خميس "أسود" ينتظر الفرنسيون بسبب الإضراب الذي دعت إليه غالبية النقابات الفرنسية من أجل رفض مشروع القانون الجديد لنظام التقاعد الذي تريده الحكومة. ومن المتوقع أن يشل هذا الإضراب قطاعات اقتصادية حيوية لا سيما أنه يشمل المواصلات عبر البلاد. وحذرت الحكومة من وقوع أعمال عنف خلال المسيرات الاحتجاجية. من المتوقع أن تتوقف الخميس في فرنسا قطاعات كثيرة وحيوية عن العمل على خلفية إضراب مفتوح دعت إليه العديد من النقابات العمالية تنديدا بمشروع القانون الجديد المتعلق بإصلاح النظام التقاعدي والذي تعتزم الحكومة تقديمه قريبا أمام البرلمان بهدف المصادقة عليه. هذا، وأعلنت عدة شركات في قطاعات مختلفة أنها ستبدأ تدريجيا بتعليق نشاطاتها ابتداء من مساء الأربعاء، وفي مقدمتها شركة السكك الحديدية ومترو الأنفاق والباصات و"التراموي" إضافة إلى النقل الجوي. كما قرر عدد كبير من المعلمين وموظفي قطاعات أخرى، كالصحة والنظافة والقضاء والأمن والطاقة والتعليم… عدم الذهاب إلى العمل الخميس والمشاركة في المظاهرة الاحتجاجية التي ستنطلق في نفس اليوم من محطة "غار دو ليست" ("محطة الشرق" للقطارات) لغاية ساحة "ناسيون" (ساحة الأمة) بباريس. ويخشى منظمو المظاهرة من تسلل بعض العناصر العنيفة التي كثيرا ما تقوم بتكسير واجهات المحلات واستهداف الأملاك العامة والخاصة خلال المسيرات. وستنشر الحكومة تحسبا لهذه المظاهرات ما بين 4 إلى 5 آلاف عنصر من رجال الأمن، خاصة في الأحياء التي تتموقع فيها مؤسسات الدولة الفرنسية مثل قصر الإليزيه ومقر الحكومة والبرلمان وأماكن حساسة أخرى للحيلولة دون وقوع أعمال عنف. وقال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنير "ندرك بأن عددا كبيرا من الناس سيشاركون في المظاهرات الاحتجاجية وندرك أيضا المخاطر التي ستترتب عنها. لذا طلبت من قوات الأمن التدخل بشكل فوري وتلقائي عند وقوع أي أعمال عنف". من جهتها، أعلنت محافظة باريس أنها ستمنع "تظاهر وتجمع الأشخاص الذين يدعون بأنهم من "السترات الصفراء" في بعض المواقع الحساسة من العاصمة باريس". 245 مظاهرة احتجاجية ستجوب شوارع المدن الفرنسية ويأتي هذا الإضراب الذي يتوقع أن يشل الاقتصاد الفرنسي، بعد مرور نحو عام على انطلاق مظاهرات "السترات الصفراء". هذه الحركة الاحتجاجية ظهرت بوادرها في مايو 2018 بسبب زيادة أسعار الوقود ثم ازدادت حدتها وقوتها في نوفمبر من نفس السنة لتشهد بعد ذلك تدريجيا فقدان زخمها بدون الانقطاع عن التظاهر بانتظام. ويساند الإضراب 58 بالمئة من الفرنسيين حسب جريدة "لوبارزيان". الكثير من الموظفين الذين يسكنون في باريس وضواحيها القريبة والبعيدة يخشون من عدم التمكن من الوصول إلى أماكن عملهم الخميس. الأمر الذي أدى ببعض الشركات والمؤسسات إلى اقتراح حلول بديلة، كالعمل مثلا من المنزل أو قضاء ليلة الأربعاء الخميس في فندق بباريس على حساب الشركة أو في شقق تقع بالقرب من أماكن عملهم. هذا، ونقلت "لوبارزيان" أيضا عن وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستنير أن ما لا يقل عن 245 مظاهرة احتجاجية ستجوب شوارع المدن الفرنسية. في قطاع التعليم، أعلن وزير التربية جان ميشان بلانكير أن 55 بالمئة من عمال القطاع سيضربون عن العمل الخميس على المستوى الوطني، فيما ترتفع هذه النسبة إلى 78 بالمئة في العاصمة الفرنسية (أي 8 معلمين من أصل 10 سيشاركون في الإضراب). رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما والسبب وراء هذه الدعوات لتعبئة واسعة وغير مسبوقة من نقابات متعددة ورغم اختلافها، مشروع إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل الذي تقدم به جون بول ديلوفوا. هذا الوزير الفرنسي السابق هو الذي قام بصياغة مشروع القانون الجديد بطلب من الرئيس إيمانويل ماكرون الذي عينه مفوضا ساميا للتقاعد لدى وزارة الصحة. ويقترح المشروع إنشاء نظام تقاعدي يعتمد على النقاط ( أي حسب الاشتراكات المدفوعة من قبل الموظف) إضافة إلى رفع سن التقاعد من 62 عاما حاليا إلى 64 عاما. كما يسمح أيضا هذا القانون الجديد لكل موظف بالتقاعد في سن ال62 مقابل الحصول على معاش غير كامل. كما يسعى مشروع القانون الجديد إلى إلغاء بعض أنظمة التقاعد الخاصة التي كان يستفيد منها بعض العمال لا سيما أولئك الذين يعملون في قطاعات توصف بأنها "شاقة" مقابل التقاعد في سن مبكر عن السن المعتاد. وعلى سبيل المثال سائقو المترو والقطارات والناس الذين يعملون في الليل وخلال أيام العطل وتحت درجات حرارة مرتفعة في الصيف ومنخفضة في الشتاء مثل موظفي قطاع البناء. وجدير بالذكر أن إضرابا مفتوحا مماثلا تم تنظيمه في العام 1994 حينما كان آلان جوبيه رئيسا للحكومة في عهد الرئيس الراحل جاك شيراك. وفي النهاية أجبر الشارع جوبيه على سحب مشروع القانون حول التقاعد. فهل سيتوصل المضربون الخميس إلى نفس النتيجة مع رئيس الوزراء الحالي إدوار فيليب؟ p.p1 {margin: 0.0px 0.0px 0.0px 0.0px; text-align: right; font: 12.0px ‘Geeza Pro'} span.s1 {font: 12.0px ‘Helvetica Neue'} المصدر: الدار أ ف ب