موعد الانتخابات التي تنظمها السلطات في 12 ديسمبر الحالي، والمرفوضة بشكل واسع من قبل الحركات الاحتجاجية، احتدم الصراع بين "الذباب الالكتروني" المتمثل سواء في نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي او في برمجيات إلكترونية، ومناهضيهم أنصار "الحراك". منذ اعلان موعد الانتخابات الرئاسية منتصف سبتمبر الفائت ظهر وسمان في شكل مفاجىء #الجزائر_تنتخب و#ما_تهدرش_بإسمي (لا تتحدث بإسمي). وتم استعمالهما للتصدي لدعوات المقاطعة التي أطلقها "الحراك" والذي يعتبر الانتخابات وسيلة للنظام ليعود من جديد. وحل لمارك أوون جونس الأستاذ المساعد بكلية حمد بن خليفة في الدوحة أكثر من عشرين ألف تغريدة مرتبطة بهذين الوسمين. ويقول الجامعي الذي يدرس أيضا البروباغندا والتضليل الاعلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي، إن عددا ملحوظا من حسابات "مشبوهة، يديرها "الذباب الالكتروني". ويؤكد لفرانس برس "عدد مهم من الحسابات تم انشاؤه في أيلول/سبتمبر، جزء كبير منه خلال يومين" وهذه الوسوم "دليل قاطع على حملة تضليل". يتهم نشطاء "الحراك" ما يصفونه ب"الذباب الالكتروني" بتحريف شعاراتهم وأوسمتهم والتسبب بغلق العديد من صفحاتهم عبر التأشير عليها. وتمنح مواقع التواصل الاجتماعي امكان "التأشير" على محتوى بعض الصفحات التي تعرض مضامين "خادشة للحياء" أو "جنسية" أو "عنصرية"، ليتم لاحقا حذفها أو تعليقها من قبل الموقع. ويدير الناشط "لقمان" صفحة "فياك نيوز دز" للتثبت من الأخبار، منددا بالأخبار المغلوطة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي يوميا ومؤكدا "ان هناك حملة منظمة للتأشير على الصفحات التي تهاجم النظام". يقول نائب رئيس "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان" سعيد الصالحي "من المستحيل التعرف على من يقف وراء هذه الهجمات لأن حساباتهم مجهولة، وفي المقابل يرد أنصار +الحراك+ ووجوهم مكشوفة". أطلق نشطاء على مواقع التواصل الجزائرية حملات رقمية تندد بسياسة فيسبوك متهمين اياه بعرقلة حرية التعبير. ونظموا في نوفمبر الفائت وقفات احتجاجية أمام مقر مكاتب الشركة في العديد من العواصم الأوروبية. واعتبرت منظمة طالبية على صفحتها أن "الجزائريين يعتمدون على فيسبوك لنشر أفكارهم ضد نظام غير شرعي" وأن فيسبوك لا يرد على "خطاب الكراهية للذباب الالكتروني". ويضيف الصالحي "يمثل فيسبوك الملاذ الأخير للنشطاء مع تزايد الغلق الاعلامي، وهو بالاضافة لذلك فضاء معلوماتي للمصالح الأمنية". كما يعتبر نشطاء "الحراك" ان تدوينة بسيطة على مواقع التواصل الاجتماعي من شأنها أن تقود الى السجن، وفق الصالحي الذي ينتقد "التوقيف الممنهج" للصحافيين والنشطاء والمدونين. وقضت محكمة وهران (غرب) الخميس بسجن رسام الكاريكاتير عبد الحميد أمين 18 شهرا، علما ان أعماله الفنية انتقدت القادة الجزائريين ولقيت انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن تقارير الشرطة في بعض القضايا تبين "أن فرقة خاصة بالجرائم الإلكترونية ترصد أنشطة بعض قادة الحراك على وسائل التواصل الاجتماعي. وشكلت تقارير المراقبة أساسا لتهم الإخلال بأمن الدولة أو المساس بسلامة وحدة الوطن، ذات الصيغة الغامضة". المصدر: الدار- أف ب